الجزائر: المفرقعات تؤرق السلطات في مناسبة المولد النبوي

  • 12/12/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

والتي تخلف ضحايا كل سنة، إلى مرض مزمن لم تفلح إجراءات السلطات وعمليات التوعية الدينية والاجتماعية في مواجهته. وفي ليلة المولد النبوي من كل سنة يخيل للساكن أو المار بأحياء شعبية في العاصمة مثلاً أنه في منطقة تعيش حربا أهلية ومواجهات مسلحة نظرا لحجم التفجيرات والأصوات المنبعثة منها. وتتحول الأحياء عبر مختلف أنحاء الجزائر لفضاءات تجارية لبيع المفرقعات المعروفة محليا بتسمية "المحارق"، من مختلف الأحجام والأنواع، والتي صارت لها تسميات محلية حسب درجة وقوة انفجارها، حسب ما رصده مراسل الأناضول. وتحتفل الجزائر على غرار دول إسلامية يوم الإثنين 12 ديسمبر/ كانون الأول بذكرى مولد نبي الإسلام محمد وهو يوم إجازة رسمية في البلاد. وظهرت خلال هذه السنة مفرقعات ذات انفجار هائل اصطلح على تسميتها بـ "محرز" نسبة للاعب الدولي الجزائري في صفوف "ليستر" الإنجليزي رياض محرز، فيما كانت المفرقعة الأكثر شهر خلال العام الماضي تحت تسمية "داعش" نسبة للتنظيم الإرهابي الذي يصنع الرعب في عدة بلدان. ويشتبك الشباب والأطفال عبر مختلف الأحياء في ليلة المولد النبوي باستعمال المفرقعات تتخللها مظاهر للكر والفر، ما يفرض أحيانا حظرا للتجوال عبر الأحياء والأزقة وخصوصا في المدن الكبرى. وتسجل المصالح الصحية في الجزائر المئات من الإصابات والأضرار الجسمانية الناجمة عن استعمال المفرقعات في كل ليلة مولد نبوي، وتتباين بين جروح وحروق وإصابات في العين وبتر للأصابع وحتى حرائق منزلية. ودفع تكرار هذه الظاهرة بجهاز الدفاع المدني الجزائري (الحماية المدنية) إلى وضع رقم أخضر يسمح للمواطنين بالتواصل مباشرة مع لجنة الإصغاء والتبليغ الحوادث المسجلة جراء استعمال المفرقعات في ليلة المولد النبوي حسب بيان سابق للهيئة تحضيرا للموعد. كما أطلقت الحماية المدنية حملة وطنية تحسيسية في 7 ديسمبر/كانون الأول للوقاية من مخاطر استعمال الألعاب النارية والمفرقعات. وكشف مسؤول الإعلام بالحماية المدنية فاروق عاشور يوم 8 ديسمبر/ كانون الثاني في مؤتمر صحفي بالعاصمة، ان الهيئة سجلت العام الماضي 2316 تدخلا خلال الاحتفال بليلة المولد النبوي، منها 94 حريقا في محافظات عدة من البلاد خلفتها الألعاب النارية. وذكرت إدارة الجمارك الجزائرية في حصيلة نشرتها يوم 7 ديسمبر/كانون الثاني، أنها حجزت 55 مليون وحدة من العاب النارية والمفرقعات خلال سنة 2016 قبل دخولها البلاد وتسجيل 120 مخالفة على علاقة باستيراد غير شرعي لهذه المواد. وحسب ذات الهيئة، فإن السنة الماضية عرفت حجز كمية اكبر من المفرقعات والألعاب النارية بلغت أكثر من 100 مليون وحدة. وقال جهاز الدرك الوطني الجزائري في بيان صدر في 9 ديسمبر/كانون الأول إن مصالحه حجزت 6.32 مليون وحدة من الألعاب النارية والمفرقعات سنة 2016 بعد مداهمات لأماكن بيعها فيما تم معالجة 93 قضية أوقف على إثرها 113 شخصا. وأشار ذات البيان إلى أن كمية المفرقعات المحجوزة هذه السنة قد ارتفعت بنسبة مائة بالمائة مقارنة العام، موضحا أن قيادة هذه الهيئة التابعة لوزارة الدفاع اتخذت جملة تدابير من بينها تكثيف نقاط المراقبة ومضاعفة الدوريات المتنقلة لمكافحة ظاهرة المتاجرة غير الشرعية بالمفرقعات. وقال الناطق الرسمي باسم الجمعية الوطنية الجزائرية للتجار والحرفيين، محمد الطاهر بولنوار أن الإشكالية في تجارة المفرقعات تكمن في أن الجميع يعلم أنها ممنوعة بنص قانوني في الجزائر منذ عام 1963، لكنها تسوق كل سنة. وأوضح الطاهر بولنوار لـ الأناضول أن السر وراء تكرار هذه الظاهرة ورواج تجارتها هو أنها سوق مغرية لبارونات الاستيراد "رغم المنع ورغم العقوبات التجارة رائجة ومنتشرة". وأضاف "هذا دليل على أن الأرباح تجنى بسهولة من هذه التجارة ونسبة الفائدة فيها كبيرة". وبحسب تقديره، فإن قيمة تجارة المفرقعات التي تسوق سنويا في الجزائر خلال الأعوام الأخيرة تقدر بأكثر من 15 مليار دينار (قرابة 15 مليون دولار)، مشيرا إلى أن تقديرات الجمعية تشير على أن نحو 5 مليار دينار (5 مليون دولار) هي ربح صافي لموردي هذه المواد. وسجل بولنوار تراجعا في كمية المفرقعات هذه السنة بنحو 40 في المائة وقابله ارتفاع في الأسعار. ووفقه فإن "ما يعرض هذه السنة 60 بالمائة منه من مخزون العام الماضي". ودعا المتحدث السلطات الجزائرية إلى تقنين هذه التجارة وجعلها تتم بطريقة شرعية وفق ضوابط معروفة، مادام أن المنع القانوني لها لم يتمكن من القضاء عليها. وقال في هذا الصدد "تقنينها سيضمن مداخيل لخزينة الدولة من خلال الضرائب وغيرها". وأضاف "التقنين أيضا سيجعلها مراقبة ونتمكن من منع دخول المنتجات الضارة والتي تشكل خطورة". كما دعا المتحدث إلى توسيع عمليات التوعية للحد من استعمال هذه المنتجات التي تشكل خطرا على الصحة والأمن العام، خصوصا في غياب ثقافة الاستهلاك لدى الشباب ما يؤدي لسوء استعمالها. وينص مرسوم حكومي رقم 63-291 المؤرخ في 2 أغسطس 1963 القاضي بحظر صناعة وبيع المفرقعات والألعاب النارية على أن صناعة واستيراد و بيع المفرقعات وجميع الألعاب النارية محظور داخل التراب الوطني. كما يقضي ذات المرسوم بحظر إلقاء المفرقعات في الأماكن العامة و تتراوح العقوبات بين سنتين و10 سنوات سجنا حسب قيمة وطبيعة المواد المحظورة وغرامات حسب قيمة السلعة المحجوزة. وبدوره قال جلول حجيمي الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة (نقابة مستقلة) أن إظهار الناس للفرح بالمولد النبوي الشريف بشكل يؤدي لإلحاق الضرر بالمواطنين والأطفال أمر لا يفرحنا ووجب الابتعاد عنه اشد البعد. وذكر حجيمي في حديثه مع الأناضول أن استعمال المفرقعات في المولد النبوي يحرق جيوب الناس وممتلكاتهم ويقطع بعض أطرافهم لذلك هو مرفوض تماما. وأوضح "نحن لا يفرحنا أن الناس تظهر الفرح والسرور بمولد النبوي بشكل يؤدي على إلحاق الضرر بالناس وحرق جيوبهم ممتلكاتهم وقطع بعض أطرافهم." ودعا حجيمي الذي يشتغل إماما بمسجد حي "تيليملي" بالعاصمة، السلطات لاتخاذ ما يلزم لمنع هذه المظاهر وتفادي وقوع ضحايا ليلة المولد النبوي. وقال "ننصح الجميع.... من يستوردها ويبيعها والأولياء والأطفال بالابتعاد عنها". وأضاف "على السلطات أن تتخذ ما يجب لتفادي وقع الضحايا". أما الباحث في علم الاجتماع بجامعة البلدية (60 كيلومتر) جنوب غرب العاصمة، سعيد عيادي فيرى أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف قي الجزائر فقد كل رمزيته الدينية وتحول إلى ما يشبه مهرجانات شعبية. وذكر سعيد عيادي لـ "الأناضول" أن الناس صاروا ينتظرون قدوم المولد النبوي ليس احتفاء بحياة النبي الفاضل ولا لذكر سيرته، ولكن استغلال هذه المناسبة لأن وسائل الإعلام تتحدث عنها وكبار السن يستحضرونها كذكريات في حياتهم. واعتبر محدثنا أن الجميع يتحدث عن هذه المناسبة في كل الوسائط والوسائل وهو ما يدفع التجار لاستغلال الوضع وترويج تجارتهم. وقال "التجار يستغلون ذلك لترويج تجارة المفرقعات واغلب فئة تستعملها هي الأطفال والمراهقون وما ينجر عنها من الأمور السلبية دون مراعاة شروط استعمالها". الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :