قال مدير الأبحاث في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة عادل شريف، إن ورقته العلمية التي شارك بها في مؤتمر «أمن الطاقة واستدامتها والبيئة النظيفة»، تضمنت طرح تقنية جديدة «واعدة جدّاً»، وعبرها يمكن استخدام درجة حرارة قليلة تتراوح بين 20 و40 درجة مئوية، لإنتاج مياه صالحة للشرب من البحر، وإنتاج طاقة كهربائية. ووفقاً لحديث شريف إلى «الوسط»، على هامش مشاركته في المؤتمر الذي اختتم أمس الأول الثلثاء (6 ديسمبر/ كانون الأول 2016)، فإن التقنية الحديثة هذه كفيلة بخفض نحو 50 في المئة من كلفة الطريقة التقليدية الحالية لتحلية المياه. وأضاف «تصبح كلفة الطاقة شبه معدومة، باعتبار أن الحرارة متوافرة، ما يعني أن الكلفة تنحصر في الأجهزة، وهي كلفة محدودة؛ نظراً إلى الحاجة إلى استخدام درجات حرارة قليلة، بحيث يمكن استخدام المواد البلاستيكية عوضاً عن المواد التي تتطلب درجات حرارة عالية، ومن بين الأجهزة المطلوبة (Heat Collector)، وأجهزة مولدات لإنتاج الكهرباء وأجهزة نقل الحرارة». وتابع «نقول ذلك، والعملية تعتمد على درجة الحرارة التي هي مجانية، إلى جانب الأراضي المحدودة التي لا تزيد مساحتها على عشرات الأمتار المربعة لإثبات هذه التجربة». على رغم ذلك، استدرك شريف ليقول: «نحن في إطار الدراسات النظرية لإثبات الجدوى الاقتصادية للتقنية التي هي واعدة من الجانب العلمي، وهي مبرهنة من الجانب المختبري، لكنها بحاجة إلى التحول إلى منتج، وهو ما يتطلب الحصول على فرصة لإنجاز ذلك، والانتقال إلى مرحلة التجربة الريادية لإثبات اقتصادية وجدوى الفكرة، وهو الأمر الذي يتطلب دراسة مستفيضة». ولفت إلى نقاشات جمعته بعدد من المسئولين في هيئة الكهرباء والماء وجامعة البحرين، وذلك لمناقشة الفكرة وإمكانية تنفيذها في البحرين، وعقَّب «يتطلب الأمر مزيدا من اللقاءات للعمل على إنضاج الفكرة». وأردف «تم عبر اللقاء توضيح الفكرة وأهميتها بالنسبة إلى البحرين، في ظل اعتمادها على نسبة كبيرة من المياه المنتجة عن طريق التحلية، وفي ظل الاستعانة بالطرق التقليدية المكلفة ماليّاً، فيما التقنية الحديثة كفيلة بتوفير طريقة مستدامة للتحلية باعتبار أن توفير حرارة من 20 إلى 40 درجة مئوية مع الطاقة الشمسية ليس بالأمر الصعب أو المستعصي، ولا يحتاج إلى كلفة عالية، ولا يتطلب طاقة معقدة». وعبَّر شريف، عراقي الجنسية، والحاصل على شهادة الدكتوراه في تخصص الهندسة الكيميائية من جامعة سوانزي في بريطانيا، عبر عن استعداده للتعاون مع المؤسسات الرسمية في البحرين، وهو ما يتطلب، بحسب قوله، التعاون مع جهة عمله (مؤسسة قطر) تحديداً في جانب تطوير الفكرة لنطاق تجاري أو تطويرها بحثيّاً، مؤكداً في الوقت ذاته طرح الفكرة على مستوى قطر والعمل على إيصالها إلى أصحاب القرار هناك، منوهاً الى إمكانية الانتقال في حالة النجاح من مرحلة التشغيل والاستخدام إلى مرحلة البيع. ومنذ العام 2006، استقطبت دولة قطر، شريف، وذلك بعد أن ذاع صيته إثر تأسيسه شركة لتحلية مياه البحر، وحصوله نظير ذلك على عدد من الجوائز، من بينها جائزة الملكة وجوائز أوروبية أخرى، حيث تركز العرض القطري على نقل التقنية المعتمدة في الشركة إلى قطر، حتى التحق بالمؤسسة القطرية العام 2013. والشركة المساهمة وموقعها بريطانيا، هي نتاج نشاط شريف في البحوث العلمية حتى العام 2003. العام الذي مثَّل له نقطة تحول في ظل تغيير النظام السياسي في بلاده العراق، ما أفسح له المجال وبمعية عدد من أصدقائه للتوصل إلى أفكار أولية أثمرت 8 براءات اختراع في مجال تحلية مياه البحر لمياه صالحة للشرب، وليتمكن الأصدقاء بعد ذلك من تطوير الفكرة إلى منتج. يعلق شريف «وقتها كان العراق يعاني من وضع سيئ بالنسبة إلى المياه، وبالرغم من عملي أستاذاً جامعيّاً في جامعة بريطانية، فقد كانت الفكرة المهنية هي أن قدرتنا على تحلية مياه البحر ستمكننا من توفير المياه الصالحة للشرب في جميع البيوت العراقية حتى المنطقة العربية»، وأضاف «هذا التفكير أثمر، وفي أقل من عامين، تسجيل براءات الاختراع في مجال التحلية ونتيجة للدعم الذي تحصلنا عليه من الجامعة في وقتها، وبعدها من الجمعية الملكية البريطانية بحيث يتم العمل على تطوير الفكرة من مفهوم إلى منتج من خلال عملي في الجامعة». وأضاف «كنت في أوج نشاطي العلمي وفي أقل من 6 أشهر تمكنا من تأسيس الشركة، وأن نجمع استثمارات لا تقل عن 60 مليون دولار، ويعود الفضل في ذلك إلى الظروف الاستثنائية التي سهلت لنا المهمة مع الدعم المالي، ما مكننا من نقل التقنية من المختبر إلى التطبيق الصناعي، وتم ذلك بداية في منطقة جبل طارق في إسبانيا ثم عمان تحديداً في مصنعين تجريبيين، وكانت التجربة ناجحة حيث تم تقييمها عالميّاً من قبل مؤسسات متخصصة ومستقلة، حتى أصبحت الفكرة منتجاً تجاريّاً، ولتصبح الشركة مساهمة في سوق المال البريطاني، وتكررت النشاطات في دول أخرى». وبالعودة إلى الحديث عن فكرته الجديدة، قال شريف، وهو يتناول إمكانية استفادة دول الخليج منها: «درجة الحرارة المطلوبة متوافرة في دول الخليج في غالبية أيام السنة، وبالإمكان تحسين هذه الحرارة باستخدام الطاقة الشمسية الحرارية أو عبر حرارة الأرض أو الحرارة المفقودة من المصانع والتي هي أكبر بكثير من 40 درجة مئوية، ويمكن استخدام هذا المصدر للحرارة والذي هو غير مكلف لإنتاج مياه صالحة للشرب من البحر والطاقة الكهربائية، وهذه الأخيرة التي يمكن انتاجها بهذه الطريقة بكلفة أقل من الطرق التقليدية سواء من حرق الغاز أو حرق النفط، وأقل كلفة كذلك من الطاقات المتجددة، لكن الفكرة تحتاج إلى عملية تجريبية على نطاق أوسع، وإجمالاً يتطلب برهنة فكرة التقنية نحو 500 ألف دولار لمرحلة يمكن بعدها اتخاذ قرار بأن هذه التقنية ذات جدوى اقتصادية عالية». ونوه إلى حصول فكرة التقنية على ردود أفعال إيجابية لحظة عرضها في المؤتمر، مدعوماً ذلك بالاشارة إلى بعض مميزاتها، وتشمل انعكاسها الإيجابي على البيئة، من حيث إلغاء مشاكل التآكل والترسبات الناتجة عن الطرق التقليدية ما سيؤدي إلى خفض كلفة المواد المستخدمة، وضمان عدم طرح ملوثات كيميائية، كثاني أكسيد الكربون. كما تطرق إلى حزمة أخرى من الفوائد المرتبطة بتعزيز مفهوم الأمن المائي، والمرتبط بالضرورة بالأمن السياسي لأي دولة، وخلص للقول: «عطفاً على ما تقدم من مميزات للفكرة، أستطيع القول إن من غير المنطق أن فكرة كهذه لم تؤخذ بالجدية الكافية بعدُ ليتم العمل على تطويرها». الصايغ: «الشمس» ستمنح كل أسرة كهرباء بـ 3 آلاف دينار لمدة 30 سنة بدوره، ردَّ رئيس المجلس العالمي للطاقة المتجددة علي الصايغ، الجهة المنظمة للمؤتمر بالتعاون مع جامعة البحرين، على القول بكلفة الاعتماد على إنتاج الطاقة عبر ألواح الخلايا الشمسية، فأوضح «على العكس من ذلك، فكلفة إنتاج وحدة كهربائية واحدة عبر الخلايا الشمسية أقل من نصف دولار، وإذا جئنا إلى البحرين فإنها تعتبر واحدة من الدول المستهلكة للطاقة الكهربائية وبمعدل للفرد الواحد يزيد على 16 ألف وحدة كهربائية وهو رقم كبير». وأضاف في تصريح لـ»الوسط»، «في حال تم ترشيد استخدام الطاقة الكهربائية ستكون كلفة الخلايا الشمسية المطلوبة لتغطية الكهرباء لأسرة مكونة من 6 أفراد، تحتاج إلى نحو 10 كيلوات بما في ذلك الحاجة إلى التبريد، علماً بأن كلفة ذلك تعادل 6 آلاف دولار أميركي بما يساوي أقل من 3 آلاف دينار بحريني، تغطي استخدام هذه العائلة لفترة زمنية تمتد إلى 30 سنة من دون دفع أي أجور للكهرباء»، معتبراً أن هذا العرض «مُغرٍ جدّاً لأي دولة»، ولذلك فإن دولاً أوروبية باردة كألمانيا وبريطانيا التي ليس فيها شمس، إلا نصف ما هو موجود في البحرين، فيها في الوقت الحاضر أكثر من 12 مليون ميغاوات تستعمل بالطاقة الشمسية. وعبَّر الصايغ، عن ثقته بأن تأخذ البحرين زمام المبادرة لدفع وإقناع بقية دول الخليج بشأن استخدام الطاقة الشمسية في جميع مرافق الدولة، وعقَّب «موقع البحرين الذي يتوسط دول مجلس التعاون يؤهلها لأن تصبح بالفعل بوابة نقل المنطقة الخليجية بهذا الاتجاه». وأضاف «تملك البحرين سواحل ممتدة، وحال استثمر 1 في المئة فقط من هذه السواحل عبر وضع الصفائح الكهروضوئية فإنها ستصطاد عصفورين بحجر واحد، ستقلل من كمية الغبار التي ستسقط على هذه الصفائح، وستضمن عدم إعاقة حركة المرور». وعلى مدى 3 أيام، احتضن المؤتمر نحو 80 عالماً من دول أوروبية وأميركية وآسيوية وخليجية، ليستعرضوا ما في جعبتهم من أوراق عمل عبر 24 جلسة. أما أستاذة الطاقة المتجددة في قسم الفيزياء بجامعة البحرين حنان البوفلاسة، فقد تطرقت إلى ما شهده المؤتمر من مشاركة بحرينية لافتة، قوامها نحو 50 ورقة بحثية، 40 منها من نصيب جامعة البحرين. وعن مشاركتها في المؤتمر، قالت: «قدمت ورقتي عمل، الأولى دراسة خاصة بتأثير الغبار على أنواع مختلفة من الخلايا الشمسية، والثانية عبارة عن دراسة لأنظمة اللوائح الشمسية، ومدى تأثرها بالظروف الجوية في البحرين»، ونوهت بجهود طلبة الجامعة في إنجاز الورقتين بما يعزز من رصيد الخبرة لدى البحرين في مجال الطاقة المتجددة. وأضافت «كانت الدراسة تفصيلية للوقوف على كمية إنتاج طاقة الرياح في البحرين، وما إذا كانت لدينا طاقة يمكن الاعتماد عليها، بالاضافة إلى نظر الدراسة في إمكانية ربط الطاقة المتجددة بشكل عام بشبكة الكهرباء في البحرين، وما إذا كانت تتحمل هذه الطاقة». وأردفت أن «هذه الدراسة نتج عنها أطلس بسرعة الرياح في البحرين، وعبر الأطلس يمكن التعرف على سرعة الرياح في أي مكان في البحرين، حتى مع عدم وجود محطة أرصاد جوية، كما يظهر كمية الطاقة التي بالامكان إخراجها من جهاز معين يتم تركيبه، ومن المؤمل إتاحة الأطلس لمن يرغب في الحصول على هذه المعلومات». ولفتت إلى أن الدراسة أثبتت أن طاقة الرياح في البحرين تتماثل مع طاقة الرياح الموجودة في اسكتلندا.
مشاركة :