تنظيم الدولة الإسلامية. العرب [نُشرفي2016/12/06، العدد: 10477، ص(4)] سرت تعود طرابلس - قال المتحدث باسم القوات الليبية الموالية لحكومة الوفاق الوطني، رضا عيسى، لوكالة فرانس برس “قواتنا تفرض سيطرتها بالكامل على سرت”، و”شهدت قواتنا عملية انهيار تام للدواعش”. وتم تحديث صورة الغلاف على صفحة العملية العسكرية في سرت “البنيان المرصوص”، على موقع “فيسبوك”، ونشرت صورة لجنود يرفعون شارة النصر، مع عبارة “انتصر البنيان وعادت سرت”. وأوردت الصفحة “انهيار تام في صفوف الدواعش والعشرات منهم يسلمون أنفسهم لقواتنا”. وانطلقت العملية العسكرية في 12 مايو الماضي، وحققت القوات الحكومية تقدما سريعا في بدايتها مع سيطرتها على المرافق الرئيسية في سرت (450 كلم شرق طرابلس) المطلة على البحر المتوسط. لكن هذا التقدم سرعان ما بدأ بالتباطؤ مع وصول القوات إلى مشارف المناطق السكنية في المدينة، لتتحول المعركة إلى حرب شوارع وقتال من منزل إلى منزل. ومنذ نهاية أكتوبر، كانت القوات الحكومية تحاصر عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في رقعة صغيرة في المدينة. وبحسب خبراء، خسر تنظيم الدولة الإسلامية سرت، معقله الرئيسي في ليبيا وقاعدته الخلفية المهمة المطلة على البحر المتوسط، ليفقد بذلك نقطة الاستقطاب الرئيسية له في شمال أفريقيا، لكن ذلك لا يعني خروجه من المشهد الليبي بشكل مطلق. وفي ظل الفوضى الأمنية التي تعم ليبيا منذ خمس سنوات والانقسامات بين قواتها العسكرية الرئيسية في غرب البلاد وشرقها، تبقى أمام تنظيم الدولة الإسلامية فرصة التمدد إلى منطقة أخرى في البلد الشاسع الغني بالنفط وخصوصا في الجنوب الغارق في الصراعات القبيلة. ويقول الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ماتيا توالدو، لوكالة فرانس برس إن “اجتياح سرت وإقامة ولاية فيها شكلا ضربة دعائية كبيرة لتنظيم الدولة الإسلامية نجح خلالها في استقطاب المقاتلين من كل أنحاء شمال أفريقيا ومنطقة الساحل الأفريقي”. ويضيف أن “فقدانها قد يعني خسارة مرحلية لقوة محركة أساسية له”. على مدى أكثر من عام، ومنذ سيطرته عليها بشكل كامل في يونيو 2015، شكلت سرت، وهي مسقط رأس القذافي، ملاذا للتنظيم الجهادي الذي جعل منها قاعدة خلفية له تستقطب المقاتلين الأجانب الذين جرى تدريبهم على شن هجمات في الخارج. وفي هذه المدينة المتوسطية الواقعة على بعد نحو 300 كلم فقط من أوروبا، قطعت الأيادي وأعدم الناس في الساحات. وفي شوارعها الرئيسية، رفعت رايات التنظيم الجهادي السوداء، وفرض على السكان أداء الصلاة في مواعيدها، ومنعت النساء من مغادرة منازلهن من دون محرم. واستغل تنظيم أبي بكر البغدادي الفراغ الأمني الذي تشهده ليبيا منذ الإطاحة بنظام القذافي بفعل الصراع على السلطة ليرسخ موطئ قدم له في 2014، بدءا من مدينة درنة في أقصى الشرق، ومرورا ببنغازي (ألف كلم شرق طرابلس) ووصولا إلى سرت القريبة من أبرز موانئ تصدير النفط. ولا يعرف بالتحديد عدد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا، لكن مسؤولين أميركيين وفرنسين قدروه قبل أشهر بأنه يتراوح بين خمسة آلاف وسبعة آلاف. لكن متحدثا باسم القوات الحكومية أعلن في منتصف مايو بعد إطلاق معركة سرت، أن عددهم لا يتجاوز الألف. وبعد سرت، ستتجه الأنظار نحو الجنوب الليبي شبه المنسي، المحاذي للسودان وتشاد والنيجر والغارق بالصراعات القبلية والسياسية. ويرى مؤسس موقع “آيز أون ليبيا”، جيسون باك، أن “إنهاء سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على سرت لا يعني إنهاء وجوده في ليبيا”، مضيفا أن “قدرة التنظيم على تأسيس قواعد له في مناطق أخرى في ليبيا هي نتيجة مباشرة للفوضى والانقسام السياسي وغياب سلطة الدولة” منذ 2011. ويضيف “من المحتمل أن يكون قادة كبار في تنظيم الدولة الإسلامية قد تمكنوا من الفرار نحو الجنوب في الأيام الأولى من المعركة، أو خلال مراحل وقف إطلاق النار، التي هدفت إلى إخراج عائلات من سرت، لذا فإن التنظيم لن يواجه الكثير في سعيه لإعادة التجمع في الجنوب الليبي”. وفي ليبيا حاليا حكومتان؛ الأولى مدعومة من المجتمع الدولي ومقرها طرابلس تحظى بمساندة القوات التي قاتلت التنظيم في سرت، والأخرى تتمركز في الشرق ولا تتمع باعتراف دولي لكنها تحظى بمساندة قوات المشير خليفة حفتر، وهي قاتلت تنظيم الدولة الإسلامية في بنغازي، والأرجح أنها قد تلعب دورا في حال محاولة التنظيم الانتقال إلى منطقة أخرى في ليبيا. ولا يستبعد توالدو من جهته أن يقوم عناصر داعش بالانضمام إلى تنظيمات جهادية أخرى في ليبيا، على رأسها جماعة “أنصار الشريعة” القريبة من تنظيم القاعدة. ويوضح الباحث أن “بعض المقاتلين الليبيين في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية انضموا إليه بعدما كانوا ضمن صفوف جماعة أنصار الشريعة، ولذا تبقى إمكانية العودة إليها قائمة”. لكن أغلبية عناصر داعش في ليبيا هم من “المهاجرين” الآتين من دول أخرى في شمال أفريقيا على رأسها تونس، ومن دول خليجية أيضا بعدما فشل في استقطاب الليبيين بشكل عام الذين يعيشون في مجتمع بدوي محافظ إنما غير متشدد. ومنذ بداية ظهوره في ليبيا، يواجه التنظيم بسبب عدم قدرته على التمدد واستقطاب السكان المحليين، معضلة رئيسية تتمثل في إيجاده مصادر لتمويل نشاطاته وإقامة نظام مالي فعال على غرار النظام الذي يتبعه في كل من سوريا والعراق. :: اقرأ أيضاً مؤتمر فتح يحوّل الحركة من حزب السلطة إلى حزب عباس ترامب يريد كشف أسرار الاتفاق النووي مع إيران رهان على وزير الدفاع العراقي المقال في تسوية محاصصة جديدة خيارات المعارضة السورية تتضاءل في أحياء حلب الشرقية
مشاركة :