كنت قد تحدثت في مقالي السابق عن حال بعض شبابنا وبناتنا بعد تخرجهم من الجامعة وانتظارهم للوظيفة التي قد تأتي سريعاً وربما تتأخر.. وعن أهمية العمل وتطوير الذات في الفترة بين الحصول على الوثيقة والحصول على الوظيفة.. وماذا عن الموظف الذي أصبح في مأمن مادي، وتلك نعمة من نعم الله العظيمة.. ماذا عليه أن يفعل فيما تبقى من حياته؟ سؤال مهم ويهز الوجدان.. فكم من موظف دخل وخرج من وظيفته وهو لم يزد على ما كان عليه ولم يغير في نفسه، ولم يضف إلى مجتمعه شيئاً.. أياً كانت وظيفتك التي تعمل بها.. فإن الرضا بالحال لا يعني الاستمرار عليه.. فالحياة تتغير من حولنا.. والوسائل والأنظمة تتغير.. والحاجة إلى السرعة والإنجاز تزداد إلحاحاً.. فإذا ما أصر الموظف على التمسك بحاله القديم، ولم يفكر بالتطوير فإنه سيجد نفسه بعد سنوات من الرفض كمحرك قديم بين عدة محركات جديدة.. وسيجد صعوبة في أن ينافسها في جودتها وسرعتها.. ولربما اضطره ذلك إلى طلب الانتقال إلى مكان أكثر ملاءمة لإمكاناته.. أو التقدم بطلب التقاعد المبكر إن استطاع.. لا علاقة للتطور بالعمر الفعلي بقدر ما يتعلق بتجدد الحياة في نفس كل واحد منا.. فمن يتأمل الناس من حوله سيجد شباباً بأرواح كهول وكهولاً بأرواح شباب.. والأولى نقمة والثانية نعمة.. اسأل نفسك أين أنت الآن؟ أين تريد أن تصل؟ ما هو العمل الذي يرتبط بوظيفتك وتريد أن تجده عند الله تعالى؟ كيف ستصل؟ كيف ستقوم بهذا العمل؟ عند قدرتك على الإجابة عن هذه الأسئلة ستتمكن من البدء في العمل لتطوير قدراتك مستعيناً بالله تعالى.. والنجاح طعمه لذيذ.. ويشجع الناجح على التقدم في سلمه درجة أخرى.. ليكن التطور عادة حياة حتى نلقى الله عز وجل..
مشاركة :