أصدرت هيئة الأمم المتحدة أكثر من خمسين قراراً منذ عام 1948، وجميعها يقضي بوجوب عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم نتيجةَ الطرد القسري وتدمير قراهم. وقد رفضت إسرائيل على الدوام تنفيذ القرارات الصادرة عن الشرعية الدولية، وفي الوقت ذاته لم يجبر المجتمع الدولي إسرائيل على تنفيذ تلك القرارات الدولية بشأن فلسطين. ومن أهم تلك القرارات ذات الصلة بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في الحادي عشر من كانون أول (ديسمبر) 1948، وكذلك القرار 302 الصادر في 8 كانون الأول 1950، والقرار 512 الصادر في 26 كانون الثاني (يناير) 1952، إضافة إلى قرارات أخرى قريبة في بنودها. ومع تزايد أعداد اللاجئين، وتمركز معظمهم في الدول العربية المحيطة بفلسطين، ومنع إسرائيل عودتهم بحزم، أنشئت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين في الشرق الأدنى عام 1949 وباشرت عملياتها في أيار (مايو) 1950، ومع أنها اعتبرت وكالة موقتة، فقد تم تجديد ولايتها بانتظام كل ثلاث سنوات، وتُعد تعبيراً عن مسؤولية المجتمع الدولي في إيجاد حل لقضية اللاجئين وفقاً للقرار 194 الذي تم تأكيده مراراً في الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ صدوره. وتشير الإحصاءات إلى وجود نحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين في سجلات الأونروا خلال العام الحالي2016، وثمة 41 في المئة منهم يتركزون في المملكة الأردنية الهاشمية، و22 في المائة في قطاع غزة الذي يضم ثمانية مخيمات بائسة، في حين تستحوذ الضفة الغربية على 16 في المائة من إجمالي مجموع اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في الأونروا، في مقابل ذلك تستأثر سوريا بـ10.5 في المائة، وكذلك هو الحال في لبنان. وقد أصدرت إسرائيل حزمة من التشريعات العنصرية لزعزعة الكيان الشرعي الفلسطيني، وهذه القوانين بحسب تسلسلها الزمني هي: أولاً: قانون أملاك الغائبين المتروكة لعام 1950، وقد نص على وضع أملاك العرب تحت الحراسة، ويحق للحارس، أو القيّم على هذه الأملاك، بيعها لقاء ثمن تحدده السلطات الرسمية. ثانياً: قانون استملاك الأراضي، وصدر عام 1952، وهو يخوّل سلطة الاحتلال الاستيلاء على الأراضي العربية بحجة استخدامها في أغراض التعمير والتنمية والاقتصاد، أو لأسباب تتعلق بأمن البلاد العام. ثالثاً: قانون التصرّف، الذي صدر عام 1953، ويشترط على صاحب الملك أن يتصرف في أملاكه تصرفاً فعلياً بشخصه هو مباشرة، ويمنح هذا القانون وزير مالية إسرائيل صلاحية إصدار قرار قاطع بأمر الاستيلاء على الأملاك المعنية وتسجيلها ملكاً للدولة باسم (هيئة التعمير والتنمية). رابعاً: قانون تقادم العهد أو مرور الزمن، وقد صدر عام 1957، فالمالك لأرضه لا يحق له الاحتفاظ بها متى قدّم إثباتات تؤكد تصرفاً لطيلة 25 عاماً، وبذلك تسقط حقوق المالكين العرب تحت ستار مرور الزمن. والملاحظ أن كل القرارات المذكورة التي صدرت عن السلطات الإسرائيلية في ما بعد، قد عبّرت عن نزعة الفكر الاجتماعي الصهيوني لإضفاء الصبغة الشرعية على الاحتلال الذي سيطر على الأرض الفلسطينية بفعل القوة، وذهبت القوانين الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك، حين اعتبرت أصحاب الأملاك من العرب الذين أجبروا على الابتعاد منها من الغائبين، ولو سكنوا في مناطق أخرى داخل الخط الأخضر. وقد امتدت صلاحيات القوانين لتطاول الوقف الإسلامي، حيث أصبح القيّم على أملاك الغائبين مسؤولاً عن تأجير واستخدام أملاك الوقف الإسلامي التي تبلغ حوالى 30 في المائة من مجموع أملاك الغائبين، ويبلغ مقدارها 16/1 من أراضي فلسطين كلاً. ويبقى القول إنه مع استمرار عمليات «الترانسفير» التي تلاحق الشعب الفلسطيني منذ عام 1948، باتت الضرورة ملحة لمطالبة الأمم المتحدة بتنفيذ القرارات الدولية بشأن القضية الفلسطينية، وفي مقدمها تلك المتعلقة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وتعويضهم عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بهم، وبشكل خاص القرار 194. * كاتب فلسطيني
مشاركة :