في رائعته الشهيرة الزهايمر يفتتح غازي القصيبي أولى رسائل بطل الرواية يعقوب العريان لزوجته نيرمين إذ كتب لها من رحلته العلاجية قائلاً: كان علي أن أخبرك بما حدث بمجرد علمي. ومتى علمت؟ قبل شهور، أو ربما قبل سنة. التفاصيل الصغيرة بدأت تضيع، وقريباً ستضيع التفاصيل الكبيرة. آه! هل يمكن أن تكبر التفاصيل وتظل مجرد تفاصيل؟! والشيطان -كما يقول المثل الغربي- يختفي في التفاصيل.. لهذا ربما، تختفي التفاصيل: يخفيها الشيطان الذي يختفي فيها. حسناً! كان علي أن أخبرك بمجرد أن قال لي الطبيب إنه يشك، كانت المسأل مجرد شك، في إصابتي بالزهايمر. لا أعرف لماذا هرولت صوب أقصوصة الزهايمر تحديداً حيث تختبئ خلف عشرات الكتب المتكدسة في مكتبتي الصغيرة المبعثرة بمجرد سماعي لإداري القادسية عبدالله بادغيش وهو يعبث بتاريخ مواجهات الاتفاق والقادسية، ويزور حقيقتها المدونة في سجلات الاتحاد السعودي، لعل سبب ذلك محاولة البحث عن عذر له، بأنه قد بدأ ينسى التفاصيل الصغيرة كما نسيها أول مرة يعقوب العريان قبل أن يفارق الحياة في إحدى مصحات واشنطن، لكن الخشية عليه قريباً أن ينسى التفاصيل الكبيرة، فيضع تاريخ ناديه موضع تاريخ الاتفاق الذي يمثل أحد أهم الأجزاء الكبيرة في تاريخ الرياضة السعودية، أو أن يضع تاريخه المتخم بالفشل والانكسارات والطرد والإيقافات أمام تاريخ الإداري الاتفاقي الكبير محمد الدوسري أبو سلطان بكل إنجازاته ونصاعته وأدبه وهو الذي يحاول في كل مرة الاحتكاك به إعلامياً.. نعم أخشى ذلك. مخاوفي تشتد على بادغيش وأنا أراه يسعى لتكذيب الإعلاميين الذين ضبطوه متلبساً وهو يدخن داخل الملعب في مباراة فريقه الأخيرة مع الفتح، بعد أن فشل في الاختباء خلف ممر دخول اللاعبين اصطادته الكاميرات وهو ينفث دخانه ضارباً بكل القوانين الحكومية في هذا الشأن عرض الحائط، وحينما صدمته الصور التي تناقلتها الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي خرج بدلاً من أن يعتذر لسوء فعله ليقول بأنها فوتشوب، وأنه يعرف من فبركها؛ لكنه لا يملك الوقت لكشفهم، وهو تصور -لعمري- خطير أخشى عليه منه، فلعلها ملامح الإصابة بـ البارانويا، أو ما يعرف بمرض الوهام، وهو مرض نفسي مزمن يجعل من يصاب به يؤمن إيمانا وثيقا بتعرضه للاضطهاد أو الملاحقة. ما نلمسه قبل أو بعد أو أثناء كل مواجهة للقادسية من تصرفات لبادغيش هو تطور خطير مع قيمة ومكانة النادي الكبير، ويحتاج إلى وقفة من أبناء القادسية، لاسيما رجال النادي التاريخيين وعقلاءه، فالموضوع يتجاوز شخصه، فهو اعتاد على التعريض به، والغرامات، والطرد، والإيقافات؛ وهو أمر يخصه، لكن ما لا يخصه هو قيمة الكيان الكبير الذي بناه أبناء الخبر بجهدهم وعرقهم ومالهم، أما بادغيش فلا يملك من هذا التاريخ شيئاً.
مشاركة :