قال الشاعر ابن الوردي : بين تبذير وبخل رتبة فكلا هذين إن زاد قتل هناك عبارة للفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو تقول (الاعتدال والعمل هما أفضل أطباء الإنسان) وحقيقة مايقوم به المسؤولون عن صندوق التنمية الكويتي يرفع الضغط والسكر لدى غالبية الشعب الكويتي لأنه يرى أمواله تبعثر يمينا وشمالا على منح وقروض غير مستردة فهي في كل فترة يتم شطبها عن الدول العاجزة عن السداد وما أكثرها فلا يكاد يمر يوم إلا ونرى صورا مستفزة ومرهقة لأعصابنا لمدير عام الصندوق وهو يوقع على منحة أو قرض مع ابتسامة عريضة وكأننا نشاهد مسرحية كوميدية سوداء تعصر قلوبنا ألما !!. مقولة أن الصندوق يمول نفسه من الصعب تصديقها ولا تنطلي إلا على السذج والبسطاء من المواطنين وهي تذكرني بمقولة وزير النفط السابق محمد البصيري المحسوب على الحركة الدستورية عندما أقر الكادر النفطي المدمر وقال بالفم المليان أن القطاع النفطي يمول هذا الكادر ولن يكون له تأثير على الميزانية العامة للدولة واتضح فيما بعد أن الباب الأول للميزانية المتعلق في الأجور قد التهم نصف الميزانية بسبب الكادر سيء الذكر وعندما انخفضت أسعار النفط أعلنت وزارة المالية عن عجز بالميزانية وصل إلى 8 مليارات دينار ونائب رئيس الوزراء وزير المالية وزير النفط بالوكالة أنس الصالح ضايع بالطوشة مايدري يصدر سندات خزينة وألا يسحب من الاحتياطي العام لتغطية العجز وكل ذلك في حقيقة الأمر ليس بسبب انخفاض أسعار النفط فقط ولكن بسبب سياسة مالية ونقدية خاطئة وقرارات وزارية مدمرة كقرار الكادر النفطي . لايخفى على أحد أن صندوق التنمية صرف لايقل عن 16 مليار دينار منذ إنشائه على منح وقروض ميسرة غير مستردة إلا ماندر منها وأتذكر أن أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمه الله وطيب ثراه في خطابه الشهير أمام جمعية هيئة الأمم المتحدة إبان الغزو العراقي الغاشم قد أسقط كل القروض عن الدول الفقيرة وهي بادرة إنسانية من بلد الإنسانية ولكن الصندوق نجده يمنح منح وقروض لدول بشكل مستمر ومستفز رغم أن المواقف السياسية لتلك الدول تسير في الاتجاه المعاكس لموقف مجلس التعاون الخليجي الذي تعتبر الكويت عضوا فاعلا فيه ونقصد هنا دولتان وسوف أذكرهما بالاسم وهما مصر ولبنان وحتى العراق فقد أغدق صندوق التنمية على لبنان رغم مواقفه السلبية وتصويته في جامعة الدول العربية هو والعراق ضد أي قرار إدانة لممارسات النظام الإيراني العدوانية وخاصة بعد حرق السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد وهو مايؤكد أن تلك الدول تدور في فلك نظام الولي الفقيه الذي بات يشكل خطرا حقيقيا على دول الخليج . أما جمهورية مصر التي نحبها ونعشقها ولكن هي تقابل الإحسان بالإساءة ونقصد هنا القيادة السياسية المصرية وليس الشعب المصري فهي اختارت الوقوف مع محور الشر الذي تقوده روسيا وحليفتها إيران الذي يعيث فسادا بالمنطقة مما يعرض أمن واستقرار دول الخليج للخطر وهذه السياسة الغامضة للقيادة المصرية هي سبب الخلاف الرئيسي بين المملكة العربية السعودية ومصر وعندما نقول للمسؤولين في صندوق التنمية الكويتي خل يكون عندكم شوية دم لأنه هذا الوقت بالذات والذي يتزامن مع جولة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الخليجية وإدارته المتوقعة للكويت أن يتوقف هذا الصندوق المفتوح وتغلق هذه الحنفية حتى تنتهي هذه الجولة المباركة ولكن للأسف يفاجئنا صندوق التنمية بمنحة 4.5 مليون دينار كويتي وكذلك قرض ميسر بقيمة 35 مليون دينار لجمهورية مصر ومن ناحية أخرى تفاجئنا مؤسسة البترول الكويتية على منح مصر شحنة شهرية من مشتقات النفط تعادل 3 ملايين برميل شهريا وهي نفس الكمية التي أعلنت شركة أرامكو السعودية وقفها نهائيا قبل أيام وليس هناك تفسير لهذا الموقف الذي يخلو تماما من الموائمة السياسية التي تفتقر لها وزارة الخارجية نظرا للتوقيت الخاطئ لهذه المنح والقروض التي ضررها أكثر من نفعها . شاهدت قبل فترة برنامج على قناة ام بي سي عن جمهورية جزر القمر التي هي عضو في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ورغم ذلك تعتبر ثالث أفقر دولة في العالم حيث تبلغ ميزانيتها 70 مليون دينار فقط وهو مبلغ يمتلكه عشرات الآلاف من رجال الأعمال العرب والمسلمين ولا نقول الدول العربية والخليجية خاصة. رئيس جزر القمر أحمد عبدالله قال في مقابلة مع مراسلة هذه القناة أن بلده تعاني من فقر مدقع ونقص المعدات الطبية والمستشفيات والمدارس وللأسف الدول العربية والخليجية حتى ليست لديها سفارات أو حتى قنصليات يبلغ عدد سكان جزر القمر 700 ألف نسمة وغالبيتهم من المسلمين ويتحدثون اللغة العربية والفرنسية ولغة محلية خاصة بهم . إن مايحز في النفس هو كلام رئيس جزر القمر الذي كشف عن طلب تقدمت به إسرائيل لفتح سفارة في بلده مقابل مبلغ مالي كبير ولكنه رفض هذا العرض المغري وقال إن هناك عرضا آخر من النظام الإيراني وهو لايستطيع أن يرفضه لأنه من دولة إسلامية وطبعا النظام الإيراني لديه مشروع توسعي وهو لا يوزع الأموال بدون مكاسب سياسية وأهداف ومصالح واضحة كما يفعل صندوق التنمية الكويتي وسوف تؤجر إيران إحدى الجزر لتحويلها لقاعدة عسكرية للتدريب والدعم اللوجستي للحوثيين خاصة أن جزر القمر قريبة من مدغشقر والساحل الأفريقي الذي لايبعد كثيرا عن اليمن. الملفت أن الكويت قد أعلنت قبل فترة عن اتفاق بينها وبين حكومة جزر القمر من أجل منح فئة البدون جوازات والسماح لهم بالعيش هناك ولذلك نعتقد أن على حكومة الكويت أن توجد علاقتها بجزر القمر وتحول جزء من استثماراتها الخارجية إلى تلك الجزر لأنها فعلا مشروع سياحي ناجح وكما يقول المثل (ضرب عصفورين بحجر) وهما حل قضية البدون بعد توفير حياة كريمة لهم هناك ومنحهم أيضا الإقامة في الكويت للتواصل مع ذويهم والبلد الذي ولدوا وترعرعوا فيه وأيضا دراسة مشاريع استثمارية تعود بالنفع على الاقتصاد الكويتي وكذلك منحها منح وقروض ميسرة من صندوق تحول إلى سبيل لدول قلبت ظهر المجن لليد الممدودة لها. هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق أعضاء مجلس الأمة الجديد من أجل المحافظة على أموال الشعب الكويتي تهدر هنا وهناك بواسطة صندوق للتسلية وليس التنمية !! وكما استطاعت الحكومة نوعا ما وقف حنفية العلاج بالخارج فقد جاء الدور على صندوق التنمية حتى تكون الأموال التي يصرفها تحت المراقبة وتخدم المصالح الكويتية العليا وكذلك مصالح دول الخليج لأننا أصبحنا جزء لايتجزا من منظومة دول مجلس التعاون الخليجي. يقول المثل (المال الذي يحتاجه البيت يحرم على الجامع وفي الوقت الذي تعاني البلد من نقص في الجامعات والمستشفيات وشبكات طرق حديثة وطلبة يدرسون على حسابهم الخاص في الخارج وطابور طويل من الباحثين عن وظيفة وطابور آخر ينتظر عشرات السنين بيت العمر نجد صندوق التنمية يبعثر أموال الشعب الكويتي بطريقة استفزازية لا تراعي مشاعر المواطنين فهم أولى بتلك الأموال التي تضيع هباء منثورا بدون أي مردود مادي أو حتى سياسي فسياسة الشيكات المفتوحة لم تمنع كارثة الغزو العراقي من الوقوع فقليل من التدبير والإحساس بالمسؤولية والقرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود والأقربون أولى بالمعروف. أحمد بودستور
مشاركة :