ماذا يريد العراقيون من ترامب؟ بقلم: إبراهيم الزبيدي

  • 12/6/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

من أجل أن يتبين العراقيون من ترامب خيطه الأبيض وخيطه الأسود في المسألة العراقية، فهم يريدون منه اعتذارا صريحا وعلنيا عن الخطايا التي ارتكبتها الإدارات الأميركية السابقة بحقهم، ليقنعهم بأنه لن يتواطأ عليهم، كما فعل سلفه. العربإبراهيم الزبيدي [نُشرفي2016/12/06، العدد: 10477، ص(8)] كما قال حكماء الزمان، لن تستطيع قهرَ أمةٍ حية من الخارج، ولكنك قادر على هزمها بسهولة لو تمكنتَ من ضرب وحدة شعبها من الداخل. وهذا ما فعلته إيران، وساعدتها عليه أميركا الجمهوريين والديمقراطيين من ربع قرن ويزيد. فالغزو الأميركي كان خطيئة كبرى. ولكن خروجَ الجيش الأميركي من العراق، هاربا، وتركَه لإيران وميليشياتها، كان خطيئة ثانية أكبرَ من سابقتها بكثير. وبالرغم من كل ما حدث، فقد ظل بعضٌ من أصحاب النوايا الحسنة العراقيين لا يُخوِّن الإدارات الأميركية المتعاقبة، ولا يتهمها بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، بل يتساهل ويصمُها بقلة الفهم وخطأ التقدير أو التدبير. ولكن الذي فعله باراك أوباما في ثماني سنوات، بإغماض عينيه عما يفعل الظالمون الإيرانيون وعبيدُهم العراقيون، وبدعمه الكامل الشامل لحكومة حزب الدعوة، وهو يعرف ويسمع ويرى ظلمها وفسادها وعبوديتها لإيران، ورعايتها لإرهاب الميليشيات بمال الدولة وسلاحها وقضائها، جعل العراقيين، وأولهُم أصدقاءُ العم سام وحلفاؤه، يبصمون بالعشرة على أن دولة الحرية والديمقراطية متواطئة ضد العراق وأهله، وأنها تتحالف عليه مع أسوأ الأنظمة السلفية المتخلفة الحاكمة بدكتاتورية الفكر الطائفي الواحد، والمُجاهِرة بتصدير إرهابها (الثوري) إلى دول المنطقة والعالم، والمتباهية بتأسيس الميليشيات وتمويل الجماعات الإرهابية الشيعية والسنية وتسليحها. وبرغم حملات التهجير الطائفي التي أدانتها مؤسساتٌ وشخصيات سياسية مهمّة في أميركا ذاتها، والأمم المتحدة، والعشرات من المؤسسات الدولية المستقلة المدافعة عن حقوق الإنسان، واعتبرتها جرائم حرب ضد الإنسانية، فإن إدارة أوباما كانت تصر على معاضدة حكومة حزب الدعوة، سيئة الصيت، ومدها بكل أنواع الدعم والمؤازرة، والتغني بعدالتها وشرعيتها الديمقراطية، وهي تعلم أنها فاسدة، من رأسها إلى أذنابها الكثيرين. والآن، ماذا يريد العراقيون من إدارة الرئيس الجديد وأعوانه الذين يجاهرون بإدانتهم لإيران وإرهابها، وتسفيههم لسياسات أوباما العراقية التي أضرت بمصالح أميركا وهيبتها قبل غيرها؟ في الحقيقة لا يريد العراقيون منها أن تعاود غزوها مرة أخرى، ولا أن ترسل جنودها للقتال نيابة عنهم لمواجهة الاحتلال الإيراني البغيض. لقد تفاءل عراقيون كثيرون بمجيء ترامب ووزرائه الصقور، خصوصا وهم يعلنون، صراحة، بأن إيران هي أصل خراب المنطقة ومنبت الإرهاب والعنف والتخلف. ولكن “الفار يلعب في عب” كل عراقي حين يسمع ترامب مُعلنا أن أولوياته هي هزيمة داعش، ثم يهاتف حيدر العبادي، ويعده باستمرار دعم الإدارة الجديدة لحكومته من أجل محاربة الإرهاب. فكيف يتحالف مع إرهاب لقتال إرهاب آخر؟ وكيف يمكن أن تكون إيران أكبر داعم للإرهاب، حسب بيانات ترامب المتكررة، ثم تكون حليفته في مواجهة الإرهاب؟ ومن أجل أن يتبين العراقيون من ترامب خيطَه الأبيض وخيطَه الأسود في المسألة العراقية، فهم يريدون منه اعتذارا صريحا وعلنيا عن الخطايا التي ارتكبتها الإداراتُ الأميركية السابقة بحقهم، ليقنعهم بأنه لن يتواطأ عليهم، كما فعل سلفُه، مع دولةٍ راعية للإرهاب. وأن يُلحق اعتذاره بإعلان واضح وصريح ونهائي يشترط لتقديم أي دعم أميركي لحكومة حزب الدعوة أن تقوم بما يلي وعلى الفور: - سحب موافقاتها السابقة على تواجد قاسم سليماني وجواسيسه في العراق، وإخراجه، وإخراجهم، من عراق ما بعد داعش، وعدم السماح بعودتهم، بأي حال، وبأي شكل من الأشكال. - نزع سلاح الميليشيات، كل الميليشيات، شيعية وسنية على السواء، وحصر السلاح بجيش الدولة الوطني وحده دون شريك. - تحرير القضاء من الحكام المزوّرين والمرتشين، واستعادة استقلاله ونزاهته وحياده. - سَوْقُ جميع المُثبَت عليهم القيامُ بأعمال إرهابية وجرائم إنسانية من أي طائفة، وأي حزب، وأي ميليشيا، كبيرِهم قبل صغيرهم، إلى ساحات القضاء، وعلى شاشات التلفزيون. - ملاحقة المختلسين، والمزورين، واستعادة أموال العراقيين المسروقة، ومطالبة الحكومات العربية والأجنبية بإعادة ما هرّبوه إليها، دون تأخير. - ضبط تصدير النفط، ومنع تهريبه، وملاحقة الذين مارسوا تهريبه من أول العام 2003، دون محاباة ولا تمييز. - تنقية مناهج التعليم من أي مواد تروج للخرافة والتعصب والتطرف والعنف، وزيادة نسبة الدروس العلمية. - منع استخدام الأطفال دون الثامنة عشرة في المهن اليدوية، وإعادة تفعيل إلزامية التعليم. - إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين، وكل من اعتقل دون تهمة محددة، ودون تحقيق. - تعديل دستور بريمر الذي أسس للغش والتفرقة والتزوير، وكتابة دستور جديد لا يَقسم العراقيين إلى شيعة وسنة وأكراد، بل يساوي بين العراقيين في الهوية الوطنية، وحدها، وغير مفصل على مقاس الإقطاعيين السياسيين وأحزابهم وميليشياتهم. - إعداد قانون انتخاب جديد عاقل وعادل، وإجراء انتخابات جديدة نزيهة يُمنح فيها العراقي حق الاختيار بحرية وشفافية وحياد. - إصدار قانون يَمنع من الترشح للانتخابات القادمة كلَّ من انتمى لميليشيا أو قبَض أموالا أو سلاحا من خارج الحدود، أو تخابر مع دولة أجنبية. - أن تمتنع الحكومة، قطعيا ونهائيا، عن تمويل أي احتفالات دينية، والمشاركة فيها، وإشغال الجيش وقوى الأمن بحمايتها وحراستها. - أن ترفض الحكومة أي وصاية من أي جهة دينية أو قبلية، أيا كان اسمُها وصفتُها ولونُها وشكلُها، وأن تشدد على أن مرجعيتها الوحيدة هي سلطة الشعب وسيادة القانون. - أن تزيل جميع صور الرموز الدينية، وتمنع وجود أي شعارات طائفية أو أي صورة لأي مرجع ديني، أو أي زعيم دولة أجنبية في المؤسسات الرسمية والساحات والشوارع العامة. - الكف عن إهدار المال العام على مشاريع إلهائية فاشلة باسم “المصالحة الوطنية”، أو “التسوية التاريخية”، والعمل على مصالحة شعبية شاملة يحققها العدل والمساواة بين شرائح الشعب العراقي صاحبة الحق الوحيدة في المصالحة، وليس بين جماعات الإقطاع الحزبي والديني والقومي، وخاصة تلك التي ثبت فشلها وفسادها. - غلق جميع الفضائيات والإذاعات والصحف التي تدعو إلى العنف والتطرف، وتؤجج الأحقاد، وتروج للخرافات والأساطير، وتنشر الفكر الظلامي المتخلف. - إجازة التظاهر والاحتجاج، وعدم عرقلة مسيراتها حتى لو كانت ضد الحكومة نفسها. - غلق جميع المساجد والحسينيات التي تروّج للتكفير والخرافة، وتدعو إلى القتل والسبي وقطع الرؤوس. - دعوة جميع المغتربين للعودة، وضمان أمنهم، وفتح أبواب الدولة لخبراتهم وكفاءاتهم، دون تفريق وتمييز. - إعادة جميع المهجّرين إلى منازلهم ورفض كل عملية تغيير ديموغرافي تمت بقوة السلاح. فإذا وفت حكومة حزب الدعوة بهذه المطالب المشروعة والقابلة للتحقيق، فليس من سيعاتب السيد ترامب لو قرر أن يُعينها، وأن يتغنى بعدالتها، ويدافع عن شرعيتها. أما إذا لم تستجب، ولم تبدأ على الفور بالعمل على تنفيذ هذه المطالب، فلا أحد، لا أحد مطلقا، سوف يُسامح ترامب ومساعديه إذا لم يعلنوا أن حكومة حيدر العبادي فاقدة للشرعية، ومن واجب العراقيين فعلُ كل ما في استطاعتهم لإسقاطها، ونقل السلطة إلى غيرها. وستكون معاونة الإدارة الأميركية الجديدة للشعب العراقي على قلب الطاولة السياسية على رؤوس أصحابها الفاسدين نوعا من سداد ديون كثيرة له في رقبة العم سام. وسيغفر العراقيون، جميع العراقيين، ما خرّبه الأميركيون السابقون، في نصف قرن من الزمان، لا في العراق وحده، بل في المنطقة والعالم. وخلاصة القول إن كل ما يريده العراقيون من ترامب هو دعمُهم، بجد وصدق وإخلاص، لإعادة وطنهم إلى ما قبل حماقات رفاقه الجمهوريين، وخيانات خصومه الديمقراطيين. فهل يفعل؟ كاتب عراقي إبراهيم الزبيدي :: مقالات أخرى لـ إبراهيم الزبيدي ماذا يريد العراقيون من ترامب؟, 2016/12/06 عن أحوال القوى الرديفة في العراق, 2016/11/29 ملاحظات عاجلة على التسوية التاريخية في العراق, 2016/11/22 نحن وإيران، من أوباما إلى ترامب, 2016/11/20 هل ينتحر الحوثيون في مكة، أم يعقلون؟, 2016/11/15 أرشيف الكاتب

مشاركة :