في هذه الأثناء، يقوم سيدي خادم الحرمين الشريفين بزيارة رسمية لدولة الإمارات وقطر والبحرين التي تستضيف القمة الخليجية- وبعدها سيزور دولة الكويت الشقيقة. لهذه الزيارات لخادم الحرمين الشريفين رسائل متعددة للوطن والخليج والأمة العربية والإسلامية وأخرى إقليمية ودولية. أولى هذه الرسائل هي إبراز العلاقة الاستثنائية والمصيرية لدول الخليج التي يحكمها المصير المشترك والمصالح المتبادلة. للمملكة العربية السعودية أهمية كبرى في ربط وتوثيق المصالح والعلاقات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية بين هذه الدول التي تشترك في قواسم اللغة والدين والروابط الاجتماعية التي تتجاوز حدود الدول فيما بينها. ولعل مناورات أمن الخليج الأولى والتحالف العربي لخير برهان على بلورة هذه العلاقات في الوقت الحالي بتحرك أكثر فعالية يضمن الجاهزية لهذه الدول في أي وقت. بدأ الملك رعاه الله زيارته إلى الإمارات، وتعكس هذه الزيارة البعد الاستراتيجي لهذه العلاقة الخاصة بين السعودية والإمارات، فمن خلال اللجان الاستراتيجية بين البلدين التي ضمنت العمل المشترك والتنسيق العالي لخدمة مصالح الخليج والعرب والمسلمين إقليميا ودوليا. تأتي هذه الزيارة بعد الانتصارات التاريخية في الميدان في جبهات القتال باليمن، ونجاح التحالف في تأمين المناطق المحررة، وكذلك من خلال تعطيل قرارات دولية هدفت لإفساد المكتسبات الميدانية من خلال التعامل التكاملي لدول التحاف بقيادة السعودية والفعالية الإماراتية سياسيا وعسكريا. توج هذا النجاح أخيرا بانتقال وزراء الحكومة اليمنية لعدن وانتقال البنك المركزي اليمني لعدن، وما تلاه من إدارة الرئيس اليمني لدولته من عدن بعد تأمينها وجميع المناطق المحررة، وسيسعى الرئيس هادي للوقوف على الأوضاع الميدانية لجميع الجبهات وخدمة المواطن اليمني من أرض اليمن الشقيق. هذه الزيارات لدول الخليج ترسل رسائل للإقليم والعالم أن العلاقات بين دول الخليج صلبة وقوية، وبنيت من خلال مجلس التعاون على الحفاظ على وحدة منظومة الأمن الخليجي والاقتصادي والاجتماعي بشكل لا يتجزأ أمام الرأي الإقليمي والعالمي. فدول الخليج لديها من القوة الاقتصادية والسياسية ما مكنها من تكون لوبيات قوية وقفت في وجه عديد من التحديات الأمنية والاقتصادية، بل واستطاعت في فترات متعددة انتزاع القرارات الدولية سواء من مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة بما يخدم مصالح الخليج والعرب والمسلمين. إن الأجندة السياسية التي يحملها ملك الحزم والعزم في زياراته عديدة، وتشمل الأوضاع في اليمن والعراق وسوريا، والتدخلات الإيرانية في الشأن العربي، والولايات المتحدة بعد أوباما، وحلم الاتحاد الذي يراود الخليجيين الذي ربما يتم الدفع في هذا الملف لمراحل متقدمة، لأن معطيات الحالة السياسية والاقتصادية والإقليمية تملي على الخليجيين بخطوات في هذا الاتجاه الذي تأخرنا فيه كثيرا. إن حالة الفرح والسرور التي شاهدها الإنسان الخليجي في زيارات خادم الحرمين الشريفين لإخوانه وأشقائه، تعكس مستوى التلاحم والترابط بين الشعوب الخليجية وقياداتها، وهي قيم شربها الإنسان الخليجي من قيم عروبته وإسلامه في توقير واحترام قياداته، الحب المتبادل الذي بني من خلال حب القيادات الخليجية لشعوبها والانصهار معها نحو تحقيق مجتمعات مستقرة ومتطورة معرفيا واجتماعيا، ومحافظة على ثوابت الدين والشريعة. بعد دولة قطر، سيزور الملك دولة البحرين ثم دولة الكويت في الثامن من ديسمبر، وهي زيارات تعكس عمق الروابط بين هذه الدول والمملكة العربية السعودية. لقد سبقت زيارة الملك المفدى لدولة الكويت زيارة وزير الدولة ثامر السبهان، إن هذه الزيارة قد تعطي الضوء الأخضر لإعادة إنتاج النفط من حقل الخفجي والوفرة- حسب التسريبات لوكالات غربية- بعد توقف الإنتاج بسبب المخاوف البيئية في هذه المنطقة المحايدة بين البلدين. سيعطي إعادة الإنتاج لحقول هذه المنطقة بعدا استراتيجيا واقتصاديا ومعاني للتعاون وإدارة المناطق المحايدة إقليميا ودوليا. 500 ألف برميل ستضاف بإذن الله لاقتصاد البلدين وبإدارة واعية وراشدة لبلدان يربطها الحب والتقدير والمصير المشترك أرضا وإنسانا.
مشاركة :