معبد يهودي قرب الأقصى

  • 12/6/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

استمع حافظ البرغوثي يكتظ العالم العربي وامتداده الإسلامي بالفتن والحروب والخلافات، وينهمك حتى أصحاب الشأن المباشر أي الفلسطينيون بالخلافات الداخلية، بينما يخرج الاحتلال من جعبته مشروعاً استيطانياً دينياً في قلب القدس المحتلة وعلى بعد 200 متر هوائي من المسجد الأقصى لبناء وتشغيل مجمع ديني يهودي ضخم بتكلفة 13 مليون دولار. وكانت الحكومة الإسرائيلية أوصت قبل سنتين بإقامة هذا المبنى على وجه السرعة. وكان مقرراً أن يوضع حجر الأساس في مطلع صيف هذا العام لكن خلافات بين التيارات الدينية اليهودية حول تشغيله أجلت ذلك حتى الخميس الماضي حيث أعلنت شركة تطوير الحي اليهودي عن مناقصة البناء التي تشمل تشييد مبنى بارتفاع 25 متراً، أي أعلى من محيطه الإسلامي المتمثل بقبة الصخرة ينتهي بقبة ضخمة، والمعروف أن المعابد اليهودية لا تتميز بالقباب لكن المخططين اليهود أرادوا بناء قبة تنافس القباب الإسلامية والمسيحية المحيطة وأعلى منها لتطغي على المشهد المعماري المعتاد في المدينة. ويضم المعبد طابقين تحت الأرض، بزعم وجود آثار يهودية قديمة في الموقع الذي تبلغ مساحته 1400 دونم بينما هي آثار بيزنطية وإسلامية تم الاستيلاء عليها بطرق مختلفة خلال العقود الماضية حيث تنتشر حول المسجد الأقصى خاصة من الجهة الجنوبية عشرات المدارس الدينية اليهودية والمعابد بعد الاستيلاء على البيوت وتحويلها إلى أماكن عبادة يهودية. وقد لوحظ حول المسجد الأقصى وجود عشرات من ورشات الحفر تمت تغطيتها بسواتر لمنع معرفة ما يجري فيها. ويتضمن المشروع الذي سمي بجوهرة إسرائيل حمامات للرجال والنساء ومعرضاً يهودياً تحت الأرض وقاعات اجتماع ومصلى للرجال وآخر للنساء إلخ.. ليكون مركزاً دينياً وموقعاً للجذب السياحي اليهودي. فالمبنى الجديد يمهد لمشروع إقامة الهيكل وليس بديلاً له لأن الترتيبات سواء التي تقوم بها الجماعات المسماة جمعيات بناء الهيكل وعددها أكثر من عشر جمعيات جارية على قدم وساق بدعم من الأحزاب في الحكومة الإسرائيلية التي تدعم الاستيطان وتركز على البلدة القديمة ومحيطها لتغيير الطابع العمراني لها واصطناع طابع يهودي يغطي على المعالم الإسلامية والمسيحية. وقد خلصت هذه الجماعات والأحزاب إلى خلاصة مضمونها أنه لا يمكن بناء الهيكل إلا بعد هدم المسجد وقبة الصخرة وهناك من يتحدث عن ذلك صراحة. وتظل تهديداتهم بلا رد مواز، ولعل مشروع حظر الآذان بمكبرات الصوت أحد مظاهر هذا التوجه الديني اليهودي في المدينة. وفي موازاة ما يخطط له الاحتلال في المدينة لا توجد استراتيجية لا فلسطينية ولا عربية أو إسلامية لمواجهته لأن الخلافات الدموية بين الدول العربية نفسها تطغى على أية مشاريع تمس المقدسات وتنسي العامة ما يتهددها من خطر، كما أن الخلافات الداخلية الفلسطينية سواء الانقسام بين غزة والضفة وفتح وحماس والخلاف بين تيارات فتح جعلت أولوية مواجهة الاحتلال ومخططاته تتراجع في جدول العمل الفصائلي الفلسطيني، وأتاحت لسلطات الاحتلال الاستفراد بالهبة الشعبية في القدس حيث مارست سلطات الاحتلال أقسى أنواع القمع ضد المقدسيين من هدم منازل واعتقالات يومية وأحكام جائرة ضد مئات الأطفال، وفرض ضرائب باهظة على التجار وقطع أرزاقهم من دون أن يتلقوا أي دعم خارجي. فالوضع العربي أو الفلسطيني غير مكترث بالأخطار التي تتهدد المدينة المقدسة، وينصب الاهتمام على السياسة المنتظرة للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لعله يخرج بسياسة جديدة ولذلك نرى اهتماماً بتعيينات ترامب للخارجية والدفاع وكأنها ستوحي بتغييرات في السياسة الأمريكية لكن الساذج يعرف أن التغيير في السياسة لا ينبع من الوزراء بل هناك منظومة كبيرة من مراكز صنع القرار في الولايات المتحدة ليست الإدارة وحدها من يقررها. فهناك المستشارون ومراكز المال والاقتصاد والمخابرات والجيش والكونغرس وكلها لا تقدم على تغييرات فجائية ومجانية. يبقى أن تغيير الطابع العمراني للقدس كما حدث منذ بداية الاحتلال من جهة باب المغاربة وإقامة أبنية استيطانية لا تنسجم مع الطابع التقليدي للبلدة القديمة هو بداية مرحلة التهويد الكلي للمدينة المقدسة بإقامة مبان ذات طابع هجين لا يمت للطابع الموروث بأية صلة ويخدش المشهد الديني القديم، وهذا الأمر يجب عرضه مجدداً على منظمة اليونيسكو والتي أقرت في وقت سابق أن حائط البراق إسلامي ولا علاقة لليهود به، فالقوانين الدولية تحظر إجراء ما يمس الطابع المعماري القديم والبناء على أنقاضه أو هدمه وهذا التغيير يحاول التطفل على تاريخ المدينة وموروثها المعماري والحضاري. ولكن من يسمع أنين القدس وأهلها في خضم الأحداث المدمرة في المحيط الإقليمي! hafezbargo@hotmail.com

مشاركة :