المضادات الحيوية فخ كبير يمكن أن يؤدي إلى الوفاة من بين الأوهام الشائعة في المجتمعات العربية أن المضادات الحيوية تقاوم نزلات البرد والأنفلونزا، وهو خطأ شائع يقع فيه الكثيرون؛ إذ أن تلك المضادات لا تقضي على الفيروس بل تتعامل مع البكتيريا، وكما هو معروف فإن الانفلونزا تسببها الفيروسات. العربنجوى درديري [نُشرفي2016/12/12، العدد: 10483، ص(17)] تحذيرات من سوء استخدام المضاد الحيوي مع قدوم فصل الشتاء وكثرة الإصابة بالأمراض المعدية، البكتيرية والفيروسية، يلجأ الكثيرون إلى المضادات الحيوية كعلاج سريع وفعال، دون وعي منهم بمدى خطورتها على الصحة، بل قد تؤدي إلى الوفاة أحيانًا. وأوضح أطباء أن البعض من الأسر العربية تلجأ إلى الاعتماد على المضادات الحيوية اعتقادًا منها بأنها تعالج أمراض البرد وارتفاع درجة حرارة الجسم واحتقان الحلق -التهاب اللوزتين- وهي الأعراض الشائع حدوثها في فصل الشتاء، في حين أن المسبب لهذه الأمراض هو البكتيريا وليس الفيروسات. وبمجرد إحساس أحدنا بنوبة البرد أو بسخونة في جسمه، يسارع إلى الصيدليات طلبًا لتلك المضادات، متصورًا أنها تعالج كل شيء، دون أن يكون على وعي كافٍ بأنواعها المختلفة ودون استشارة طبية. المضادات الحيوية عُرفت فعليّا في بداية القرن العشرين، عندما اكتشف العالم الأسكتلندي “ألكسندر فليمنغ” مضاد “البنسلين”، الذي تم استخراجه من “العفن” عام 1928، حيث كان هذا المضاد أساسًا لعلاج الكثير من الأمراض التي تسببها العدوى، حتى أن إحدى التسميات التي تطلق على القرن العشرين هي “قرن المضادات الحيوية”. كذلك فإن الأوراق الطبية القديمة، عند العرب والصين، تحدثت عن تلك المضادات، التي بدأ استعمالها منذ أكثر من 2500 سنة. ويقال إن قدماء المصريين والإغريق قد استخدموها، لكنها لم تكن بالشكل المتعارف عليه الآن، بل في شكل نباتات لها نفس خصائص المضادات الحيوية التي اكتشفت في ما بعد. ومما لا شك فيه أن المضادات الحيوية أحدثت ثورة طبية منذ اكتشافها واستخدامها في علاج الأمراض البكتيرية المُعدية، ولكن -ولأن لكل شيء منافعه ومضاره- كانت للاستخدام السيء للمضاد الحيوي آثار جانبية سيئة على صحة الإنسان، الأمر الذي جعل جهات عدة على مستوى العالم تنهض للتوعية بمخاطر استخدامها. حذرت منظمة الصحة العالمية من استخدام المضادات الحيوية بشكل غير صحيح وشددت على أهمية التوعية بخطورتها. وذلك في مؤتمر عقدته مؤخرًا بالقاهرة، بمناسبة الأسبوع العالمي الثاني للتوعية حول المضادات الحيوية، تحت شعار “المضادات الحيوية.. التعامل بحرص”. وأكدت في بيانها أن المضادات الحيوية صارت تمثل خطرًا كبيرًا يهدد صحة الإنسان، وأنها بحلول عام 2050 ستؤدي إلى وفاة 10 ملايين إنسان وذلك لأن المضادات ستصبح أقل فاعلية في قتل العدوى البكتيرية وهو ما يعرف طبيّا بمقاومة المضادات البكتيرية. وأوضحت التقارير الطبية أن أنواعًا عديدة من البكتيريا باتت تقاوم المضادات الحيوية بشراهة وتتغلب عليها، ما يجعل مشكلة سوء استخدام المضادات الحيوية تتزايد وتؤثر بشكل سلبي على الصحة، بحسب زيادة جرعات الدواء أو انخفاضها، أو مع سوء استخدامها كعلاج سواء للإنسان أو للحيوان. إن البكتيريا المتحولة، نتيجة للإسراف في استعمال المضادات، يمكن أن تؤدي إلى أمراض مُعدية أشد شراهة وفتكًا من الأمراض التي تنتج عن البكتيريا غير المتحولة. وترتفع في إقليم الشرق الأوسط، وبعض المناطق الأخرى في العالم، معدلات مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية وتقوم بتحويلها إلى أنواع أكثر شراسة، تهدد قدرة الإنسان على معالجة الأمراض المعدية. المضادات الحيوية صارت تمثل خطرا يهدد صحة الإنسان، وبحلول عام 2050 ستؤدي إلى وفاة 10 ملايين شخص وقالت رنا حاشي، رئيسة قسم الأمراض المعدية بمنظمة الصحة العالمية العاملة في منطقة الشرق الأوسط، لـ”العرب”، إن المضادات الحيوية لا تعالج إلا الأمراض المُعدية الناجمة عن الجراثيم ( البكتيريا) ومع هذا يتم استخدامها بشكل خاطئ من قبل المرضى، كاستخدامها في علاج أمراض البرد مثلًا. ولفتت إلى أن هذا السبب هو ما جعل منظمة الصحة العالمية تبدأ في تنفيذ حملة للتوعية على نطاق منطقة الشرق الأوسط، بهدف تثقيف الناس ضد مخاطر تلك المضادات. ونصحت بضرورة أن نتعامل مع المضادات الحيوية بحذر شديد، حتى لا نخسرها، لأن الجراثيم التي يتم علاجها بالمضادات الحيوية أصبحت لديها مناعة ضدها، ما جعل مفعول المضادات الحيوية يتلاشى في الكثير من الحالات، بسبب تحوّل البكتيريا والجراثيم لتنتج أجيالًا منها، أشد شراسة. وأشارت إلى مسألة أخرى أكثر خطرًا، وهي أن هذه المضادات يتم استخدامها في مجال الزراعة والإنتاج الحيواني وتحديدًا في العلاج البيطري للأبقار والماعز والدواجن التي يستهلك الإنسان لحومها، ما يؤثر على صحته سلبا، نتيجة التأثير الضار للمضاد. وشددت على أن هناك قوانين دولية تمنع المزارعين من ذلك، ولكنها للأسف غير مفعلة في الكثير من الدول، خاصة العربية منها. وفي دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية في مصر على عينة من البشر بلغت 511 شخصًا -لتوضح كيفية التعامل مع المضادات الحيوية- وُجد أن 96 بالمئة منهم تناولوا جرعات من المضادات الحيوية، كعلاج للبرد والأنفلونزا قبل ستة أشهر من بدء الدراسة. وتبين أيضًا أن 25 بالمئة منهم لم يكملوا الجرعة الكاملة من المضاد بل توقفوا عن استكمالها بمجرد شعورهم بالتحسن، كما اتضح أن 55 بالمئة من هؤلاء لا يعرفون المضادات الحيوية أصلا. وقال علي عبدالله، مدير المركز المصري للدراسات الدوائية ومعالجة الإدمان، إن الثقافة الشعبية في استخدام المضاد الحيوي بشكل خاطئ أحد الأسباب الشائعة التي تضر بصحة الإنسان، مؤكدا أن 90 بالمئة من الفيروسات المسببة للبرد لا ينجح المضاد الحيوي في القضاء عليها، لأنه يهاجم البكتيريا وليس الفيروس. وأشار عبدالله، لـ”العرب”، إلى أن من الأخطاء الشائعة لجوء المريض إلى الطبيب الصيدلي، والذي بدوره يقوم بإعطاء المريض مجموعة من المضادات الحيوية كجرعة واحدة يتناولها لعلاج البرد -وتُعرف في مصر باسم “المجموعة”- وشدد على أن في ذلك خطورة شديدة على صحة الإنسان. وأضاف عبدالله أن المضاد الحيوي-في حد ذاته- ليس خطيرًا على صحة الإنسان، بل إن سوء استخدامه هو ما يضر. كما أن الاستخدام السيء للمضادات الحيوية، ستكون له كلفة اقتصادية باهظة، حيث سيتطلب علاج المريض الذي تناول المضاد الحيوي بشكل خاطئ، بقاءه في المستشفى لفترة طويلة، وأيضًا سيكلف الدول المزيد من الإنفاق على الأدوية المعالجة لتأثيرات المضاد الحيوي، كما أن خطر الوفاة وارد. كانت منظمة الصحة العالمية أكدت في تقاريرها الصادرة بخصوص التوعية بمخاطر استخدام المضادات الحوية، أن هناك إجراءات يمكن أن تقلل من الخطر الناجم عن استخدام هذه المضادات، ومنها الحرص على غسل اليدين، والنظافة الشخصية ومراعاة النظافة في تجهيز الطعام، بالإضافة إلى تجنب مخالطة المصابين بأمراض مُعدية والحرص على تناول التطعيمات في وقتها المناسب. وأكدت رئيسة قسم الأمراض المعدية بمنظمة الصحة العالمية، أن حملات التوعية ستكون على عدة مستويات، بدءًا من المواطن العادي، مرورًا بالعاملين في القطاع الصحي، وانتهاءً بالأطباء والصيادلة أنفسهم، وستكون عبر حملات إعلانية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والإعلام. :: اقرأ أيضاً من أخرج المرأة من غرفتها الأثيرة.. المطبخ الوسواس والمزاج يتحكمان في صداقة الفتيات مواصفات أحمر الشفاه المثالي التفاؤل يحصن النساء من الإصابة بالأمراض القاتلة
مشاركة :