العثور على 30 موقعاً أثرياً ترجع للعصر الحجري القديم في تبوك

  • 12/13/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

عثرت البعثات السعودية الدولية العاملة حاليًا في منطقة تبوك بإشراف الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، على عدد كبير من الأدوات والنقوش الأثرية والوحدات المعمارية في 3 مواقع تعود لحضارات مختلفة تبدأ من العصر الحجري وحتى العصر الإسلامي، كما عثرت على 30 موقعًا في المناطق الرعوية الواقعة بين منطقتي تبوك والجوف ترجع لفترات وعصور متنوعة منذ العصر الحجري القديم. ووفقًا لـ«هيئة السياحة»، فإن هذه المواقع تحتاج إلى مزيد من الدراسة وأعمال التنقيب، حيث تتكئ منطقة تبوك على حضارات ضاربة في التاريخ، خصوصًا أنها كانت ممرًا لطرق التجارة القديمة. في موقع كلوة - شمال شرقي تبوك - عثر الفريق السعودي - الفرنسي المشترك على أدوات أثرية وعدد كبير من الرسوم الصخرية الآدمية والحيوانية تعود إلى العصر الحجري. وتقع كلوة داخل محمية الطبيق على بعد نحو 280 كيلومترًا شمال شرقي تبوك، ويمكن الوصول إليها عبر الطريق الواصل بين تبوك وطبرجل الذي يبعد عنها جنوبًا بمسافة 130 كيلومتر تقريبًا على طريق ترابي يصل إلى كلوة مرورًا بمركز مغيرة ابتداءً من مركز فجر الواقع على بعد 180 كيلومترا من تبوك. ويعد موقع كلوة الأثري والمواقع المحيطة به من المواقع الأثرية المهمة التي تتطلب مزيدا من الدراسات الأثرية المتخصصة، لأنها من المواقع الغنية بالعناصر الأثرية المميزة التي تدل على أن المنطقة شهدت استيطانًا على نطاق واسع منذ فترة مبكرة من حياة الإنسان امتد لفترات طويلة متعاقبة، ويمكن تمييز مراحل حضارية كثيرة تبدأ بفترة ما قبل التاريخ، مرورًا بالعصور التاريخية والفترة السابقة للإسلام، إلى جانب الفترة الإسلامية، ويبدو أن العوامل المناخية أثرت على حياة الإنسان في هذه المنطقة الأمر الذي أصبح معه الاستقرار مرتبطًا بشكل كبير بتوفر الظروف المناخية الملائمة، خصوصًا المياه. وكانت فترة ما قبل التاريخ أكثر وضوحًا؛ حيث يمكن ملاحظة انتشار الأدوات الصوانية في كلوة والمواقع المحيطة بها بشكل كثيف، ومبدئيًا؛ يمكن أن تنسب هذه الأدوات إلى العصر الحجري الحديث الذي لا شك شهد في مراحله الأخيرة المحاولات الأولى للاستقرار الذي ارتبط ببعض المنشآت البسيطة المنتشرة بالموقع والمنطقة المحيطة به، وهذه المنشآت على الأرجح استمرت في الازدياد تدريجيًا خلال العصور التاريخية والإسلامية. وفي الجانب الآخر، عثرت البعثة الأثرية على عدد كبير من الرسوم الصخرية الآدمية والحيوانية تجسد حياة الإنسان في هذه المنطقة، إلى جانب نقوش بالخط العربي في فترة ما قبل العصر الإسلامي، الذي يعرف بالخط الثمودي (المحلي)، إضافة إلى العثور على عدد من النقوش والكتابات المرتبطة بما بعد ظهور الإسلام. وتعد الرسومات الصخرية في منطقة كلوة الأكثر قدمًا في الجزيرة العربية، ويتضح ذلك في الأسطح الصخرية المتآكلة بصورة كبيرة وتأثير العوامل الجوية عليها. ويقع تاريخ الرسومات الصخرية لمنطقة كلوة في الحقبة ما بين 9000 – 7000 ق.م. وتم تحديد تاريخ موقع كلوة على أساس الأدوات الحجرية التي تعود للعصر القديم، أي ما قبل الوسيط التالي، التي جمعت من المواقع القريبة من الموقع. وفي الأودية والمناطق الرعوية الواقعة بين منطقتي تبوك والجوف، سجل الفريق السعودي - الياباني 30 موقعًا ترجع لفترات وعصور متنوعة من العصر الحجري القديم، والعصر الحجري الحديث، والعصر البرونزي، والعصر الحديدي، ومواقع من العصور الإسلامية. ويعد حوض «قرية» من المناطق الواعدة، بما يضمه من تسلسل استيطاني يرجع إلى العصر الحجري الحديث والعصر الحديدي؛ حيث تم الكشف فيه عن مستوطنة صغيرة تضم 10 مدافن، ويمكن القول بما قدمته النتائج الأولية للدراسات من أنّ المنطقة تعد ذات نشاط رعوي شبه مستقر في تلك الحقب، وكشف في بعض تلك المدافن عن أدوات حجرية للطحن. وكشفت البعثة في موقع «قرية» عن 9 مدافن، كشفت الدراسات أنها مدافن جماعية من عصور ما قبل التاريخ لرعاة رحل، معزولة عن مواقع الاستيطان البشري، وهي ذات أبراج دائرية ومستطيلة ومربعة، ومنها ما تعلوها منصات وجدران قائمة. وبمقارنة هذه المدافن مع مثيلاتها في المناطق المجاورة في سيناء وجنوب الأردن، يمكن إرجاعها إلى أواخر العصر الحجري الحديث والعصر النحاسي والعصر البرونزي المبكر. كما اكتشفت في بعض المواقع كسر فخارية من العصر الحجري الحديث والحديدي والنحاسي. وأكدت نتائج الدراسات أنّ منطقة الدراسة لا تعطي فقط فهمًا لطبيعة الأنماط الرعوية القديمة فحسب؛ بل تسلط الضوء على مسألة التواصل الحضاري بين المناطق المجاورة؛ خصوصًا جنوب الأردن وسيناء اللتين توجد بهما نماذج مماثلة لما تمّ الكشف عنه. واكتشفت فرق المسح الأثري كثيرًا من الأدوات الحجرية خلال هذا المسح؛ منها منقاش من الحجر الصوان يرجع للعصر الحجري الحديث. من جهة أخرى، كشف فريق علمي سعودي - بولندي مشترك عن آثار مستوطنة أثرية تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد في موقع عينونة الأثري بمنطقة تبوك شمال غربي السعودية. واكتشف الفريق بقايا جدران ممتدة تحت الطبقة الأرضية الحالية، مما يشير إلى وجود مراحل سكنية سابقة في الموقع، كما كشفت البعثة عددًا من المعثورات الفخارية المتنوعة، والمطاحن والمدقات التي استخدمت في طحن الحبوب، أو ربما المعادن، وعددا من الأصداف البحرية المتنوعة، فضلاً عن العثور على بقايا مجموعة من الأفران داخل الغرف، وبقايا صهر خامات معدنية مختلفة. وقامت البعثة المشتركة (السعودية - البولندية) المختصة بالتنقيب عن الوحدات المعمارية المتبقية في المنطقة التجارية بعينونة، التي تعد من أضخم المباني المعمارية الموجودة في المنطقة الأثرية، كما تم إجراء الرفع المعماري وإعداد خرائط طبوغرافية وثلاثية الأبعاد للمستوطنة السكنية الواقعة على قمة جبل الصفراء شرق موقع عينونة، وجرى الكشف عن التقسيمات الداخلية للمباني وإبراز عناصرها المعمارية والوظيفية، كما تمكنت البعثة من الكشف عن التسلسل الطبقي للموقع وتوضيح مراحل الاستيطان فيه، إلى جانب دراسة المواد الأثرية المكتشفة وإعداد سجل للقطع المستخرجة من أعمال التنقيب. وتمثلت عمليات التنقيب في الكشف عن التفاصيل المعمارية لواجهات الغرف الشمالية من المباني المطلة على الساحة المتوسطة بالموقع، إلى جانب الكشف عن المخطط الداخلي ومساحات الغرف لمنطقة السوق الرئيسية في المستوطنة. ويضم موقع عينونة مواقع أثرية عدة يعود بعضها للفترة النبطية الرومانية، وبعضها لفترات إسلامية متعاقبة، ويحتوي الموقع على مجموعة من الوحدات المعمارية تتركز على أرض واسعة مرتفعة عن بطن الوادي، تطل على بقايا لتلال أثرية ومزارع، ومجرى لعين تعرف في المصادر الإسلامية بـ«عيون القصب»، ومن أكثر المجموعات وضوحًا بموقع عينونة، وحدة معمارية ضخمة أطلق عليها اسم «السوق»، وهي المنطقة التي شملها عمل التنقيب الأثري للموسمين الأول والثاني، حيث تحتوي هذه المنطقة على صفين من الغرف المربعة على طول امتداد المبنى من الشرق إلى الغرب في الجهتين الشمالية والجنوبية من المبنى، ويتخللها عدد من المساحات، إضافة إلى وجود برج مراقبة في وسط الموقع يبلغ ارتفاعه 14 مترًا، فضلاً عن مجموعة من المقابر الواقعة عند سفح الجبل. كما يحتوي موقع عينونة على مستوطنة سكنية واقعة على قمة جبل الصفراء على ارتفاع نحو 60 مترًا بها عدد من المباني السكنية المتراصة. وتعد عينونة من أكبر الموانئ النبطية التجارية (ميناء لوكى كومي) على ساحل البحر الأحمر، الذي يعود تاريخه إلى القرن الرابع قبل الميلاد ويمتد إلى القرن الثاني الميلادي. وتحتضن تبوك جذورًا تاريخية تعاقبت عليها حضارات إنسانية متعددة، فتركت تجاربها شاخصة في أرجائها. وتوج ذلك كله بقدوم الرسول صلى الله عليه وسلم إليها في غزوة تبوك. ولمنطقة تبوك حضور تاريخي وجذور ضاربة في القدم؛ إذ نشأت فيها حضارات يمتد وجودها إلى أغوار التاريخ؛ بل وإلى عصور ما قبل التاريخ، وشهدت عصورها القديمة وجود ديانات وثنية ورسالات سماوية دلت عليها الكتابات الثمودية وآثار مدين وأصحاب الأيكة، وبها، كما يروى، بئر النبي صالح عليه السلام، ثم دخلها الإسلام بعد غزوة تبوك، فشكلت معبرًا ومرتكزًا للفتوحات الإسلامية اللاحقة، ولذلك تسمى المنطقة «أرض الأنبياء». ومر على تبوك كثير من الحضارات؛ منها الحضارات: الآشورية والبابلية والآرامية والرومانية والثمودية والمعينية والنبطية واللحيانية والعربية ثم الحضارة الإسلامية في القرن السابع بعد الميلاد. يعمل حاليا بإشراف الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أكثر من 30 بعثة وفريقًا علميًا متخصصًا في البحث والتنقيب الأثري يضم إلى جانب العلماء السعوديين علماء متخصصين من أرقى جامعات العالم وأعرق المراكز البحثية من دول عدة؛ منها: فرنسا، وإيطاليا، والولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، وألمانيا، واليابان، وبلجيكا، وبولندا، وفنلندا، وهولندا، والنمسا.. وغيرها أخرى مقبلة.

مشاركة :