يوافق اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول مولد المصطفى صلَّى الله عليه وسلم بمكَّة المكرَّمة -زادها الله رفعةً وتشريفًا- وأضاءت بمولده الشريف أرجاء المعمورة من أقصاها إلى أقصاها، كيف لا وهو النور الأكمل، والعلم الأشهر الذي دانت له البسيطة بما حملت؛ إقرارًا وتصديقًا لقول الحقِّ -سبحانه وتعالى-: «قَدْ جَاءَكُم مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ» (المائدة 15). نعم، رسولنا الكريم معنا في كل وقتٍ وحين، في صلواتنا، وخلواتنا، وآناء الليل وأطراف النهار، بما تلهج به ألسنتنا بالصلاة والسلام عليه، وهو الصادق المصدوق الذي يقول: «أكثركُم عليَّ صلاةً أقربكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ»، وقوله صلَّى الله عليه وسلم: «مَن ذُكرتُ عندَهُ فليُصَلِّ عليَّ، ومَن صلَّى عليَّ مرَّةً صلَّى اللهُ عليهِ بهَا عشرًا»، وفي رواية: «مَن صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى اللهُ عليهِ بهَا عشرَ صلواتٍ، ويحطُّ عنهُ عشرَ سيِّئاتٍ، ورفعهُ بهَا عشرَ درجاتٍ».. حسن صحيح. لماذا لا نجتهد في تعليم أبنائنا فضل الصلاة والسلام على رسولنا الكريم صلَّى اللهُ عليه وسلم، وأنَّها مدعاةٌ لتفريج الكروب، وإزالة الغموم، وذهاب الأحزان والهموم، وغفران الذنوب؟ نحن اليوم في زمن رديء، يُستهزأ فيه من قِبل البعضِ بآيات الله، ويسخرُونَ من شخص النبيِّ المصطفى صلّى الله عليه وسلم صاحب الخلق العظيم، وتُستهدف بيوت الله ومقدَّساته بالصواريخ، والتفجير، والقتل، والتدمير، وتصل الإساءة للمسلمين جهارًا نهارًا في كلِّ زمان ومكان من قِبل فئات ضالَّة، حاقدة، معادية لله، ورسوله، ومدنِّسة لمقدَّساته بدون وازعٍ، أو دين يردعها عن هكذا أسلوب مقيت. أبناؤنا أمانة في أعناقنا، وتوجيههم وإرشادهم لاتِّباع الهدي النبويِّ الصحيح من أعظم مسؤوليَّات الوالدين والمربِّين، شبابنا في حاجة للتوجيه بالتمسُّك بأخلاق النبيِّ المصطفى صلّى الله عليه وسلم، والسُّنَّة المطهَّرة، وكيفية التعامل مع الآخرين، وعدم إيذاء مشاعرهم. ذكِّروا شبابنا بالآيات الكريمات، بأنَّ وعد الله حق، وعذابه الأليم حاصل لكلِّ مَن يريد الإسلام والمسلمين بسوءٍ، أو مسّ المقدَّسات بأذى، بأنَّه سوف يلقى العذاب الأليم. ذكِّروهم بأحاديث رسول الله -صلوات ربي وسلامه عليه- التي تحثُّ على التحلِّي بحسن الخُلق، والاستقامة، ونبذ العنف، والقتل، والتدمير. اشرحوا لهم السيرة العطرة، والحثّ على مكارم الأخلاق، والبُعد عن ترويع الآمنين، أو الإساءة للمشاعر المقدَّسة التي قال الله فيها: «وَمَنْ يُعَظِّم شَعَائرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ». والبُعد عن الانصياع لأعداء الدِّين، والدَّاعين للقتل والتدمير، وإزهاق أرواح المؤمنين الآمنين. اجعلوا يوم ذكرى مولده الشريف استعراضًا لدعوته، وهجرته، ومعاناته في سبيل إنقاذ أمَّته، والمشاق التي تكبَّدها، وتحمَّل متاعبها حتى بلَّغ رسالته، ليتركنا على المحجَّة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلاَّ هالك. يا أمَّة سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم، اجعلوا من هذا اليوم -وفي كل يوم- «وِردًا»، نُصلِّي ونُسلِّم فيه على صاحب الرسالة العصماء، وعلى آلهِ وصحبه الطيبين الطاهرين، وصحابته الغرِّ الميامين. وادعوا الله في صلواتكم بأن يحفظ الله بلادنا، ومقدَّساتنا، ووطننا، وأمننا، وشعبنا من كلِّ مكروه، وأن يديم علينا نعمة وجود الحرمين الشريفين اللَّذين جعلهما الله للناس مثابةً وأمنًا، ونبراسًا وهدىً لكلِّ المسلمين. mdoaan@hotmail.com
مشاركة :