جيش خليجي موحد، جواز سفر موحد، عملة خليجية.. تلك بعض آمال الخليجيين التي تتجدد مع كل قمة لقادتهم. وأعادوا طرحها مع انطلاق أعمال القمة الـ37 لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في العاصمة البحرينية المنامة اليوم (الثلثاء)، وعلى رغم السير قدماً في طريق تحقيق بعضها بعد انتظار دام سنوات، إلا أن أخرى لم تبصر النور و«أُجلت إلى إشعارٍ آخر». وتأتي قمة المنامة في وقت بالغ التعقيد، في ظل الانخفاض الحاد في عائدات النفط، وتغير الخريطة السياسية للمنطقة، ووصول إدارة أميركية جديدة، إضافة إلى الحرب في اليمن نتيجة الانقلاب الحوثي على الحكومة الشرعية، والتدخلات الإيرانية في المنطقة، ما يعلّق آمال عريضة على القمة في تحقيق أحلام مواطني الخليج العربي في وحدة خليجية سياسية واقتصادية وعسكرية. وتفاعل خليجيون عبر منصات التواصل الاجتماعي مع خبر انطلاق أعمال القمة، وعبّر مغردون في موقع «تويتر» عن رغبتهم في وحدة دول الخليج العربي، بإطلاقهم وسماً بعنوان «الاتحاد حلم الخليج» لاقى انتشاراً كبيراً، تمنوا فيه أن تخرج القمة بإعلان «قرار الاتحاد الخليجي» الذي «طال انتظاره». وتداول مغردون مقطعاً مصوراً للملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز أثناء القمة الخليجية الـ32 في الرياض في العام 2011، دعا فيه إلى تحويل مجلس التعاون الخليجي إلى «اتحاد يلبي طموحات شعوب الخليج العربي ويتصدى إلى التحديات التي يواجهها»، وهي الدعوة نفسها التي وجهها ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة. وانهالت التغريدات المطالبة بتحقيق «حلم الاتحاد الذي طال إنتظاره»، إذ رأى أحد المغردين أن «الوحدة الخليجية الاندماجية، ضرورة ملحة في الوقت الحاضر ولا بد من ضم اليمن إليها سريعاً، لمواجهة الخطر الحقيقي». فيما أشار مغرد يدعى «رفاعي» إلى أن «في الاتحاد قوة وردع لكل من يحاول المساس بأمن دول الخليج»، وهو ما أيده فيه الكاتب محمد العصيمي، مغرداً: «المواطن الخليجي يريد أن يطمئن على استقراره ومستقبله. الاتحاد هو الصيغة الوحيدة الآن»،. وتطابق رأيه مع رأي الكاتب الصحافي علي الشدي، الذي كتب: «شعوب الخليج تنتظر قمة المنامة، وتأمل أن يكون التنفيذ مصاحباً للقرارت مت دون تأجيل، كفى تأجيلاً للقرارت ونحن نتطلع للاتحاد الخليجي الكامل». ويلاقي «الاتحاد الخليجي» بعض المعوقات، منها التحفظ العُماني، لكن بعض المغردين طالبوا بإعلانه حتى من دون انضمام عُمان، معتبرين أن ذلك «لا يفسد للود قضية»، وكتب مروان البادي: «لا يوجد ما يفسد الود بين عُمان ودول الخليج، فعُمان لها رأي في مسألة الاتحاد خاصة لدورها التصالحي بين مختلف الأطراف، وهو رأي محترم». فيما رأى «يوسف» أن «عُمان والسعودية وجميع المجلس خنجر في قلب كل حاسد وحاقد.. تربطنا صلة الدم والرحم». وعلى رغم استطاعة موطني الدول الخليجية التنقل بين دول المجلس باستخدام بطاقة الهوية الوطنية فقط من دون الحاجة إلى جواز سفر، إلا أن بعض الخليجيين طالبوا بإصدار جواز سفر خليجي موحد، وبطاقة هوية موحدة، والتنقل بين دوله على غرار الاتحاد الأوروبي، إذ رأى مغرد يدعى زايد أن «التنقلّ يتم بين دول الاتحاد الأوروبي من دون الحاجة إلى جواز السفر أو بطاقة هوية، لكن ليس لمواطني دول الاتحاد فحسب، بل لكل من يدخل إحدى دوله». وكانت إحدى «الخطوات الوحدوية المرجوة» التي بدأ العمل عليها فعلياً، مشروع «قطار الخليج» الذي يربط الكويت شمالاً في عُمان جنوباً، مروراً في باقي دول الخليج، بطول 2170 كيلومتراً، والمخصص للركاب والشحن، ومن المتوقع الانتهاء منه نهاية العام المقبل، ووقعت المملكة عقود التصاميم الخاصة بالمشروع مع تحالف شركات أجنبية ومحلية بقيمة إجمالية قدرت بـ16 مليون دولار. وفي هذا الصدد، كتب المغرد نوح صالح: «إذا تم المضي قدماً في مشروع قطار لخليج فهناك أمل كبير في تسريع الوتيرة تجاه الاتحاد الخليجي. لا أحد يجهل دور القطارات في وحدة الشعوب». وعلى الصعيد الأمني، جاءت مبادرة إنشاء جهاز شرطة خليجي موحد، والتي أقرت في قمة الدوحة العام 2014، لتكون بمثابة «إنتربول خليجي» مقره أبوظبي، لمكافحة تطور أشكال الجريمة بصورها كافة، ولتبادل الخبرات والتجارب الأمنية الناجحة، خصوصاً بعدما أصبحت المنطقة هدفاً لعدد من المنظمات الإرهابية، إلا أنه بحسب مختصين لم يتم تفعيلها بالشكل الكافي لمواجهة الأخطار الأمنية المتزايدة في المنطقة. ومن الناحية الاقتصادية، ما يزال الخليجيون يحلمون بعملة موحدة والتي يؤكد محللون ضرورتها في التكامل الاقتصادي الخليجي، وتمنى مغرد يدعى «الأخضر» «توحيد السياسات الاقتصادية والأمنية، وإنشاء عملة خليجية موحدة للدول الراغبة في ذلك، لأن بيع النفط بتلك العملة يقلب الموازين». وأيده في ذلك الدكتور محمد الجهني، الذي نادى بـ«فك الارتباط بالدولار الأميركي، وإصدار عملة خليجية موحدة، وبيع البترول بهذه العملة». ولم يتحقق حلم إنشاء سوق خليجية موحدة تجمع دول الخليج حتى الآن، حتى بعد صدور قرار بإنشائها في «إعلان الدوحة» في الدورة الـ28 للمجلس في العام 2007، لكن المشروع أصابه التجميد على رغم صدور تأكيد أهميتها من مؤسسات دولية، وأنها «ستغدو تاسع أكبر اقتصاد في العالم في حال قررت أن تصبح سوقاً واحدة بدلاً من ست منفصلة، بحجم يماثل الاقتصادين الكندي والروسي، ويقترب من الهندي». وغرد الدكتور علي العمري عن الأمر قائلاً: «لو أن دول الخليج سعت بجدية منذ تأسيس مجلسها إلى إقامة سوق خليجية مشتركة، لكان في إمكانها تشكيل إتحاد فيديرالي بين دولها». وتفائل عبد العزيز العنجري بإنشاء السوق، مغرداً: «على رغم ضياع الكثير من الفرص إلا أن دول الخليج قادرة على إيجاد سوق خليجية موحدة». ومن بين المشاريع الخليجية التي أصابها البطئ في التنفيذ مشروع «تكامل أسواق المال» بهدف تحقيق الاتحاد النقدي، تمهيداً إلى إطلاق العملة الموحدة والبنك المركزي الموحد، والتي لم يتم إنجازها حتى الآن، إذ توصلت فيها اللجنة الوزارية لرؤساء مجالس إدارات الجهات المنظمة لأسواق المال في دول المجلس إلى قواعد موحدة للاستحواذ في تلك الأسواق، وأوصت المجلس الوزاري برفعها إلى المجلس الأعلى لاعتمادها والعمل بها بصفة استرشاديه، لحين الانتهاء من إعداد منظومة المبادئ الموحدة لتكامل أسواق المال في دول المجلس في شكل كامل. عسكرياً، تمنى الخليجيون «تكوين جيش خليجي موحد يتم فيه توظيف الشباب لردع الأعداء» وعدم الاكتفاء بقوات «درع الجزيرة»، وكتب أحد المغردين: «أحلم بأن يكون هناك جيش خليجي موحد.. المال موجود، والرجال متوفرون، أما آن الاوان أن تكون لنا قوة نرهب بها الأعداء». فيما أشار آخر إلى أن «الفكرة كان أصلها عُماني، أطلقها السلطان قابوس بن سعيد في العام 1991 لتكوين جيش قوامه 100 ألف مقاتل، لكن دول خليجية آنذاك رفضتها». وعبر مغرد يطلق على نفسه «مراقب» عن نفاذ صبره من طول الانتظار لتحقيق هذه الأحلام الوحدوية المشروعة، وكتب: «هرمنا من أجل وطن خليجي واحد. أرجوكم اجعلونا نفخر ولو بعملة موحدة، أو جيش موحد، أو إلغاء الحدود بيننا. نريد أن نشعر بهذا الفخر». يذكر أنه منذ إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربي في أيار (مايو) العام 1981، اتخذت القمم الخليجية قرارت مهمة عدة بدأتها بالتأكيد على ارتباط استقرارها بتحقيق السلام في الشرق الأوسط من خلال حل القضية الفلسطينية. وشهدت قمة الدوحة في العام 1990 إدانة الغزو العراقي للكويت والتضامن مع الكويت في تحرير الأرض. فيما أقرت قمة المنامة في العام 2000 التوقيع على اتفاق الدفاع المشترك، والبدء في إنهاء اجراءات الاتحاد الجمركي بين الدول الأعضاء. وشهدت القمة الخليجية في الكويت العام 2003 إعلان التضامن والتعاطف مع الشعب العراقي في محنته بسبب الغزو الأميركي، في حين اعتمدت قمة الرياض في العام 2011 الهوية الشخصية إثباتاً لمواطني دول المجلس في القطاعين العام والخاص.
مشاركة :