ما زال فوز ترامب في الثامن من نوفمبر يلقي بظلاله على كافة فئات الأصول؛ حيث أدت احتمالات السياسات الداعمة للنمو وارتفاع معدلات التضخم إلى ارتفاعات غير مسبوقة في وول ستريت، بينما ارتفعت عوائد السندات واسترد الدولار عافيته. إضافة إلى ذلك، فإن قرار أوبك بخفض الإنتاج جعل نوفمبر شهراً حافلاً بالمفاجآت. حسبما ذكر تقرير ساكسو بنك. اضاف التقرير ان تداولات قطاعات السلع الكبرى ارتفع باستثناء المعادن الثمينة، خلال الأسبوع الماضي بالرغم من استمرار الرياح المعاكسة من الدولار المتصاعد. وقد توقفت معدلات النفط الخام في أعقاب الارتفاع القوي الذي سبق اجتماع المنتجين غير الأعضاء في منظمة أوبك، بينما تصاعد الغاز الطبيعي إلى مستويات أعلى مع هبوب رياح قطبية باردة ساهمت في رفع الأسعار في الولايات المتحدة إلى أعلى معدلاتها منذ عامين. كما حافظت المعادن الصناعية على مكاسب قوية حققتها خلال الشهرين الماضيين نتيجة لارتفاع الطلب من الصين، بينما حاولت المعادن النفيسة منافسة الدولار الأقوى. وقد أدى استمرار ارتفاع الأسهم مقروناً بارتفاع عوائد السندات وقوة الدولار إلى الكثير من الغموض فيما يتعلق بالتوجه المستقبلي للمعادن الثمينة؛ حيث تراجع مجموع الأصول المتداولة المدعومة بالذهب بمعدل 164 طناً منذ الثامن من نوفمبر بينما قامت صناديق التحوط المالي بخفض الرهانات المتفائلة بما يزيد على 60% منذ الرقم القياسي الذي حققته في يوليو. وقد احتفظ متداولو الخيارات بتوجه سلبي، لكن وبالرغم من أن أسعار خيارات العرض كانت أكثر من أسعار الطلب 3% قبل أسبوعين، وهو المستوى الأكثر سلبية خلال 15 عاماً، إلا أن هذا الفرق قد انخفض الآن حتى وصل إلى 0.6% فقط. وقد استقرت الفائدة المفتوحة في سوق العقود الآجلة وقد يكون هذا أيضاً مؤشراً على أن الضغط باتجاه البيع من التصفيات طويلة الآجل قد بدأ بالتراجع. كما تُعد نسبة الذهب إلى الفضة مؤشراً آخر على استقرار السوق؛ حيث تراجعت تلك النسبة إلى ما دون 70 مع تفوق الفضة مجدداً. ولا شك في أن جزءاً من هذا التفوق يعود إلى الرابط ما بين هذا المعدن الأبيض وطفرة النمو في قطاع المعادن الصناعية، إلا أنه يدل أيضاً على تعديل المواقف إلى المستويات الجديدة الأقل. نسبة الذهب إلى الفضة أقل، وهو مؤشر على ضغط باتجاه البيع بالنظر إلى المنحى الذي تأخذه الفضة أمام الذهب في الأزمات، حيث تكون الفضة أضعف أداء. دعم السوق لمنتجي النفط وقد شهد سوق النفط الخام أسبوعاً هادئاً نسبياً بعد الارتفاع الكبير الذي أعقب موافقة أوبك على خفض الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل/ اليوم في الثلاثين من نوفمبر. وقد أدت توقعات اتزان السوق بأقرب مما هو متوقع إلى تحول كبير في تعاملات البيع المتوقعة إلى عمليات شراء إضافية. وسوف يصبح مدى هذا التحول معروفاً بعد إغلاق السوق يوم الجمعة وقيام لجنة تداول السلع الآجلة بإصدار البيانات المتعلقة بتداولات صناديق التحوط للأسبوع المنتهي في 6 ديسمبر. وكان من أهم عوامل حشد دعم السوق لهذا القرار بخفض الإنتاج هو التزام المنتجين غير الأعضاء في منظمة أوبك بخفض الإنتاج بمقدار إضافي بلغ نحو 600.000 برميل في اليوم. وقد يزيد في الصعوبة ما نراه من ارتفاع للإنتاج في كل من ليبيا ونيجيريا، وكلاهما معفى من خفض الإنتاج. وقد رفعت هاتان الدولتان من إنتاجهما بما مجموعة 140.000 برميل في اليوم خلال شهر نوفمبر وتسعى نيجيريا إلى إضافة 400.000 برميل في اليوم قبل شهر فبراير. وتستمر هذه التطورات بإثارة الشك في نفوس الكثيرين إزاء فرصة ارتفاع النفط في هذه المرحلة. إلا أن تحسن التطلعات الفنية ترك السوق في حالة من التفاؤل وهناك احتمال بحدوث ارتفاع في السوق على المدى القريب. وكلما ارتفع السوق كلما زاد خطر حدوث ارتداد حاد بعد أن تبدأ أخبار عدم التزام أوبك أو عدم حدوث أي تطورات إيجابية في سوق النفط الصخري الأمريكي بالتواتر. وقد تكون مخازن النفط المهجورة في البر والبحر مصدراً إضافياً للتوريد خلال الأشهر المقبلة مع تلاشي الاقتصاد الذي تقوم عليه مثل تلك الاستراتيجيات. فالطلب من المستثمرين في المقدمة وقيام المنتجين بالبيع (التحوط) خارج منحنى العقود الآجلة، أدى إلى انخفاض حاد في سوق عمليات التأجيل. وقد أدى هذا إلى إزالة الحافز لشراء النفط بغرض التخزين والبيع في تاريخ آجل. وما يمكن أن نراه عوضاً عن ذلك هو طرح عشرات الملايين من براميل النفط في السوق خلال الأسابيع والأشهر المقبلة. وقد بدأنا نشهد نمطاً أشبه برأس وكتفين بدأ بالبروز منذ سبتمبر 2015، ويحتمل أن يؤدي إلى زيادة أسعار النفط بشكل أكبر. فالمتداولون الذين يقومون باستخدام التحليل الفني غالباً ما يقومون بالتداول في الأسواق دون النظر إلى الأصول المرتبطة به. وفي هذا المستوى من مرحلة انتعاش سعر النفط، فإن خطر زيادة الطلب الناتجة عن ارتفاع الأسعار قد لا يكون مجدياً في النهاية. وقبل أن يحدث ذلك، هناك خطر من تجدد ارتفاع الرهانات الإيجابية إلى مستوى غير قابل للاستدامة. وقد يؤدي هذا إلى تعريض السوق إلى تصحيح كبير وغير مبرر كما سبق وأن رأينا في عدة مناسبات خلال هذا العام. التقويم المالي في 2016 لم يبق سوى أسبوع واحد فقط من التداول قبل أن تهدأ الأسواق بقدوم موسم الأعياد، ولم يزل هناك حدث واحد رئيسي مرتقب في التقويم المالي لهذا العام، ألا وهو آخر اجتماع للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في 14 ديسمبر/كانون الأول، الذي يتوقع أن يقود إلى ثاني زيادة لمعدل الفائدة خلال هذه الدورة التي بدأت قبل عام من الآن. إذ يتوقع السوق ارتفاع معدل الفائدة، فقد نرى حشداً للتخفيف من أثر تلك الزيادة إلا أن مدى السماح لهذا الحشد بالاستمرار يعتمد على التوجيهات المستقبلية من اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة. وبما أن توقعات النمو والتضخم آخذة بالارتفاع، وخاصة مع توقعات مساهمة رئاسة ترامب بالرفع من الاثنين، لا سيما التضخم، فقد تجد اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة نفسها مجبرة على اتخاذ توجه أكثر صرامة خلال عام 2017. تصحيح عميق للذهب بعد أكبر تراجع شهري تعرض له الذهب على مدى ثلاثة أعوام، فقد تمكن الذهب من التداول على مستوى مستقر نسبياً خلال الشهر الحالي؛ حيث يقارب متوسط سعره، ولا عجب، 1,172 دولاراً للأونصة. ويعتبر هذا مستوى فنياً حيوياً إذ يمثل تراجعاً بنسبة 61.8 % مقارنة بالارتفاع الذي حدث خلال الفترة من ديسمبر 2015 إلى يوليو 2016. وقد يحدد الفائز في هذا الصراع بين قوى الطلب والعرض توجه الذهب خلال الأشهر المقبلة. فإذا حدثت قفزة عن المستويات الحالية، فقد يكون هذا مؤشر على أن البيع منذ شهر يوليو كان مجرد تصحيح عميق في المنحى التصاعدي الذي بدأ قبل عام، بينما قد يكون الانحدار إلى ما دون المستوى الحالي مؤشراً إلى فترة مطولة من تراجع الأسعار. وعلى هذا الأساس، فإن قدرة الذهب على التمسك بسعر 1,172 دولاراً للأونصة، قد تكون مؤشراً مبكراً على عودة الطلب من مصادر أخرى غير الأصول المتداولة في البورصة. لكن، من أجل رؤية تغيير في المشاعر نحو الحياد، يجب أن ترتفع أسعار الذهب إلى ما فوق حد المقاومة البالغ 1,200 دولار للأونصة. إلا أنه وعلى المدى القريب، فإن انتعاش الدولار - خاصة مقابل اليورو ما دون سعر 1.05 يورو والين ما فوق سعر 115 ين - سوف يستمر بمثابة تحدٍ لعزم الذهب. استقر الذهب ضمن نطاق ثابت نسبياً حول المستوى الحيوي البالغ 1172 دولاراً للأونصة.
مشاركة :