القدس - على الرغم من بقاء 1200 مسيحي فلسطيني فقط في غزة -يمثلون شريحة صغيرة من سكان القطاع الذي تديره حركة المقاومة الإسلامية (حماس)- يبذل الفنان الفلسطيني المسيحي نصر الجلدة قصارى جهده للحفاظ على التراث المسيحي من خلال الفن. ويمضي الجلدة أيامه في نحت تماثيل لرموز مسيحية وحفر منحوتات تصور مشاهد من الكتاب المقدس ورسم صور يرى المسيحيون أنها للسيد المسيح والسيدة مريم العذراء وقديسين وذلك في الأستوديو الخاص به في وسط غزة القديمة على مقربة من الكنيسة الأرثوذكسية التي بُنيت في القرن الخامس الميلادي. وقال نصر الجلدة (57 عاما) الذي ينتمي لطائفة الأرثوذكس "ديني هذا..يعني أنا بأنشره أو حابب أظهره للناس عمليا أو فوتوغرافي يشوفوه مش بس بالكلام يعني". وبينما يمارس النحت يضع الجلدة كمامة واقية على أنفه بينما يستمع إلى موسيقى دينية هادئة تتردد في أرجاء الأستوديو في جو يرجع إلى عصر غير العصر. وتغطي أعمال الجلدة الجدران وتوضع مزيد منها على أذرع المقاعد والأرائك بينما توضع أخرى فوق بيانو روسي قديم يعود إلى 150 عاما. وبالإضافة إلى الرسم والنحت يعزف الجلدة البيانو والجيتار والأكورديون. وينشغل الجلدة هذه الأيام مع اقتراب عيد الميلاد المجيد -الذي يحتفل به الأرثوكس يوم السابع من يناير/ كانون الثاني- بإبداع قطع فنية يقدمها هدايا لأصدقائه وأقربائه بمناسبة الأعياد. وعلى الرغم من أنه يعمل بمجال الفن منذ 35 عاما فإن نصر الجلدة لم ينظم معرضا لأعماله أو يعرضها للبيع. وبدلا من ذلك فإنه يقدمها في صورة هدايا لأصدقائه ومعارفه في المناسبات والاحتفالات المختلفة. وقال "أنا بأستغل خبرتي بالفن اللي هو النحت أو الحرق على الخشب. فيه عندي الرسم كله بأشكاله بأستغله بهدايا بالأعياد خصوصا بالكريسماس عندنا. ممكن إذا حبيب أو صديق تجوز (تزوج) أو قريب أعمل له أنا هدية من شغلي بدل ما أشتري من السوق.. أنا بأقدم له من شغلي أنا". ويوضح الجلدة أنه بدأ يفكر في تنظيم معرض لأعماله قريبا. ويتعشم نصر الجلدة أن يحصل خلال الأسبوعين المقبلين على تصريح من إسرائيل ضمن نحو 800 تصريح تمنحهم لمسيحيين تتيح لهم السفر إلى بيت لحم في الضفة الغربية لحضور قداس عيد الميلاد المجيد في المدينة التي شهدت مولد السيد المسيح. ورغم العلاقات الطيبة بشكل عام بين المسيحيين في غزة وجيرانهم المسلمين إلا أن جماعات سلفية شنت هجمات متفرقة على مقابر ورموز مسيحية. ويؤكد الجلدة أن الاقتصاد يعاني في ظل الحصار المفروض من إسرائيل ومصر -بهدف الضغط على حماس- والتجارة المحدودة مما يرفع تكلفة المعيشة ويسبب الإحباط. لكن الفنان الذي يزين بابه الأمامي الأبيض صليب صغير مطلي باللون الأزرق يقول إنه عاقد العزم على البقاء في غزة حيث يعيش منذ أكثر من نصف قرن.
مشاركة :