تغييرات منتظرة على خارطة العراق في مرحلة ما بعد داعش الحلقة الحالية الدامية من تاريخ العراق يستبعد أن تنتهي دون أن تخلّف آثارا عميقة على البلد تشمل خارطته الجغرافية والعلاقة بين مكوناته، بفعل نوازع الشكّ والتوجّس التي زرعها نظام الأحزاب الشيعية بين تلك المكونات، وكرّستها الحرب الدائرة ضد تنظيم داعش. العرب [نُشرفي2016/12/13، العدد: 10484، ص(3)] جيوش موازية تدفع العراق نحو هوة التقسيم أربيل (العراق) – توقّع تقرير غربي أن تخلّف الحرب الجارية حاليا ضد تنظيم داعش تغييرات على خارطة العراق باتجاه تمدّد مساحة إقليم كردستان، مستبعدا انسحاب الأكراد من المناطق التي سيطرت عليها قوّاتهم أثناء الحرب. وتتواتر مع تقدّم الحرب على تنظيم داعش التي تعتبر معركة الموصل الجارية حاليا آخر حلقاتها الكبرى، محاولات قراءة مستقبل العراق، والعلاقات بين مكوناته، ومصير وحدته الجغرافية. وتشير أقلّ السيناريوهات تفاؤلا إلى أن هذه الحرب الدامية لا يمكن أن تنتهي دون أن تخلّف آثارا دائمة على وحدة البلد وعلى طبيعة العلاقة بين مكوناته بما أجّجته من نزعات طائفية ومناطقية وبما أفرزته من قوات موازية باتت بمثابة جيوش رديفة للقوات النظامية العراقية، هي الحشد الشعبي المكوّن في غالبيته العظمى من مقاتلين شيعة، والحشد العشائري المكون من مقاتلين سنّة، إضافة إلى قوات البيشمركة الكردية المنتمية شكليا إلى القوات العراقية لكنها واقعيا خاضعة للقيادة السياسية لإقليم كردستان العراق، بل إنّها بصدد الاستخدام في توسيع حدود الإقليم، بعد أن قويت شوكتها وأظهرت كفاءة في مواجهة داعش. ونشرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، خارطة تظهر سيطرة البيشمركة على مساحات شاسعة تقدر بنحو نصف مساحة إقليم كردستان المتعارف عليها. كما أشارت ذات الصحيفة إلى أنّ تمدد البيشمركة في العراق والقوات الكردية المدعومة من الغرب في سوريا “احتكاك مقصود” لصالح تحقيق حلم الدولة الكردية الذي بات قريبا. ومنذ انطلاق الحرب على تنظيم داعش في العراق، دأب كبار القادة الأكراد، وفي مقدّمتهم رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البارزاني، على التعبير عن نوايا لاستغلال تلك الحرب ومشاركة قواتهم فيها لتوسيع حدود إقليمهم، عبر الاستيلاء على ما يعرف بالمناطق المتنازع عليها، أي المختلف بشأن تبعيتها، خصوصا وأنّ أعراقا مختلفة تعيش على أرضها، على غرار محافظة كركوك الغنية بالنفط. قوباد الطالباني: استقلال كردستان العراق سيحدث حتما حتى لو لم يكن هذه السنة كما قوي المنزع الاستقلالي الكردي عن العراق بمناسبة تلك الحرب، حيث ما ينفكّ القادة الأكراد يطالبون بتنظيم استفتاء على الاستقلال، معتبرين الانفصال عن الدولة العراقية السيناريو الأقرب للمنطق والأكثر واقعية. وسبق للبارزاني أن أكّد أنّ الوضع بعد الحرب على داعش في العراق لن يكون مثل ما قبلها، وأنّ حدود الإقليم «ترسم بالدم»، مؤكّدا إصراره على تنظيم استفتاء شعبي بشأن استقلال كردستان العراق. وبقدر ما تصطدم تلك النوازع الاستقلالية برفض إقليمي، وخصوصا من قبل تركيا التي تعلم أن إنشاء دولة للأكراد بشمال العراق سينتهي باقطاع أجزاء من أراضيها، فإن رهان بعض القيادات الكردية ينصبّ على موقف القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة، وهو موقف ما يزال غامضا من القضية، دون أن يكون هناك مانع واضح من مساندة فكرة الدولة الكردية. ولعبت السياسات المتّبعة في العراق منذ سنة 2003 بقيادة الأحزاب الشيعية دورا كبيرا في إضعاف اللحمة بين المكونات العرقية والدينية والطائفية للبلد. كما قويت فكرة تقسيم البلد إلى أقاليم بشكل كبير، ليس فقط لجهة إنشاء إقليم أو أكثر للسنة في المحافظات التي يشكّلون غالبية سكانها، بل تشمل مطالب الأقلمة محافظات جنوب البلاد ذات الغالبية الشيعية على غرار محافظة البصرة التي تقوم فكرة المطالبة بتحويلها إلى إقليم على أساس أنّ سكانها يرفضون مواصلة تحمّل عبء القسط الأكبر من تمويل ميزانية الدولة بعائدات النفط الذي تتركّز صناعته بشكل أساسي في هذه المحافظة. ونُقل حديثا عن نائب رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، قوباد الطالباني، قوله “إنّ الشيعة لن يسمحوا للسنّة مرة أخرى بأن يحكموا العراق، وبالمقابل لن يرضى السنة عن حكم الشيعة مثلما لن يسمح الأكراد للعرب بأن يحكموهم، ولكن تقسيم العراق مازال يعني نهاية العالم لدى الكثير من الأطراف”. وأضاف متسائلا “هل سيكون هذا التقسيم بالكنفيدرالية أو سيكون نوعا من الإمارات المتحدة”، مؤكّدا “أن جواب هذه الأسئلة ليس عند القوى العالمية، بل عند العراقيين أنفسهم”، ومستدركا “سيأتي يوم يستقل فيه كردستان، حتى لو لم يكن في هذه السنة أو السنة المقبلة، إلا أنه حتما سيحدث، وسيتحقق ذلك بعد إجراء الحوار مع العراق، لا مع تركيا أو إيران، أو حتى الولايات المتحدة”. وأرفقت صحيفة واشنطن بوست الخارطة التي نشرتها بتقرير عن المناطق التي خضعت لسيطرة قوات البيشمركة مستفيدة من حالة شبه الانهيار التي وصلت إليها القوات العراقية مع غزو تنظيم داعش للمناطق العراقية صيف سنة 2014. ونقلت الصحيفة في تقريرها مواقف قادة ميدانيين من البيشمركة في ناحية بعشيقة، التي استعادتها القوات الكردية من تنظيم داعش، من قضية الانسحاب. وقد عبّرت تلك المواقف بصرامة عن رفض التخلي عن شبر من تلك الأراضي التي وصفوها بالكردية، مؤكّدين استعدادهم لقتال أي طرف يحاول إخراجهم منها بالقوة. وقرأت الصحيفة في ذلك مؤشرا على مرحلة صراع عرقي سيدخلها العراق في مرحلة ما بعد تنظيم داعش، وقد تمتد لسنوات قادمة. :: اقرأ أيضاً صراع المالكي والعبادي يهدد بانشقاق حزب الدعوة انهيار المعارضة في حلب يخلط الأوراق بريطانيا تحمّل الطلاب الأجانب فاتورة الهجرة كاملة السيسي يكشف هوية مرتكب حادث الكنيسة البطرسية
مشاركة :