عمّان: الخليج تحاكي زيارة قصيرة إلى قلعة الشوبك في الأردن، رحلة واقعية تختصر أحداثاً تاريخية مهمة على مدى 900 عام، وذلك من خلال فعاليات حيّة يقدّمها عارضون مدرّبون، يرتدون ثياب الحرس في عهود مضت. تقع القلعة على قمة تل مخروطية الشكل تُشرف على بلدة الشوبك الجنوبية، وتحيطها منطقة صحراوية، وقد شُيّدت القلعة عام 1116 ميلادية على أطلال حصن قديم لأهداف السيطرة على المكان الحيوي عسكرياً وتجارياً آنذاك. تعرّضت القلعة التي ترتفع نحو 14 متراً للعديد من الانهيارات لأسباب طبيعية وأخرى تخريبية، ناتجة عن المطامع على مر التاريخ، ولا تزال أجزاء منها صامدة رغم مواجهتها أعمال ترميم وإعادة بناء انسحبت سلباً على شكلها الأساسي، وتعد من المواقع التاريخية التي لا تزال تحتفظ بمسجد وكنيسة معاً تبعاً لمن حكمها. ينقسم المبنى الحالي، إلى 3 طوابق رئيسية، ومنذ ولوج المدخل حتى الوصول إلى السطح، يقدم عارضون مدرّبون يرتدون ملابس عسكرية قديمة، فقرات بمصاحبة السيوف والأقواس والسهام، تلخّص جانباً من الحروب الصليبية، ورحلات الأيوبيين والمماليك، والحصار الذي شهدته القلعة للسيطرة عليها، وتنازع الهجوم والدفاع لغايات متناقضة. وتفيد كتيبات صادرة عن وزارة السياحة والآثار، تُوزّع أثناء الزيارة، أن ما يُطلق عليه ملك الفرنج بلدوين الأول، قرر أثناء حملة عسكرية على المنطقة عام 1115 ميلادية تشييد القلعة بعدها بسنة على قمة جبل عال وسط الأشجار الكثيفة والينابيع الطبيعية، وقريباً من الأودية بهدف تقوية حضوره وفرض الهيمنة على الخيرات، والظفر بحمولات الطرق التجارية، التي كانت تربط مصر وشبه الجزيرة العربية، والبحر الأحمر بالمشرق. ووفقاً للمعلومات، فإن أنظار صلاح الدين الأيوبي، اتجهت إلى القلعة، عندما كان يقود حملة إلى مصر عام 1167 ميلادية، وسلك طريقاً بمحاذاتها، واشتبك مع حرس القلعة الذين قطعوا الطريق عليه ومن معه أكثر من مرة، حتى أطلق الأيوبي بعدها بنحو 4 سنوات حملة، تضمنت حصاراً شديداً للسيطرة على القلعة. وتباينت الجهات التي فرضت سلطتها على القلعة تباعاً بين الصليبيين والأيوبيين، حتى احتكم عليها الأيوبيون تماماً، وفي عام 1211 ضربها زلزال هزّ المنطقة وأسقط عدّة أبراج منها، واستمرت نزاعات تالية عليها حتى آلت إلى المماليك لاحقاً، وشهدت في عهدهم أعمال بناء وترميم، لاسيما في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين. ووقعت عام 1518 ميلادية تحت الحكم العثماني، فأهملت، ونُسفت أجزاء منها عام 1840 ميلادية. ويروي مؤرخون تفاصيل متانة البناء، ما أسهم في بقائه ماثلاً، لاسيما أن السور الأصلي اشتمل على 3 طبقات بقيت واحدة عبارة عن جدار بحجارة صلبة ومشذّبة ومصقولة بنعومة، يصعب تسلقها وتقاوم إلى حد كبير الهزّات. داخل المبنى تظهر أقسام مختلفة بعضها متداخل بلا حواجز، وأخرى منفصلة، بينها غرف الجنود ومعصرة وخزان ماء ونفق يؤدي إلى سلم ملتف مكون من 288 درجة، ينتهي بممر كان بمثابة نبع مياه للشرب، وهناك رواق واسع ومحاجر وقطع أثرية مصفوفة عليها نقوش وزخارف بحسب الفترات التاريخية. في الجانب الشمالي من القلعة إيوان، عبارة عن قاعة كبيرة مستطيلة الشكل وسراديب وأحجار الرحى لعصر الزيتون، وأقواس مطلّة من شرفة وارفة، وفي الجهة الجنوبية بئر يمكن النزول إليها عبر درجات صغيرة.
مشاركة :