صحيفة المرصد:يبدو أن سيطرة قوات نظام بشار الأسد على شرق حلب قد غيرت وجه الحرب الأهلية في سوريا، حيث تضاءلت حظوظ الثوار بإمكانية انتصارهم على قوات النظام، الا أن القليل يعتقدون بأنهم سيسعون لحل سلمي أو تسليم أسلحتهم. لقد بدأت مرحلة جديدة من الصراع ستحاول فيها القوى التابعة للنظام تعزيز سيطرتها، بصرف النظر عن الطرق القمعية التي قد تتبعها، في حين يميل خصومها الذين سيغرقون في التشدد أكثر فأكثر نحو تكتيكات حرب العصابات ، وفقاً لموقع CNN. أن أي أمل في اصلاح البلاد أو السماح لملايين المشردين بالعودة الى موطنهم لا يزال بعيد المنال، حيث أن الأسد ينتصر في أرض يسودها الخراب. وكان الثوار قد استولوا على شرق حلب في 2012، إلا أن آمالهم بقدرتهم على هزيمة الأسد بدأت تتبدد في صيف 2015، بسبب مساندة كل من روسيا وإيران لقوات النظام. ولقد أكد الأسد مرارا أن هدفه الأساسي هو تخليص كل الأراضي السورية من قبضة الثوار. ولقد أخبر الأسد صحيفة الوطن السورية هذا الشهر أن الانتصار في حلب سيغير مجريات الحرب، ولكن لنكن واقعيين، انه لا يعني نهاية الحرب في سوريا. ولعل الدليل الأبرز على صحة هذا الكلام هو أنه في وقت بدأت فيه آخر معاقل المقاومة في حلب بالانهيار، باشر تنظيم داعش هجوما مفاجئا على مدينة تدمر مما أدى الى تراجع قوات النظام على الرغم من دعم الطائرات الروسية، وحدث ذلك بعد 9 أشهر من سيطرة قوات النظام على مدينة تدمر. قد يسيطر الأسد قريبا على أجزاء رئيسية في سوريا الا أن هناك مساحات شاسعة في الشمال والشرق ستبقى خارج سيطرته. فلقد تدهورت قدرة قواته المسلحة بسبب القتال المتواصل، وسيتحتم عليه مواصلة الاعتماد على الميليشيات غير النظامية لخوض المعركة، بالإضافة الى الدعم الجوي الروسي، والوحدات شبه العسكرية ذات الأغلبية الشيعية من إيران، والعراق، وأفغانستان، ولبنان. ويبدو أن الإدارة الأمريكية التي قالت مرارا وتكرارا أن إحلال السلام في سوريا لن يتحقق في حال بقاء الأسد في السلطة، قد غيرت موقفها مع قدوم ترامب، حيث أنها على وشك افساح المجال للتعاون مع روسيا ضد الإرهاب في سوريا. ولقد اقتصرت استجابة الغرب على الإبادة في سوريا على إطلاق نداءات إنسانية وعبارات ادانة من قبل الأمم المتحدة، وهو الامر الذي عارضته روسيا. وقال الاتحاد الأوروبي إنه لا يوجد خطط لفرض عقوبات إضافية ضد روسيا. وكنتيجة لذلك فإن الأسد وروسيا قادران على اكمال القصف دون التعرض لأي عقوبات اضافية. ويعتمد مصير الثوار بشكل كبير على موقف الدول الداعمة للمقاومة السنية مثل تركيا وقطر والسعودية. ولقد أخبر وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن ال ثاني، رويترز الشهر الماضي، أن سقوط حلب لا يعني بأنهم سيتخلون عن تحقيق مطالب الشعب السوري. ويقول النائب الأمريكي آدم شيف أن الولايات المتحدة على مفترق طرق، فلقد أخبر صحيفة واشنطن بوست أنه في حال تخلي الإدارة الامريكية عن دعم المعارضة المعتدلة فإن ذلك سيؤثر على سمعتها مع حلفائها في المنطقة. يبدو أن الكراهية العميقة في الصراع السوري واستمرار مشاركة قوى خارجية في التسليح سيعملان على استمرار الحرب الاهلية السورية لسنوات قادمة. لقد استمرت الحرب الأهلية اللبنانية 15 عاما قبل أن تنجح الدبلوماسية السعودية المدعومة بقوات حفظ سلام سورية في إنهائها. أما اليوم فإن تلك الأطراف تقف على جبهات متصارعة.
مشاركة :