برز تباين في بروكسيل أمس، خلال مناقشة الاتحاد الأوروبي مفاوضات عضوية تركيا، بعدما طالب البرلمان الأوروبي بـ «تجميدها»، احتجاجاً على شنّ أنقرة حملة «قمع» بعد المحاولة الانقلابية. وكرّر وزير الخارجية النمسوي سيباستيان كورتز طلب بلاده «تجميد» المفاوضات، فيما أعلن نظيره البلجيكي ديدييه ريندرز أن بلاده «ستقول أن فتح فصول جديدة لعملية العضوية، مستحيل». وشدد على أهمية التعاون مع تركيا لمكافحة الإرهاب وإدارة أزمة اللاجئين، مستدركاً في إشارة إلى عضوية الاتحاد: «صعب الذهاب أبعد من ذلك، مع هذا الوضع في تركيا». لكن وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية هارلم دزير دعا إلى «مواصلة الحوار، على قاعدة الوضوح والحزم»، مستدركاً: «لسنا في وضع يتيح فتح فصول جديدة للتفاوض». وشدد وزير الدولة الألماني للشؤون الخارجية مايكل روث على «وجوب الامتناع عن إقفال الباب في هذا الظرف الصعب». على صعيد آخر، تنظر المعارضة التركية بحسد إلى قدرة الحكومة على تجيير كل حدث في البلاد، سواء كان إيجابياً أم سلبياً، لمصلحة أجندتها السياسية، فيما تعجز المعارضة عن استغلال أي حدث، سواء لتعزيز موقعها السياسي أو لإضعاف الحكومة. وبدأ ذلك ينقل التململ من الزعامات السياسية التقليدية المعارضة، إلى قاعدة أحزابها، في شكل يشي بتغيير الخريطة السياسية في تركيا، بعد استفتاء عام مرتقب الربيع المقبل على مشروع لتحويل النظام رئاسياً. وحاول «حزب الشعب الجمهوري» ووسائل إعلام معارضة انتقاد السياستين الأمنية والخارجية للحكومة بعد التفجيرَين الانتحارَيين في إسطنبول، واللذين أعلنت مجموعة «صقور حرية كردستان» القريبة من «حزب العمال الكردستاني» مسؤوليتها عنهما. لكن الحكومة نجحت في تحويل النقاش إلى نظرية أن الغرب، والولايات المتحدة تحديداً، يريد «تركيع تركيا ومستاءٌ من تعاظم دورها عسكرياً في الملف السوري، ويستغل الملف الكردي لتوجيه ضربات موجعة إليها». وتضيف أن على «الشعب أن يتصدى لهذه المؤامرة، من خلال دعم الحكومة والرئيس رجب طيب أردوغان وسياساته ومشروعه الرئاسي، لكي يبلغ الشعب أميركا أنها لا تستطيع إخضاعه لخططها وسياساتها في المنطقة». ولاحظ كثيرون كيف حجبت غالبية الصحف الموالية أخبار تفجيرَي إسطنبول عن صفحاتها الأولى، لمصلحة أخبار المشروع الرئاسي. ولكن بعد تصريح أردوغان أن التفجيرَين لن «يلويا ذراع تركيا ولن يجعلاها تتراجع عن سياستها في شمال سورية»، حمّلت غالبية تلك الصحف في اليوم التالي، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مسؤولية «تعاظم الإرهاب في تركيا»، متحدثة عن «إغراق حزب العمال الكردستاني بالسلاح». وانتقل الحوار على شاشات التلفزة إلى مناقشة وسائل مواجهة «الخطط الكردية» لواشنطن، معتبرة أن أفضلها مساندة المشروع الرئاسي، من أجل منح أردوغان مزيداً من القوة للتصدي لها. والمفارقة أن هذه الصحف كانت نشرت على صفحاتها الأولى صورة لرئيسَي الأركان التركي خلوصي أكار والأميركي جوزف دانفورد، خلال زيارتهما قاعدة «إنجرليك» جنوب تركيا، مشيدة بعلاقات «مميزة» بين البلدين. وكانت الصحف ذاتها أوردت أن هناك «دوراً أميركياً مزعوماً» في محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز (يوليو) الماضي، معتبرة أن «الدليل على ذلك هو اختيار الانقلابيين قاعدة إنجرليك الأميركية لإدارة الانقلاب منها». إلى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية التركية توقيف 568 شخصاً خلال اليومين الماضيين، للاشتباه في ارتباطهم بـ «الكردستاني»، بعد تفجيرَي إسطنبول اللذين أوقعا 44 قتيلاً. وكان «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي أعلن أن الشرطة أوقفت النائبتين شاغلار ديميريل وبسيمة كونجا، في إطار تحقيقات ضد «الإرهاب». وترأس ديميريل كتلة الحزب في البرلمان. وأوقفت السلطات الاثنين 235 من أعضاء الحزب في 11 مدينة تركية.
مشاركة :