محمد رُضا في الحادية والأربعين من عمرها وعلى وشك الانتهاء من تمثيل فيلمين جديدين هما أشباح إسماعيل وروك أند رول. إنها الممثلة الفرنسية ماريون كوتيار التي نشاهد لها حالياً فيلم حلفاء أمام براد بيت. في الأسطر السابقة يكمن أكثر من سؤال: من هو إسماعيل وما هي أشباحه؟ في الرد على هذا السؤال الذي طرحته قبل أن تبدأ المقابلة رسمياً تقول: إنه شخص فرنسي 100% اسمه إسماعيل وأشباحه هي علاقاته السابقة التي تلاحقه في حياته. وكان السؤال الآخر عن طبيعة العلاقة التي نشأت بينها وبين شريكها في بطولة فيلم حلفاء إلا أنها رفضت الخوض في ذلك الموضوع، مشددة على عدم وجود أي شيء بينهما غير أنهما زملاء في العمل. مشاهدة حلفاء، تشي بأن هناك كيمياء جيدة بين كوتيار في دور الجاسوسة، وبين براد بيت، في دور الضابط الكندي. إنه دور جديد عليها ويمثل الرقم 66 من بين ما مثلته من أفلام منذ أن وقفت أمام الكاميرا لأول مرّة سنة 1994، وكان ذلك في سلسلة من الأفلام القصيرة حتى سنة 1998 عندما ظهرت في فيلم فرنسي بعنوان تاكسي عرضه مهرجان كان وحظي بإقبال جيد. كيف ترين حظوظ فيلم حلفاء في الأوسكار المقبل؟ تقصد كفيلم؟ أعتقد أنه يستحق الترشيحات لكن الأمر كما تعلم يعتمد على الأفلام الأخرى المشاركة. ومن حيث دورك أنت في الفيلم وجودة أدائك؟ هذه أتركها لسواي. لا أستطيع أن أقول إنني مثل فلان أو أكثر أو أقل. سبق لك أن فزت بالأوسكار عن دورك في حياة وردة سنة 2007. هل يخفت حماس الممثل لأوسكار ثان؟ (تضحك) لا. أنا دائماً متحمسة لجوائز أكثر. أوسكار ثان وثالث ورابع. أعتقد أن مجموع الجوائز التي حصلت عليها من كل الجمعيات والمؤسسات خلال 15 سنة يزيد على 50 جائزة. هل تشكل هذه الجوائز أي مسؤولية حيال ما تقومين به من أدوار اليوم؟ تفعل ذلك بالتأكيد. أنا حريصة على اختيار الأدوار الجيدة وبطبيعة الحال لا أحد منا يمثل وهو يفكر بالجوائز. هذا ليس ممكناً. لكن الممثل عادة ما يفكر بالدور الذي يريده لنفسه في الفيلم الذي يعتقد أنه يناسبه أو يريده لأن المشروع بأكمله يبدو مواتياً جداً له. قبل سنة عرضت شركة أمريكية عليّ دور بطولة في كوميديا حول فرنسية تتوه في أحياء شيكاغو الخلفية. أعتقد أنه كان يمكن أن يكون فيلماً تشويقياً جيداً، لكني لم أجد أنني مهتمة به على الإطلاق. ماذا تقصدين بعبارة كان يمكن له أن يكون؟ حسب علمي لم يتم إنتاج الفيلم ولن أذكر اسمه. بالنسبة لفيلم حلفاء، أليس قريباً من فيلمك السابق غفران؟ هو من الدراما نفسها لكن القصّة تختلف كثيراً. وأكثر من أنها تختلف كثيراً عن الفيلم السابق، هي حكاية جاسوسية. تستطيع أن تعتبرها كذلك. إنها في الواقع خليط من كل هذه المسائل وأحداثها لا تقع في أوروبا إلا على نطاق محدود على عكس فيلم غفران. تتحدثين الفرنسية والإنجليزية في هذا الفيلم؟ نعم لسبب مهم، ففي بداية الفيلم أنا زوجة تعيش في لندن مع زوجها وبعد قليل انتقل إلى المغرب وهناك يتحدثون الفرنسية. لكني أعود إلى الإنجليزية لاحقاً. هل يشكل ذلك أي مشكلة بالنسبة لي؟ لا على الإطلاق. ماذا عن براد بيت في دور الرجل الذي تقعين في حبه؟ يتحدث الفرنسية باللهجة الكندية. لهجة منطقة كوبيك وأعتقد أنه وضع نفسه تحت شهرين من الدرس المستفيض. اللكنة تختلف لكن هل وجدت أنه يجيد اللغة ذاتها؟ ليس كإجادتي أنا بالتأكيد (تضحك) لكنه تحدث بها على نحو يناسب الفيلم. في الحقيقة كان الوضع حساساً جداً لأنه إذا ما أخطأ تسبب في أكثر من إعادة المشهد، تسبب مثلاً في إثارة الضحك في الوقت غير المناسب على الإطلاق. لا تسألني عن أمثلة لأني أحترم براد بيت والأخطاء التي ربما وقع بها كانت قليلة جداً وطبيعية ولم يتعرض التصوير لأي مشاكل بسببها. أؤكد لك ذلك. مسألة اللكنة مسألة جادة ومهمّة لأنها تحد كبير أمام الممثل حتى بعض الممثلين البريطانيين في أمريكا أو العكس. كلام صحيح جداً. بالنسبة لي اكتشفت سابقاً أنني لست أفضل من أجاد اللكنات. ليس لأنني لا أستطيع التقليد بل لأن مجرد التقليد يحوّلني ويحوّل غيري إلى أداء غير طبيعي. أداء مفبرك إلى حد مزعج. لذلك أمثل بلكنة إنجليزية عامّة وهذا يزيل أسباب القلق تماماً. هل تجدين أنك نجحت في السينما الأمريكية كنجاحك في نظيرتها الأوروبية؟ هذا سؤال صعب. لا أعرف كيف أجيب عليه لأنني لا أعرف ما هو المقصود بكلمة نجاح. مثلاً إذا كان النجاح هو تمثيلي في أفلام هوليوود فأعتقد أن هذا تحقق بالفعل. وإذا كنت تقصد من ناحية ثقافية فلا بديل لأي ممثل عن موطنه الثقافي الأول. أعتقد أنني كأي ممثل آخر نرتاح في أوطاننا التي هي بيوتنا. هذا ربما يحدث مع الممثلين الأمريكيين عندما يمثلون في أفلام أوروبية أو آسيوية. كيف تشعرين حيال أن العديد من المشاهدين لا يزال يذكرك في فيلم حياة وردة عندما مثلت سيرة حياة المغنية إديث بياف؟ أشعر بسعادة كبيرة بالفعل. إنه الدور الذي ما زلت أنا نفسي أشعر بأنه الدور الأكثر دفئاً من بين كل ما مثلته من أفلام. ليس فقط لأنه كان أحد الأفلام الناجحة جداً لي وحول العالم، بل أيضاً لأنه معالج فنياً على نحو جيد ولأنه خصوصاً يدور حول فنانة أحبها وأحب سماع أغانيها وأدرك قيمتها الكبيرة كفنانة. نجاحاتك المتواصلة تشمل أيضاً بعض أفلامك الأمريكية مثل الأمير الصغير والمهاجرة. دعني أخبرك باعتراف صغير. لم أشعر في البداية بأي رغبة في التمثيل خارج فرنسا أو في أي بلد لا ينطق بالفرنسية. لم أتصوّر في مطلع حياتي أنني سأصل إلى مرحلة يعني فيه النجاح محلياً فرص العمل في هوليوود أو في بريطانيا. هل تتمنين العمل مع مخرجين معينين؟ هناك مخرجون كثيرون أحب العمل معهم من دون أن أقلق على النتيجة لأني متأكدة منها سلفاً، لكني لا ألاحقهم لكي أعمل معهم. فعلت ذلك مرّة واحدة عندما كتبت للمخرج الدنماركي توماس فندربيرغ لكي أمثل تحت إدارته. من هم الممثلون الذين كنت تودين لو عشت في عصرهم ومثلت أمامهم؟ كنت دائماً أحلم بالتمثيل أمام بيتر سلرز وعندما بدأت مشاهدة الأفلام الكلاسيكية أحببت أعمال السير لورنس أوليفييه وجيمس ستيوارت. ما أثار اهتمامي لدى هؤلاء قدرتهم على التحول من أداء فيلم بشخصية ثم أداء فيلم آخر بشخصية مناقضة للأولى وبالنجاح نفسه. وبالنسبة للشخصيات ذاتها. أي شخصية قمت بتمثيلها جذبتك أكثر من سواها؟ كما ذكرت لك شخصية إديث بياف في حياة وردة. هذه تبقى معي كل الوقت. لكني أحببت دوري في فيلم الأخوين داردين في فيلم يومان وليلتان. أحببت دوري كثيراً لأنه كان يعني تأدية شخصية امرأة من الحضيض في وضع اقتصادي متأزم ورغبة في الخروج من هذا الوضع عبر منع أصحاب المصنع من تسريحها. كنت أعرف صديقة مرّت بالتجربة ذاتها ما تسبب لها بألم وحزن كبير. إلى أي مدى تسمحين لنفسك بالاقتراب من الشخصية التي تمثلينها؟ أقترب كثيراً. الشخصية التي أمثلها هي أنا الأخرى التي لم أكن أعرفها. علي أن أتعرّف إليها قبل أن يبدأ التصوير ثم أنتقل إليها عندما يبدأ التصوير. تصبح أنا وأنا أصبح هي. هناك بعض الممثلين والممثلات يلتحقون بالعمل مع مخرجين على نحو شبه ثابت. مثلاً هيلينا بونام كارتر مع زوجها تيم بيرتون. وواكين فينكس مع بول توماس أندرسون. كيف تشعرين تجاه هذه الحالة؟ أعتقد أنها حالة صحية تماماً. لكن هي أيضاً حالة صحية إذا لم يرتبط الممثل مع مخرج معين لأي سبب كان. الأساس هو الفيلم وليس التعاون بحد ذاته. المخرجان اللذان ذكرتهما مشهود لهما بالجودة وأعتقد أنه لهذا السبب، فإن الممثلين يوافقون على التمثيل دوماً معهما. أعني أن الممثل يعرف تماماً قيمة أي مخرج ويقرر إذا ما كان يريد إعادة التجربة معه أم لا. طبعاً هناك المخرج الذي يحب التعامل مع ممثل واحد قدر الإمكان وهذا أيضاً لأنه مقتنع به. في حالتي لم أبحث عن مخرج معين لمثل هذا النوع من التعامل. وهذا ليس خطأ أيضاً.
مشاركة :