الشارقة: محمد ولد محمد سالم تنطلق عند الثامنة من مساء الغد الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ومشاركة خمسة عروض من الإمارات والبحرين والأردن والجزائر وموريتانيا. وقال أحمد بو رحيمة مدير المهرجان في مؤتمر صحفي إن المهرجان يسعى إلى أن يكون أكثر من مجرد مناسبة سنويّة لتقديم جملة من العروض المسرحية المنتجة حديثاً والمتنوعة في أساليبها وموضوعاتها وفي مسافاتها وطموحاتها من الجدة والأصالة؛ فهو يسعى إلى أن يكون مشروعاً للتطوير أو الإضافة إلى ما نعرفه من أشكال العروض المسرحية، أو مدخلاً لإعادة التفكير والنقاش حول المفاهيم والمعارف السائدة، سواء حول فن المسرح بوصفه نشاطاً فنياً وثقافياً ومعرفياً واجتماعياً، أو حول تطلعات وتوجهات صنّاعه. يُفتتح المهرجان بملحمة مسرحية جديدة من تأليف صاحب السمو حاكم الشارقة تحت عنوان داعش والغبراء، وهي من إخراج محمد العامري، ويتولى كل من الرشيد عيسى وحميد سمبيج ومهند كريم ونبيل المازمي مهام المخرجين المساعدين، ويشارك في التمثيل نخبة من الممثلين الإماراتيين، منهم أحمد الجسمي وعلي جمال وإبراهيم سالم وحمد عبد الرزاق وعبد الله مسعود، ويتولى السينوغرافيا ماهر هريش. يقول الفنان حميد سمبيج: إن العمل هو استمرار لأعمال صاحب السمو حاكم الشارقة المسرحية التي تستند إلى التاريخ، فستفيد منه في اللحظة الحاضرة، كما فعل في النمرود، وعودة هولاكو، والحجر الأسود، وغيرها، ففي كل واحدة منها كان يقدم حكاية من التاريخ تتشابه أحداثها مع أحداث اللحظة العربية الحالية، ليشير إلى المآلات ويحذر من بعض الأفعال التي تضر بالأمة العربية، وهذا ما فعله سموه في هذه المسرحية، حيث عاد إلى أحداث تلك الحروب الجاهلية المعروفة ليجعل منها مادة تحيل على الحاضر، وكان التغيير الذكي الذي أجراه من داحس والغبراء إلى داعش والغبراء موحياً، وربط ربطاً أكيداً وعميقاً بالحاضر، فالمشاهد لا بد أن يذهب ذهنه وهو يتابع المسرحية إلى اللحظة الراهنة، ويربط بين العنف الذي نعيشه الآن والذي تصنعه الحركات المتطرفة الإرهابية والعنف الذي عرفه الجاهليون. وأضاف سمبيج العمل ضخم وكبير، ويتوقع أن يكون استمراراً لأعمال صاحب السمو حاكم الشارقة الكبيرة التي شاهدناها في السنوات الماضية، وميزته هذه المرة أنه عمل من الصحراء وللصحراء، يقدّم تجربة جديدة في فضاء جديد خارج العلبة الإيطالية، وبسينوغرافيا باهرة تناسب البيئة التي يقدم فيها العرض، وهذه الانطلاقة الثانية لهذا المهرجان بهذا الزخم الكبير تبشر بأن المهرجان يؤسس لنفسه خصوصية وفضاء جديرين بالاهتمام، وسيكون إضافة غنية إلى مجمل المهرجانات داخل الدولة. الفنان الرشيد عيسى يقول: نحن سعداء برعاية سموه المستمرة لهذا المهرجان، التي تتخذ بعداً فكرياً عميقاً، انطلاقاً من قناعة سموه بأن الظواهر المسرحية التي أنتجها سكان الصحراء، يمكن استغلالها في راهن المسرح العربي، وتستطيع إذا ما استغلت أحسن استغلال أن تضيف إلى المسرح العربي الكثير، لأن الصحراء هي الفضاء الذي احتضن العرب لحقب تاريخية طويلة، وفيه أنتجوا أشعارهم وفولكلورهم وممارساتهم المسرحية، وصاحب السمو حاكم الشارقة بهذا الدعم المستمر، والحرص على المساهمة الفكرية في المهرجان إنما يتناول أسئلة الهوية العربية فنياً وفكرياً، بطريقة تهمنا جميعاً. وأضاف عيسى أن المسرحية مثلها مثل مسرحيات سموه السابقة تشتغل على الواقع الراهن من خلال موضوع تاريخي، ليجعل من علاقة التاريخ بالحاضر جدلية مستمرة، ويجعل منها جدلية ذات قيمة، عندما يؤكد التشابه بين أحداث الحاضر، وتلك الأحداث التي جرت في الجاهلية، واستمرت حربها الضروس أربعين عاماً. وتابع الرشيدأن مسرحية داعش والغبراء تدين فكرة العنف بالاشتغال على تلك الحرب الجاهلية التي استمرت 40 عاماً، ومات فيها آلاف من البشر، وشردت قبائل كثيرة وشتتها، ويربط سموه تلك الحروب بما يحدث اليوم من قتل مجّاني وحروب تشنها الحركات الإرهابية، ما يعني أن الحالتين متشابهتان ومدانتان بقوة من طرف سموه. الفنان إبراهيم سالم: يشرفني أنني أشارك في عمل من تأليف صاحب السمو حاكم الشارقة، يواصل فيه سلسلة أعماله عن الواقع العربي ويناقش قضايا مصيرية بالنسبة للإنسان العربي بأسلوب تاريخي له خصوصيته، وأنا أشارك في المسرحية كراوٍ حكيم مهمته إرشاد الناس إلى الخير. ويضيف سالم أن المسرحية تقول إنه مثل ما كانت في الماضي داحس والغبراء التي تحاربت القبائل الجاهلية عليها، وأكل بعضها بعضاً، وذلك لسبب تافه جداً، هو أن خيلاً سبقت أخرى، ها هي اليوم داعش تثير الحروب والعنف المجّاني وتحيي شريعة القتل، لأسباب تافهة وغير منطقية. أما العروض الأربعة الأخرى في المهرجان، والتي ترتكز بنيتها الفنية على الحكاية والشعر والأداء وعلى أساليب متعددة من التعبيرات الفنية التي تختزنها الذاكرة الجمالية للصحراء، فهي: جزيرة الجوري تأليف عبد الله ملك إخراج عبد الله ملك (البحرين)، وكثبان تأليف وإخراج فراس الريموني (الأردن)، وصهيل تأليف وإخراج هارون كيلاني (الجزائر)، وتبراع لملميح تأليف وإخراج تقي سعيد (موريتانيا). وتضيء هذه العروض على الملامح المتنوعة للثقافة الصحراوية في بلدانها وهي ستقدم في فضاء مخصوص صُمم في منطقة الكهيف بواسطة لجنة فنية مختصة. ويتضمن برنامج المهرجان مجموعة واسعة من الأنشطة التي تعكس أساليب العيش في الصحراء العربية واستعارات ولمحات من الأشكال التعبيرية الفنية الشعبية، فإلى جانب حلقات السمر النقدي والفكري، ثمة مجالس الشعر، والربابة، والاحتفاليات التراثية. وتنظم يومياً مسامرة نقدية تقرأ العروض المقدمة وتبرز خصائصها الجمالية والفكرية وتكون بمثابة حلقة وصل بين المتفرجين وصنّاع العروض. وربطاً للممارسة الإبداعيّة بالتنظير ارتأت اللجنة المنظمة أن تأتي المسامرة الفكرية المصاحبة لهذه الدورة تحت عنوان المسرح والصحراء بمشاركة ثلة من الباحثين المسرحيين: مرعي الحليان وإبراهيم المبارك ومحمد يوسف من الإمارات، وأحمد شنيقي من الجزائر وعبد الرحمن بن زيدان من المغرب وعثمان جمال الدين من السودان وبدر الدلح من الكويت وجمال ياقوت من مصر، وتجيء المسامرة الفكرية على محورين: المسرح والصحراء.. الفرجة والفضاء؟، والمسرح الصحراوي.. أي موضوع وأي شكل؟. ودعت إدارة المهرجان العديد من المسرحيين العرب لحضور الدورة الثانية من المغرب وتونس والبحرين ومصر والسعودية والكويت والجزائر والأردن والسودان وسلطنة عمان، كما أعدت العديد من الفقرات البرامجية التي سينخرط عبرها الجمهور في التظاهرة ليكون جزءاً مفصلياً منها، وتشمل المسابقات اليومية وعروض الفولكلور التي تعرّف بوجوه متعددة من الثقافات الشعبية في البلدان المشاركة.
مشاركة :