سيطرة الجهاديين على تدمر دفعة معنوية لتنظيمهم في الموصل

  • 12/12/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - تشكل السيطرة المفاجئة لتنظيم الدولة الاسلامية على مدينة تدمر في وسط سوريا عملية دعائية للجهاديين تساعدهم في التغطية على الخسائر التي يتكبدونها على جبهات متعددة في سوريا والعراق. وتأتي هذه التطورات بينما يتعرض التنظيم المتطرف إلى ضغوط عسكرية شديدة في الموصل آخر معقل له في العراق. واستمات التنظيم في الدفاع عن معقله لكنه لايزال يواجه أكبر عملية عسكرية من نوعها. وطال القتال أم قصر فإن الجهاديين يواجهون نقصا في العتاد والذخيرة، اضافة إلى ارتفاع في عدد قتلاهم. ويعتقد أن سيطرتهم على مدينة تدمر السورية الاثرية بهذه السرعة ستمنح مقاتلي التنظيم المحاصر في الموصل دفعة معنوية كبيرة خاصة مع تباطأ تقدم القوات العراقية في ظل مقاومة شرسة من الجهاديين. وبدأ التنظيم الجهادي هجوما على مواقع لقوات النظام السوري في محافظة حمص (وسط) الأسبوع الماضي. وتمكن سريعا من السيطرة على حواجز للجيش وحقول نفط وغاز وصولا إلى مشارف مدينة تدمر الأثرية الواقعة في ريف حمص الشرقي. وتمكن التنظيم من الدخول إلى المدينة لفترة وجيزة السبت قبل أن تشن الطائرات الروسية غارات مكثفة عليه وتجبره على الانسحاب بعد ساعات. ولكن رغم الغارات ووصول تعزيزات للجيش السوري، سيطر التنظيم المتطرف على المدينة فجر الأحد، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان ووكالة "أعماق" المرتبطة بالتنظيم. ويقول خبراء إن عدة عوامل تفسر تمكن التنظيم من استعادة المدينة بهذا الشكل الصادم، بما في ذلك مواقعه النائية في الصحراء الشرقية في محافظة حمص. ويرى الخبير في الجماعات الجهادية رومان كاييه أن "جغرافية المدينة المحاطة بالجبال تجعل من الصعب جدا الدفاع عنها". كما أن انشغال قوات النظام السوري وحليفتها روسيا بهجمات على جبهات أخرى في سوريا، جعلها أكثر ضعفا أمام هذا الهجوم المفاجئ، وهو الأسلوب القتالي المفضل لدى الجهاديين. ويقول الباحث في شؤون الجماعات الجهادية تشارلي وينتر إن "شن هجمات مفاجئة من مواقع صحراوية" هو أحد أنجح التكتيكات التي يتبعها التنظيم. وتابع "لدى التنظيم مستوى عال من الأمن العملياتي يجعله قادرا على شن هجمات صادمة والسيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي". وانتقد الكرملين الاثنين الولايات المتحدة، معتبرا أنه كان يمكن وقف تقدم الجهاديين لو كان تنسيق واشنطن أفضل مع موسكو. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف "نأسف لأنه لا يزال هناك نقص في عملية التنسيق والتعاون الحقيقي مع دول أخرى في مقدمها الولايات المتحدة، لا تريد التعاون"، موضحا أن من شأن "هذا التعاون أن يسمح لنا بتجنب هجمات مماثلة من الإرهابيين". ورغم صغر مساحتها، فإن لمدينة تدمر أهمية رمزية وتلقى اهتماما دوليا بسبب الاثار التاريخية التي تضمها والمدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) للتراث العالمي للإنسانية. ودمر التنظيم المتطرف المواقع الاثرية في المدينة أثناء سيطرته عليها طيلة عشرة أشهر بين مارس/اذار 2015 ومايو/ايار 2016، اذ دمر المعابد القديمة بشكل منهجي في هجمات أثارت تنديدا دوليا. ولعبت روسيا دورا بارزا في استعادة تدمر من أيدي التنظيم. واحتفلت موسكو بذلك من خلال تنظيمها أمسية موسيقية قدمتها الاوركسترا السمفونية لمسرح مارينسكي في سان بطرسبورغ على مسرح تدمر حيث أعدم التنظيم المتطرف عددا من الجنود السوريين. وجاء تقدم التنظيم في تدمر في عطلة نهاية الاسبوع في وقت يواجه هجمات كبيرة تستهدف أبرز معقليه: مدينة الرقة السورية والموصل العراقية. واضطر التنظيم في المدينتين إلى اصدار نفي يومي حول خسائره، وجاء تقدمه في تدمر ليمنحه فرصة لتغيير الصورة، وفق وينتر الذي أوضح أن هذا الوضع "يغذي قدرتهم على الانخراط في بروباغندا اعلامية تزعم انتصارهم وهم يريدون أن يظهروا أنهم ما زالوا قوة عسكرية فاعلة". وواصل مقاتلو التنظيم التقدم الاثنين باتجاه مدينة القريتين التي عاثوا فيها فسادا خلال سيطرتهم عليها طيلة ثمانية أشهر. إلا أنهم تعرضوا لضربات جوية روسية كثيفة ولم يتضح إلى متى يمكنهم أن يحتفظوا بسيطرتهم على المنطقة التي استولوا عليها في الأيام الاخيرة. ويرجح وينتر أن تضغط روسيا ودمشق بقوة لإخراج التنظيم من تدمر باعتباره "موقعا رمزيا بالغ الأهمية". ومع اشتعال المعارك في مناطق أخرى من سوريا، خصوصا في مدينة حلب التي تسعى قوات النظام لاستعادة السيطرة عليها من مقاتلي المعارضة، فإن بدء عملية كبيرة لطرد الجهاديين من تدمر يمكن أن يتأخر حتى توفر المزيد من الموارد. ويقول كاييه إن التنظيم سيستمر في محاولاته للسيطرة على المزيد من الأراضي. وأضاف "من الخطأ الاعتقاد أنهم سيتوقفون عند حد تحقيق أهداف محلية، سيواصلون بأقصى قدراتهم حتى لو بدت عملياتهم في بعض الأحيان غير منطقية". وأشار إلى أنه "مع سيطرتهم على تدمر ورغم القصف الروسي، فإن معنويات الجهاديين ارتفعت لمدة ستة أشهر أخرى على الأقل".

مشاركة :