أعلنت القوات الليبية الموالية لحكومة الوفاق الوطني أمس الإثنين (5 ديسمبر/ كانون الأول 2016) «فرض السيطرة الكاملة» على مدينة سرت على الساحل الليبي بعد أشهر من معارك متواصلة مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وقال المتحدث باسم هذه القوات رضا عيسى لوكالة «فرانس برس»: «قواتنا تفرض سيطرتها بالكامل على سرت»، و»شهدت قواتنا عملية انهيار تام للدواعش». وتم تحديث صورة الغلاف على صفحة «عملية البنيان المرصوص»، وهو اسم العملية العسكرية في سرت، على موقع «فيسبوك»، ونشرت صورة لجنود يرفعون شارة النصر، مع عبارة «انتصر البنيان وعادت سرت». وأوردت الصفحة «انهيار تام في صفوف الدواعش والعشرات منهم يسلّمون أنفسهم إلى قواتنا». وانطلقت العملية العسكرية في (12 مايو/ أيار)، وحققت القوات الحكومية تقدماً سريعاً في بدايتها مع سيطرتها على المرافق الرئيسية في سرت (450 كلم شرق طرابلس) المطلة على البحر المتوسط. لكن هذا التقدم سرعان ما بدأ بالتباطئ مع وصول القوات إلى مشارف المناطق السكنية في المدينة، لتتحول المعركة إلى حرب شوارع وقتال من منزل إلى منزل. ومنذ (نهاية أكتوبر/ تشرين الأول)، كانت القوات الحكومية تحاصر عناصر تنظيم «داعش» في رقعة صغيرة في المدينة. وبدأ التنظيم يتغلغل في سرت في 2014 مستغلاًّ الفوضى التي سادت ليبيا منذ سقوط الزعيم معمر القذافي، وسيطر عليها بشكل كامل في (يونيو/ حزيران 2015). وتشكل خسارة سرت الواقعة على بعد 450 كلم شرق طرابلس ضربة جديدة للتنظيم بعد الهزائم التي مني بها خلال الأشهر الماضية في العراق وسورية. وتسببت المعارك في استعادة المدينة التي اتخذ منها المتطرفون معقلاً وحاولوا التمدد خارجها، بمقتل 700 شخص وإصابة ثلاثة آلاف آخرين بجروح في صفوف القوات الحكومية. وخلال الأيام الماضية، دعت قوات حكومة الوفاق النساء والأطفال إلى الخروج من مناطق المعارك. وبين (يونيو 2015) و(مايو 2016)، فرض تنظيم «داعش» قوانينه على سرت، وقطعت أياد، وأعدم الناس بشكل علني، وساد الرعب. وشكلت سرت وهي مسقط رأس القذافي وتقع على بعد نحو 300 كلم فقط من أوروبا قاعدة خلفية للتنظيم استقطبت المقاتلين الأجانب الذين جرى تدريبهم على شن هجمات في الخارج، ما أثار مخاوف في الدول الغربية. وقدمت هذه الدول دعماً كبيراً لحكومة الوفاق مطالبة بأن تكون محاربة المتطرفين أولويتها المطلقة. ومن شأن التخلص من الخطر المتطرف أن يفسح المجال لحكومة الوفاق أن تنصرف إلى معالجة مشاكلها الأخرى الكثيرة. ففي ليبيا حاليّاً حكومتان، الأولى مدعومة من المجتمع الدولي ومقرها طرابلس وهي التي تساند القوات التي تقاتل في سرت، والأخرى تتمركز في الشرق ولا تتمتع باعتراف المجتمع الدولي لكنها تحظى بمساندة قوات كبيرة يقودها الفريق أول ركن خليفة حفتر. وتلقت حكومة الوفاق خلال عمليتها العسكرية دعماً من الولايات المتحدة تمثل بغارات محددة الأهداف تمَّ خلالها استهداف قيادات في التنظيم المتطرف.
مشاركة :