إدراك متأخر للحقيقة

  • 12/8/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

يونس السيد أقل ما يقال في كلام جون كيري وزير الخارجية الأمريكي المنتهية ولايته بعد أسابيع قليلة، حول الحقيقة الفلسطينية أمام منتدى سابان في واشنطن، أنه جاء متأخراً جداً، وإن كان يحمل اعترافاً صريحاً بأن اليمين الصهيوني لا يريد أي تسوية مع الفلسطينيين، وأنه من دون التوصل إلى حل عادل لقضيتهم لا يمكن التعايش، أو التوصل إلى سلام مع العرب. كيري الذي وجه اتهامات صريحة لقادة الكيان الصهيوني بتعمد إحباط جهود التسوية التي كانت إدارة أوباما تعمل على تحقيقها، هل كان يريد تسجيل موقف للتاريخ قبيل رحيله عن وزارة الخارجية، أم أنه كان يريد فضح الكيان وتحميله مسؤولية إفشال عملية التسوية، أم أنه كان يريد توجيه نصيحة للقادمين الجدد لإدارة دفة السياسة الخارجية الأمريكية؟ يقول كيري إن هناك حقيقة قاسية أدركها خلال السنوات الأخيرة، وهي أنه يستحيل إقامة سلام مع العرب من دون إقامة سلام مع الفلسطينيين، ويضيف أريد أن يكون ذلك واضحاً للجميع، ويشير إلى أن معظم قادة الكيان مقتنعين بأنه يمكن تحييد الفلسطينيين وإقامة سلام مع العالم العربي، وأنا أقول لا، لا، ثم لا، مؤكداً أن الطريق إلى هذا الهدف يمر عبر تسوية الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. وفي رد غير مباشر على مداخلة نتنياهو الذي سبقه بالكلام عبر الفيديو، اتهم فيها الفلسطينيين بالتعنت وإفشال جهود التسوية بسبب عدم اعترافهم بيهودية الكيان، معتبراً أن الاستيطان ليس عقبة في طريق التسوية، قال كيري إن بناء المستوطنات يقوض أي أمل في التوصل إلى اتفاق يسمح بتحقيق حل الدولتين، وأضاف أن أكثر من نصف وزراء حكومة اليمين المتطرف الحالية صرحوا علنا بأنهم يعارضون قيام دولة فلسطينية، وأنه لن يكون هناك دولة فلسطينية، وشدد كيري على أن المستوطنات هي العقبة الأكبر في طريق تحقيق التسوية مع الفلسطينيين والعرب. من الواضح أن كيري كان يتحدث وهو متحرر إلى حد بعيد من عبء المظلة الرسمية، والدعم الأعمى للكيان، ولكن لا يعتقد أحد أن كيري أراد الانحياز للفلسطينيين والعرب، فهو من أشد داعمي الكيان الصهيوني، والمدافعين عنه، ولكنه عندما يتحدث على هذا النحو فإنه ينطلق من منطلق الحرص على الكيان، وعلى مستقبله، وتمكينه من بيئة آمنة، وفي ظل علاقات طبيعية مع محيطه. ويا حبذا لو قال هذا الكلام في الوقت الذي كان يجب أن يقال فيه، حتى نقنع أنفسنا بأنه بدأ يتحول من داعم أعمى للكيان إلى الموضوعية، على الأقل، وليس الانحياز إلى الفلسطينيين والعرب. وفي كل الأحوال، يبقى كلام كيري أمام هذا التجمع السنوي لكبار صناع السياسة الإسرائيلية والأمريكية، الذي ينظمه مركز سابان لدراسات الشرق الأوسط، شهادة أيقظتها الحقيقة الفلسطينية من أصحاب البيت ذاته، على طريقة وشهد شاهد من أهلها، ولكنها جاءت متأخرة جداً. younis898@yahoo.com

مشاركة :