مثل الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، عارضنا بشدة الاتفاق النووي الإيراني، لذلك نحن نتعاطف مع وعده بـ«تفكيكه». ولكننا نأمل من ترامب وإدارته أن يحاولوا أولا تنفيذ الاتفاق بقوة، ومن ثم إعادة التفاوض حوله خارج حدود القضية النووية لجعله أفضل لنا وللعالم. قبل أن تبدأ عملية إعادة التفاوض هذه، يمكن لإدارة ترامب تعزيز موقفها من خلال التشاور عن قرب مع حلفائنا بين جيران إيران، كالدول العربية وإسرائيل أيضًا. وقد كانت هذه الدول غائبة عن المجموعة التي سعت من أجل خطة العمل المشتركة الشاملة (أو JCPOA) كما تُعرف رسميًا بالاتفاق النووي، ووافقت عليها. لقد كان ذلك خطأ لسببين رئيسيين؛ أولاً لأن الدول العربية وإسرائيل هم حلفاؤنا والإيرانيون ليسوا كذلك، وثانيًا لأن لدى دول المنطقة قضايا جوهرية على المحك، وينبغي أن يكون لها دور مهم في هذه العملية. حتى اللحظة، أوضح النظام الإيراني أنه ليست لديه نية في احترام روح أو محتوى الاتفاق النووي، فالنمط السلوكي المتهور من قبل إيران ازداد خلال العام الماضي. وقد صعّدت من حدة خطابها المناهض للولايات المتحدة والمعادي للعرب وإسرائيل، كما أن أفعال طهران تتطابق تمامًا مع خطابها. وقد اتهمت 11 دولة عربية إيران علنًا لدى الأمم المتحدة خلال الشهر الماضي بالتدخل في شؤونها الداخلية. وفي يونيو (حزيران) الماضي، صنفت وزارة الخارجية الأميركية إيران مرة أخرى بوصفها أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم. الشعب الأميركي يرى بوضوح ما يحدث. وفقا لاستطلاع حديث قامت به منظمة «متحدون ضد إيران النووية» UANI، فإن الغالبية الساحقة من الناخبين الأميركيين المسجلين يعتبرون إيران الدولة الأكبر تهديدًا بالنسبة للولايات المتحدة، قبل كوريا الشمالية وروسيا والصين. فقط تنظيما داعش والقاعدة يعتبران تهديدًا أكبر. مع قيادة الولايات المتحدة، يمكن للائتلاف الجديد أن يعالج إغفالات السياسة في JCPOA، على سبيل المثال، ضمان التوصل إلى اتفاق مع إيران بحيث يكفل كبح عدوانها الإقليمي، ورعايتها للإرهاب وقمعها لحقوق الإنسان في الداخل. ومقابل ذلك، يمكن لإيران أن تنال تخفيفًا في العقوبات على نطاق واسع، وحتى تطبيع العلاقات. ولكن إذا رفضت إيران ذلك فستكون للولايات المتحدة وحلفائنا رافعة كبيرة لمحاسبة طهران بموجب الاتفاق الحالي. وسبق أن تجاوزت إيران مرتين سقف حصة إنتاجها من المياه الثقيلة، وقد أطلقت كثيرًا من الصواريخ الباليستية بغرض التجارب، في تحدٍّ لقرار الأمم المتحدة رقم 2231، الذي يصادق على الاتفاق النووي. ووفقا لتقديرات الاستخبارات الألمانية، استمرت إيران في «عملياتها غير الشرعية من شراء للمواد الحساسة من حيث الانتشار، وبكميات كبيرة». وقد احترمت الولايات المتحدة وشركاؤها بشكل وثيق خطاب JCPOA، ولذلك ينبغي أن يطالبوا إيران بأن تسلك نفس السلوك. ويمكن لإدارة ترامب أيضًا أن تصنف الحرس الثوري الإيراني كاملاً كمنظمة إرهابية أجنبية. حتى الآن، تم إدراج «فيلق القدس» فقط على هذا النحو من قبل وزارة الخزانة الأميركية. إذا تم تطبيقها بشكل صحيح، يمكن لمثل هذه الخطوة أن تؤدي إلى تجميد الاستثمار الأجنبي في إيران بسبب تغلغل الحرس الثوري في جميع قطاعات الاقتصاد الإيراني من خلال شركات وهمية. ويمكن لترامب أيضًا دعم تشريعات في الكونغرس من أجل معاقبة قطاعات الاقتصاد الإيراني التي تدعم برنامج إيران الصاروخي، ويمكن له أيضًا اقتراح تدابير للحد من وصول الدولارات الأميركية إلى الاقتصاد الإيراني. لإقناع إيران أن تلتزم بنص وروح JCPOA، كما قال دينيس روس والجنرال المتقاعد في الجيش الأميركي ديفيد بترايوس، فإن تعزيز الردع سيكون أساسيًا. تحدد «بيان أكثر صرامة على العواقب» في حال استمرار التعنت الإيراني - حتى السماح باستخدام القوة العسكرية في حال نشوب أزمة مستعصية – الأمر الذي قد يدفع المرشد الإيراني علي خامنئي إلى إعادة الحسابات. وإذا لم تغيّر إيران مسارها، فسيتوجب على الرئيس الأميركي المنتخب أن يوضح أنه مستعد لفرض جولة جديدة من العقوبات الثانوية الشاملة ضدها، ومن ثم الابتعاد، مع سبب من JCPOA. ثم سيحين الوقت المناسب، كما قال الرئيس المنتخب، لتمزيق هذا الاتفاق. ومن شأن استراتيجية الخطوة خطوة هذه، توضيح أن الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع إيران ولكن ستكون هناك عواقب بالنسبة للإيرانيين إذا لم يتم التوصل إلى حل دبلوماسي. في أفضل حالاته، يمكن لهذا النهج أن يكون تحوليًا. على الأقل، فإنه سيؤدي إلى إعادة صياغة الاتفاق النووي الحالي، تاركًا للتاريخ الحقبة الزمنية التي منحت فيها القوى العظمى الشرعية للبرنامج النووي الإيراني المارق، دون أن تطالب النظام بتغيير أساليبه المتطرفة والإرهابية والقمعية والتوسعية.
مشاركة :