"جمالي في أنني ثريّ جداً"، قال الرئيس الأميركي المُنتخب، دونالد ترامب، في تعليقٍ أكد فيه استقلاله عن ضغط الشركات وبراعته الفائقة في تكوين الثروة. منذ فوزه؛ في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يبدو أن أغلب أميركا تصدّق أن مكرَ ترامب بقطاع العقارات سيحوِّل الاقتصاد الأميركي الذي سجل معدل نمو سنوي بلغ 3.5% خلال الربع الثالث من عام 2016 إلى الأداء الممتاز الذي شهده في التسعينات، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة البريطانية. كفاتح شهية لوليمة النمو هذه، توشك الولايات المُتحدة على رفع أسعار الفائدة للاحتياطي الفيدرالي، من النطاق الحالي الذي يتراوح بين 0.25% إلى 0.5%، ليبلغ نسبة تتراوح بين 0.5% و0.75%. بالنسبة للمدّخرين الذين يشكلون العمود الفقري لناخبي ترامب، يمكن أن تكون هذه خطوةً من مجموعة خطوات إذا تسارع معدل النمو الاقتصادي في عام 2017. جزء من فساد واشنطن رئيسة المجلس الاحتياطي الفيدرالي جانيت يلين، التي كانت في نظر ترامب ذات مرّة جزءاً من فساد واشنطن، قد تصبح بطلة لملايين الرجال والنساء العاديين حين تُعلن خبر رفع أسعار الفائدة يوم الأربعاء 14 ديسمبر/كانون الثاني. ستتحدث جانيت عن تعزيز قطاع الصناعة وتكثيف الجهود في صناعة بناء المساكن. مبيعات التجزئة أيضاً في ازدهار، وهو أمر ليس مُستغرباً بعدما أظهرت استطلاعات الرأي ارتفاعَ معدّل ثقةِ المُستهلكين في نوفمبر/تشرين الثاني. ولتوضيح ثقة المُستهلكين في رئاسة ترامب، عاد مؤشر ثقة المستهلك - الذي تعدّه منظمة كونفرانس بورد الاقتصادية - إلى مستويات ما قبل الركود، بعد أن كان تراجع في أكتوبر/تشرين الأول. وأظهرت دراسة الحالة الاقتصادية بعموم أميركا التي يعدها بنك CNBC أن نسبة الأميركيين الذين يؤمنون بتحسّن الاقتصاد في العام المقبل قد ارتفعت بنحو 17 نقطة على نحو غير مسبوق لتبلغ نحو 42%، وهي أعلى نسبة كشفت عنها الدراسة منذ انتخاب باراك أوباما للمرّة الأولى في عام 2008. خلال الحملة الانتخابية، كانت ييلن مترددة بشأن المزيد من رفع أسعار الفائدة، خوفاً من تراجع وتلاشي أي علامات تشير إلى الانتعاش الاقتصادي، ويرجع تاريخ هذا التردد إلى قرار رفع أسعار الفائدة في ديسمبر/كانون الأول الماضي- وهي أول زيادة خلال عقد من الزمن- عندما كشفت مذكرة اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه بالنسبة لبعض صناع القرار، كانت الخطوة "تجنباً لخطر محدق". جاء العام الجديد بانخفاض في أسعار النفط والأسهم، كما جلب علامات بأن التجارة العالمية آخذة في الوهن، واستبعدت توقعات المحللين المزيد من الارتفاع في سعر الفائدة. وقد يغير فوز ترامب من ملامح شخصية العام المقبل، فمرشحه لمنصب وزير الخزانة، ستيفن مينيوتشن، أعلن بالفعل أنه يرغب في خفض الضرائب المفروضة على ذوي الدخل المتوسط شأنهم في ذلك شأن الشركات الكبرى. ويرغب مينيوتشن أيضاً في تمزيق القواعد التنظيمية للأعمال بما يحفز النمو من 3% إلى 4% على نحو مُستمر على مدار سنوات. وإن كان هناك ما يُعوّل عليه في أرقام مؤشر ثقة المُستهلك، فإن موجة من الإنفاق على سلع التجزئة ستؤدي إلى فترة وجيزة من النمو الاقتصادي القوي، مع تخفيض الضرائب في وقت لاحق من العام للإبقاء على مُضي الزخم الاقتصادي قدماً حتى 2018. ولكن؛ ماذا بعد؟ الاحتمال هو أن يتراجع التضخم، ويقفز سعر الدولار على نحو مفاجئ، وسيتسبب تسارع حركة الواردات في المزيد من العجز في ميزان المدفوعات، فالتضخم سيضر بالمستهلكين، بينما الدولار الأقوى سيقلص الصادرات. وقد بدأت شركات الولايات المُتحدة الأميركية في التذمّر بشأن الدولار، وأقل ما يمكنه أن تفعله هذه الشركات هو الضغط بشراسة على البيت الأبيض إذا شهد الدولار المزيد من الارتفاع. سيرغب ترامب في كبش فداء. وبدلاً من يلين، من المُرجّح أن يكون ذلك الكبش هو الشريك الصيني وأي شريك تجاري آخر يضر المنتجات المحلية الأميركية. فالصينيون؛ في خريطة أشرار ترامب العالمية، ينالون كامل حق الوصول إلى أسواق الولايات المُتحدة بأسعار مُنخفضة زائفة بعد عدة سنوات من التلاعب بالعملة. يدعي الرئيس المنتخب أيضاً أن الصينيين سرقوا براءات اختراع شركات أميركية، كما أن الشركات الأميركية محرومة من حق الوصول إلى الأسواق الصينية. حتى الآن، تراجع ترامب عن مواجهة بكين، باستثناء قبوله دعوةً من رئيس الوزراء التايواني، ولكن الحرب التجارية مع الصين مازالت بمثابة ورقة بإمكانه اللعب بها إذا خرجت فترة الازدهار الاقتصادي الوجيزة عن سيطرته. - هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط .
مشاركة :