يشهد قطاع الأعمال والاستثمار في المغرب حالة ترقب، بسبب تعثر مفاوضات تشكيل الحكومة للشهر الثالث على التوالي. وأفادت مصادر «الحياة» بأن البرلمان «لن يتمكن من المصادقة في الآجال الدستورية (نهاية السنة) على مشروع موازنة 2017 المعروض عليه منذ 20 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ما يتطلب اللجوء إلى إطلاق اعتماد مالي استثنائي، إلى حين التغلب على الصعوبات السياسية». ولفتت إلى أن القانون التنظيمي للموازنة يتضمن «إجراءات تسمح لوزارة المال والاقتصاد بصرف النفقات العادية. ولن يحصل أي تخلف في صرف الأجور ونفقات التسيير والعلاوات، ومستحقات الشركات والديون والالتزامات الدولية للمغرب، وكل ما يسمح بالسير العادي لمرافق الدولة». وهذه المرة الثالثة التي يتأخر فيها اعتماد الموازنة لأسباب سياسية، وقبل ذلك مرتين عامي 1998 و2012. وطلب وزير الاقتصاد والمال محمد بوسعيد من رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، عقد اجتماع حكومي استثنائي بعد عيد المولد النبوي الشريف للمصادقة على مرسوم «فتح اعتماد مالي في الخزينة العامة لصرف نفقات التسيير والأجور وتكاليف المؤسسات العامة ومستحقات الشركات، بعدما تعذر إقرار الموازنة في البرلمان». وينتمي الوزيران على التوالي إلى «التجمع الوطني للأحرار» و «العدالة والتنمية»، وهما خصمان وحليفان في آن، وبينهما خلافات عميقة حول تشكيل الحكومة المقبلة وطريقة عملها وأولوياتها. وأوضحت مصادر في وزارة المال والاقتصاد أنها «لا تتحمل مسؤولية عدم المصادقة على الموازنة الجديدة، لأن تشكيل الحكومة من اختصاص الرئيس المعين من الملك». وأشار مصدر في الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الى «حالة ضبابية في وضع التوقعات والخطط الاستثمارية ومشاريع التوسع والتمويل وفرص العمل، بسبب التعطل الحكومي وعدم إقرار الموازنة التي نستند إليها في مجال برامج الأعمال». وأشار إلى أن «الصعوبات تشمل أيضاً تحصيل الديون المستحقة على الإدارة واسترجاع القيمة المضافة، والتمويل المصرفي والولوج إلى الصفقات والمشاريع العامة». وتتضمن الموازنة المقبلة مشاريع استثمارية بقيمة 190 بليون درهم (نحو 20 بليون دولار)، لكن لن ترى النور قبل إقرار الموازنة المتوقعة في الربع الأول من العام المقبل على الأقل، ما سيضيع على شركات القطاع الخاص فرصاً كبيرة من عقود العمل الحكومية. ويمكن الشركات العامة الكبيرة المباشرة في مشاريعها الاستثمارية المخططة قبل عام 2017. ورجّحت تلك المصادر إفلاس شركات صغيرة كثيرة، بسبب شح السيولة والتمويل وارتفاع معدل البطالة المقدر حالياً بـ21 في المئة في صفوف الجامعيين وحاملي الشهادات العليا. ولا يستبعد مراقبون تأخر اعتماد «النظام المصرفي الجديد» الذي يسمح بعمل المصارف الإسلامية التشاركية للمرة الأولى في تاريخ المغرب، وهو رهان تسعى من خلاله الرباط إلى زيادة التدفقات والاستثمارات المالية من دول مجلس التعاون الخليجي، وتحويل الدار البيضاء إلى قطب للتمويل الإسلامي في أفريقيا جنوب الصحراء. وكان بوسعيد أعلن أن الخزينة ستطلق العام المقبل صكوكاً (سندات إسلامية) للمرة الأولى، لتمويل عمل المصارف التشاركية في نوع من تكامل الخدمات بين نظامين للتمويل المصرفي وتنويعها، يعتمد أحدها الفائدة والآخر المشاركة والمرابحة والمضاربة على أساس الشريعة، وتحت سلطة المجلس العلمي والمصرف المركزي. وتوقعت المصادر تأخير العمل بهذا القانون إلى النصف الأول من العام المقبل، لأن إصدار الصكوك يجب أن يتضمن إجراءات تفصيلية داخل مشروع الموازنة تسمح للحكومة بهذا الإصدار. وتقدر نفقات موازنة 2017 بنحو 399 بليون درهم (نحو 42 بليون دولار)، والنمو الاقتصادي يصل إلى 4.5 في المئة من الناتج، بفضل توقع محصول زراعي جيد في الصيف المقبل، بعد حصاد هزيل العام الماضي لم يتجاوز ثلث الإنتاج من الحبوب. وأعلن وزير الزراعة والصيد البحري عزيز أخنوش، «حراثة 4 ملايين و300 ألف هكتار من أصل خمسة ملايين مخصصة للحبوب الرئيسة والقمح، بفضل عودة موسم الأمطار التي بلغت 153.2 ملليمتر أي بزيادة 135 في المئة مقارنة بالعام الماضي. وتساهم الزراعة في نحو 16 في المئة من الناتج الإجمالي، ويعمل في القطاع 33 في المئة من القوى العاملة، وهي تساهم مع الصيد البحري والصناعة الغذائية في 20 في المئة من مجموع الصادرات.
مشاركة :