كيف يصبح المثقف إنسانًا - د. ناهد باشطح

  • 12/9/2016
  • 00:00
  • 41
  • 0
  • 0
news-picture

د. ناهد باشطح فاصلة: ((الإنسان لا يولد حرًا، وإنما يأتي للعالم مع امكان أن يكون حرًا)) - هيغل - ما الفارق بين المثقف وغير المثقف؟ بدءاً فالثقافة هي الإلمام من كل شيء بطرف... هو تعبير شهير للثقافة رغم أن كلمة ثقافة كتعبير لم تكن مألوفة في العصر الجاهلي أو حتى لدى العصرين العباسي والأموي، لكن أهل اللغة يقولون ثقف الريح أي شذبه وجعله حسنا معتدلاً وهو تعبير أميل إليه لأنني أفرق بين الأكاديمي والمهني وبين المثقف في الفرصة التي لدى المثقف لأن يزداد وعيه بشكل أسرع فلا علاقة في رأيي بين الثقافة والتعليم، إنما للثقافة علاقة قوية في التحضر والإنسانية. لذلك فالطائفي والعنصري والمتلبس بالكثير من السلوكيات السلبية من حقد أو حدية في التعاطي مع الآخر لا أعتبره مثقفاً إذ إنه من المفترض أن تكون لديه القدرة على تهذيب سلوكه. المثقف كما يقول علي الوردي «يمتاز بالمرونة في الرأي والاستعداد لتلقي كل فكرة جديدة وللتأمل فيها ولتملي وجه الصواب فيها». تملي الصواب وليس الإصرار على أنه صواب لذلك فالمتعلمين لدينا أكثر من المثقفين ولأننا نعتبرهم مثقفين تُفاجئنا سلوكياتهم أحياناً حين لا يتورعون عن الإضرار بالآخرين حتى لو كان على المستوى اللفظي وليس السلوكي. لذلك نتألم لسقوط أقنعة من حسبناهم مثقفين بينما هم متعلمون فقط ومتخصصون بل ومبدعون في تخصصاتهم الأكاديمية. في رأيي لا يستطيع أن يكون المتعلم مثقفاً ما لم يهذب ضعفه الإنساني الذي يورطه بإيذاء الآخرين باسم الحرية في التعبير أو تحت أي مسمى يبرر له تمركزه حول ذاته التي جعلته وصياً على الآخرين يفرض أفكاره وآراءه ويدافع عنها فقط ليشعر بالانتصار. لو نجح المثقف أن يكون إنساناً لاستطاع أن يمارس الدور المنوط به، لأنه الأقدر على فهم الضعف البشري وقدرة الإنسان على تطويع عقله وتهذيب سلوكه ليستحق خلافة الأرض ويمتثل في واقعه بما أعطاه الله من روحه.

مشاركة :