يشهد مجلس الأمن سباقاً مع الوقت وتنافساً على تحريك الجمود في مسار حل الدولتين والمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية بين دول تحاول ملء الفراغ في الفترة الانتقالية التي تمر بها الولايات المتحدة بانتظار تسلم الإدارة الأميركية الجديدة السلطة أواخر كانون الثاني (يناير) عام ٢٠١٧. وتحاول الديبلوماسية الفلسطينية اقتناص هذه الفرصة لتمرير قرار في مجلس الأمن قبل نهاية العام، بعدما سعت جاهدة إلى تسويقه منذ أشهر، يعيد التشديد على التزام مجلس الأمن أسس المفاوضات مع إسرائيل، وحل الدولتين، وعدم شرعية الاستيطان وضرورة وقفه فوراً، ووضع إطار زمني للمفاوضات، ودعم مبادرة فرنسا لعقد مؤتمر دولي حول التسوية مع إسرائيل. وشكل التنافس في المجلس عنصراً مؤثراً في المشاورات الجارية بين فلسطين ومصر والدول العربية، إذ إن مصر هي الدولة العربية في مجلس الأمن، ويفترض بها أن تتولى قيادة أي تحرك يمثل فلسطين والمجموعة العربية في المجلس. وكانت مجموعة الدول العربية فضلت التمهل خلال الأشهر الأخيرة في طرح مشروع القرار، رغم الإلحاح الفلسطيني المستمر على ضرورة التحرك قبل انتهاء ولاية الإدارة الأميركية الحالية. وقال ديبلوماسيون عرب أن التمهل العربي في طرح مثل هذا القرار كان يهدف إلى تجنب «فيتو» أميركي «يؤدي إلى مزيد من إضعاف الموقف في شأن القضية الفلسطينية داخل مجلس الأمن». وقال آخرون أن هذا الاعتبار «كان صالحاً قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، أما الآن فإن الوقت مناسب لطرح مشروع القرار، ولنترك لإدارة الرئيس باراك أوباما أن تقرر» في ما إذا كانت ستستخدم الـ «فيتو» أم ستسمح للقرار بالصدور عن مجلس الأمن. وفي موازاة هذه الجهود في مجلس الأمن، تواصل فرنسا محاولاتها لعقد مؤتمر «دولي» تطمح من خلاله إلى إعادة إطلاق المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية قبل نهاية العام. وبرز في مجلس الأمن الأسبوع الحالي تحرك نيوزيلندا التي تسعى إلى ترك بصمة في المجلس بعدما فشلت في تمرير قرار في شأن سورية شاركت في إعداده، لكنه سقط الإثنين بـ «فيتو» روسي - صيني. وقال ديبلوماسيون أن نيوزيلندا «أعدت أفكاراً لمشروع قرار تبادلت الآراء في شأنه مع باقي أعضاء مجلس الأمن، وبعثتيْ فلسطين وإسرائيل»، وأنها «مستعدة لطرح قرارها في المجلس قبل نهاية الشهر». وإلى جانب أربعة أعضاء غير دائمين في مجلس الأمن، تستعد نيوزيلندا لإخلاء مقعدها غير الدائم آخر الشهر بعد مضي عامين على شغلها له. ويدفع اقتراب انتهاء العضوية بنيوزيلندا إلى طرح قضية شائكة على غرار القضية الفلسطينية على طاولة المجلس، وهو ما قد يعطيها حضوراً دولياً دائماً في حال حققت اختراقاً فيه، خصوصاً أنها قد لا تعود لشغل العضوية غير الدائمة مرة أخرى قبل عقود مقبلة، إذ إنها كانت عضواً في المجلس آخر مرة قبل العضوية الحالية عام ١٩٩٤. وعبر ديبلوماسيون من الدول الأربع الأخرى التي تستعد لمغادرة مجلس الأمن آخر الشهر، وهي فنزويلا وإسبانيا وماليزيا وأنغولا، عن تأييدهم لتحريك الملف الفلسطيني، وإصدار قرار يعيد التشديد على التزام عملية السلام وأسسها.
مشاركة :