ارهابي تونسي تائب يقدم دروسا في "الاستقطاب المضاد"!

  • 12/6/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تحولت استضافة الإرهابي التونسي "التائب" طارق المعروفي، في برنامج "لمن يجرؤ فقط" على قناة "الحوار التونسي" الخاصة ليلة الأحد إلى قضية رأي عام. طارق المعروفي هو سلفي جهادي وأحد مؤسسي "الجماعة المقاتلة" التونسية، حكم عليه بالسجن لمدة 6 سنوات في السجن لدوره في عمل جوازات سفر وهمية حيث كان يتخذ من بروكسل مقراً له حيث اتهم بتزوير جوازات سفر بلجيكية وهمية لأشخاص قاموا بتنفيذ عملية اغتيال القائد أحمد شاه مسعود قبل يومين من هجمات 11 سبتمبر. غادر طارق المعروفي البلاد سنة 1988 باتجاه بلجيكا لدراسة الصحافة ولم يتيسّر له ذلك، ثم اضطرّ للشغل بعدة أعمال واستقرّ بإذاعة "الوطن" الناطقة بالعربية في بروكسل وهي مؤسسة لها توجه قومي عربي مدعومة من حزب البعث العراقي، وتلقّى في الأثناء تدريباً صحافياً بمعهد خاص. وحصل على الجنسية البلجيكية سنة 1993. وتباينت آراء نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي حول استضافة الارهابي السابق المختص في استقطاب الشباب للحاق بركب الجهاد والقتال واسالة الدماء. واعتبر بعضهم انه الاكثر دراية ومعرفة بشؤون وأفكار وطريقة عمل الجماعات المتطرفة وبالتالي فان تقديم تجربته الخاصة وإعلان اعتذاره وتوبته وندمه الشديد امام المجتمع بأكمله وفي برنامج يسجل اعلى الارقام القياسية من حيث المتابعة له فائدة كبيرة ويمكن استخلاص العبر من ذلك وتجنيب الشباب من الوقوع فريسة سهلة ولقمة سائغة في حضن جماعات تكفيرية ومسلحة، في حين اعتبره البعض الاخر بمثابة "تبييض" للإرهاب، وهو ما يجرمه القانون التونسي. وكتب القيادي في حزب "حراك المواطنين"، طارق الكحلاوي: "إن موضوع المراجعات هو موضوع أساسي ومفصلي في أي استراتيجية جدية لمكافحة الإرهاب وتشتغل عليه الدول التي كافحت لفترات طويلة ضد الإرهاب في إطار برامج محددة وهي مسألة غائبة في منطق من هم في السلطة الآن. في حين راى المحامي والناشط السياسي، ماجد البرهومي، في تدوينة على فيسبوك، أن استضافة إرهابي هي "محاولة بائسة لإقناعنا بضرورة القبول بـ"توبة" الإرهابيين العائدين من سوريا و بؤر توتر أخرى. وأشار إلى أن الجهات التي تسعى لتبييض الإرهاب والتخفيف من حدة ما ارتكبوه من جرائم معروفة، مبرزاً العواقب السلبية لعودة الإرهابيين على أمن واستقرار تونس. ودعا البرهومي إلى التمعن في التجربة الجزائرية وما فعله العائدون من أفغانستان في العشرية السوداء هناك، متابعاً بأن هذا سيجعلنا نفهم خطورة ما ينتظرنا من "الإسلام الغاضب". واثارت عبارة الاسلام الغاضب بدورها ردود افعال كثيرة في تونس وموجة من الجدل والاستياء في الفترة الاخيرة. وكان رئيس حركة النهضة الاسلامية التونسية راشد الغنوشي رأى أنه لا يمكن تكفير تنظيم الدولة الاسلامية. واعتبر الغنوشي واقع "الدواعش" (نسبة إلى داعش التسمية الرائجة للتنظيم المتطرف) حالة متوترة وغاضبة، لكنه أوضح أنه لا يبحث لهم عن مبرر. وتخشى تونس عودة المقاتلين إلى أراضيها بينما سبق أن دفعت حركة النهضة الشريك في الائتلاف الحكومي السابق والشريكة حاليا في حكومة الوحدة الوطنية، لتبني قانون التوبة. وقد قوبل طرحها بانتقادات حادة في الساحة التونسية واعتبرت قيادات في المعارضة أنه يتيح لإرهابيين تلطخت ايديهم بدماء الابرياء سواء في تونس أو في سوريا أو العراق أو ليبيا، الافلات من العقاب. كما ذهب العديد من المدونين إلى الربط بين هذا الظهور التلفزيوني وبداية الحديث عن سن مشروع قانون للتوبة عن الشباب المتورط في الإرهاب والالتحاق بالتنظيمات الجهادية في بؤر التوتر في العراق وسوريا وليبيا. وعبر المعروفي عن ندمه وتوبته من حمل الفكر المتطرف والتكفيري مشيرا الى انه قام بمراجعات بعد لقائه ايمن الظواهري وابومصعب الزرقاوي. وعبر الارهابي المثير للجدل والذي عمل لفترة طويلة كاعلامي وصحافي في منصات اعلامية متطرفة ومتشددة تروج للجهاد في اوروبا انه الان اصبح فنانا وغنى الراي اثناء الحلقة كما ظهر بملابس عصرية. واعلن ايضا دخوله القفص الذهبي مؤخرا وزاوجه من تونسية، واعتبر انه يشتغل الان في مهمة خبير في الجماعات الاسلامية . وأصدر المعروفي منذ مدة كتاباً يحمل عنوان "فنان لا إرهابي"، تحدث فيه عن دواعي اعتناقه للفكر الجهادي، كما عرض ندمه وتنديده بالتنظيمات الإرهابية. وقدم الارهابي السابق رأيه في كيفية تأطير الارهابيين واعادتهم الى الطريق الصواب ورفع غشاوة الكره والنقمة عن قلوبهم. واكد على ضرورة الدعم العائلي للإرهابيين الموجودين في السجون والمحكوم عليهم في قضايا خطيرة واعتبر انه من المهم ايضا قيام رجال دين وخبراء في المجال بزيارات اليهم الى السجون لتوعيتهم وحثهم على اعلان ندمهم وتوبتهم. واعتبر المعروفي ان انجع وانجح طريقة للتخلص من الروافد الفكرية المتشددة والمتطرفة هي الاستقطاب المضاد اي مجابهة الافكار الظلامية بافكار تنويرية، ومحاربة التاويلات "الغاضبة" للإسلام بتحاليل دينية معتدلة. واكد الارهابي السابق طارق المعروفي احد ابرز مؤسسي التيّار الجهادي واحد زعماء خلية اوروبا للجهاديين التونسيين ان تنظيم الدولة الاسلامية الارهابي او ما يعرف بـ"داعش" هو إفرازات ما يعرف بالفوضى الخلاّقة وبأنه تنظيم صنعته المخابرات الدولية واسْتُعْمِل ويُسْتعمل وسيُسْتعمل لتمرير سياسات اجنبية متوجها للدواعش بالقول "لا مكان لكم في تونس". وتوجه طارق المعروفي الى الارهابيين التونسيين في صفوف داعش بالقول "رايتهم السوداء هي راية سوء ارادوا بها باطلا وعليكم نصرة بلدكم تونس ضد اي تدخل اجنبي وعدم زعزعة استقرارها. هؤلاء ضللوكم في ما يتعلق بمسألة الحاكمية والبراء وولاء ونصرة المظلوم وهذه مسائل يطول شرحها لكم". واكد طارق المعروفي بانه على ذمّة الدولة التونسية لمعاضدتها من أجل إعادة هؤلاء الشباب إلى حضيرة المواطنة والتعايش السلمي واصفا الارهابيين التونسيين في صفوف تنظيم داعش بالشباب المتهور. وأكد رئيس الهيئة العليا التونسية المستقلة للاتصال السمعي والبصري النوري اللجمي، في تصريح الاثنين عقدها لاجتماع نظر فيه أعضاؤها في محتوى حلقة برنامج "لمن يجرؤ فقط" لما أثاره حضوره من جدل واختلاف في الآراء لدى المتقبل. ووصف اللجمي الموضوع الذي تناولته الحلقة بـ"المهم"، مشيرا إلى أن "الهايكا" تستعد لإصدار بيان يتناول كيفية تعامل القنوات التلفزية والإذاعية مع القضايا الارهابية بصفة عامة، خاصة وأنه لم يتم التطرق إلى حالة مشابهة في السابق. وعما إذا كانت ستتخذ الهيئة تدابير ضد البرنامج أو عقوبات مثلما يروّج له، أكد محدثنا أن هيئة الاتصال السمعي والبصري مهتمة أكثر بإيجاد الطرق السليمة الكفيلة بالتعامل مع الملفات الارهابية بمهنية أكثر من اي شيء آخر، لافتا إلى ضرورة اتباع التروي وأخذ الوقت الكافي لدراسة الملف من النواحي القانونية وأخلاقيات المهنة وكيفية التعاطي مع القضايا الارهابية. وبحسب أرقام أممية يقدر عدد الجهاديين في بؤر التوتر بنحو 5 آلاف معظمهم في سوريا وليبيا وبدرجة أقل في العراق. وسبق أن أثار قانون التوبة الذي حاولت النهضة تمريره، جدلا واسعا وقد رفضته المعارضة ومكونات المجتمع المدني على اعتبار أنه يؤسس لعدم ملاحقة الارهابيين المسؤولين عن قتل المئات في بؤر التوتر وأيضا عن مقتل العشرات في تونس حيث ان معظم المقاتلين التونسيين كانوا قبل سفرهم اما في تنظيم أنصار الشريعة المحظور أو كتيبة عقبة بن نافع فرع القاعدة التونسي أو تنظيمات ارهابية أخرى مثل الدولة الاسلامية مع أن الحكومة التونسية تنفي وجود تنظيم هيكلي له وأن الأمر يتعلق فقط بأفراد لا بجماعة منظمة ودعت مديرة المعهد الأعلى للشريعة في تونس (حكومي) بثينة الجلاصي الى ضرورة الحوار مع الارهابيين، مؤكدة أنها تؤمن بإمكانية توبة التيارات المتطرفة ومراجعة فكرها التكفيري. وقالت "انهم و إن اختلفوا عن تفكيرنا وعن التوجه الفكري حيث لا نملك الا أن نرحمهم و نتحاور معهم"، داعية أيضا الى الحوار مع الارهابيين العائدين من سوريا والى توفير الاحاطة النفسية و التأهيل و الادماج في المجتمع و توفير ما يمكن توفيره من مواطن الشغل. واشارت الى ان الموقوفين على ذمة قضايا ارهابية يتجاوبون مع الوعاظ الذين يزورونهم في السجن. وقالت انها تؤمن بإمكانية توبة التيارات المتطرفة و بقدرتها على القيام بمراجعة فكرية. والجلاصي القريبة من حركة النهضة الاسلامية هي أول امرأة تم تعيينها قبل أيام على رأس مؤسسة دينية بحجم المعهد الأعلى للشريعة الذي يتخرج منه أساتذة مختصون في تدريس الشريعة ومنهم أيضا من يعينون أئمة بالمساجد. وترى الجامعية التونسية أن أكبر التيارات الدينية اجرت مراجعات لفكرها ومرجعياتها ومنها تيارات سلفية، مضيفة أن لا يمكن لهذه التيارات أن تظل على نفس خط سيرها. وجادلت في طرحها مستندة للآية الكريمة "وجالهم بالتي هي أحسن"، متسائلة هل للحكومة خطة للتعامل مع آلاف الموقوفين على ذمة قضايا ارهابية. واعتبرت أن الاسلام يحض على الحوار والاحسان والكلمة الطيبة. وعلى هذا الاساس شدّدت بثينة الجلاصي على الحوار مع المتطرفين لتصحيح انحرافهم عن العقيدة، مؤكدة في الوقت ذاته على دور المدرسة الزيتونية ومسؤوليتها تجاه هذا الأمر. وتتناغم دعوة الجلاصي القريبة من حركة النهضة مع ما سبق وأن طرحته النهضة ذاتها حين كانت تدفع بشدة نحو قانون التوبة، وهو الطرح الذي اثار جدلا واسعا واعتبر محاولة لإفلات الجهاديين العائدين من بؤر التوتر من المحاسبة. وقالت الجلاصي ان هناك تجاوب من قبل بعض الارهابيين الموقفين وأن هذا يعد مؤشرا ايجابيا يدعو للتفاؤل للحد من ظاهرة الارهاب. وقالت ان عقلية التونسي بطبيعتها التاريخية وفي جيناتها الأصلية هي عقلية معتدلة لا يمكن أن تعيش في بيئة متشددة ومع منهج وافد عليها وليس أصيلا في البيئة التونسية.

مشاركة :