الدوحة - قنا: دعت دولة قطر إلى ضرورة أن يضطلع المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه حماية المدنيين والمؤسسات المدنية جرّاء ما يرتكبه النظام والميليشيات التابعة له من قصفٍ وحشي ومجازر ضد الشعب السوري. وطالب سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا" أمس، المجتمع الدولي بالتحرّك الدولي السريع لوقف المجازر والانتهاكات السافرة، وتأمين ممرات إنسانية آمنة، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى مدينة حلب وكافة المدن السورية، في ظل الأوضاع الإنسانية المتفاقمة، والاعتداءات الوحشية التي جرت خلال الأيام الماضية. وقال سعادته: "إن ما يتعرّض له أبناء الشعب السوري من كارثة إنسانية مهولة في حلب ينم عن فشل مجلس الأمن في وضع حد للأزمة وحماية المدنيين". وأضاف سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني: "في ظل فشل مجلس الأمن للمرة السادسة - وعلى الرغم من القرارات المتعدّدة التي لم يتم تفعيلها - فإن البحث عن سبل أخرى لحماية المدنيين بات أمراً ملحاً". وأوضح سعادته أن المساعي القطرية تأتي في إطار حث المجتمع الدولي والمسؤولين في الأمم المتحدة على تبني خطوات فاعلة لوضع حد لهذه المآسي الإنسانية وتقديم كل ما يمكن من أجل حماية المدنيين من آلة القتل والدمار والتشريد، مجدداً سعادته التأكيد على وقوف دولة قطر مع الشعب السوري الشقيق. وأشار سعادة وزير الخارجية إلى تجاوز النظام كل الأعراف والمعايير والقوانين الدولية والإنسانية.. مشدداً على ضرورة أن تتخذ العدالة الدولية خطوة حقيقية وجديّة ومسؤولة لمحاسبته. في غضون ذلك أجرى سعادة وزير الخارجية اتصالاً هاتفياً مع كل من سعادة الشيخ صباح خالد الحمد الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية بدولة الكويت، وسعادة السيد مولود شاويش أوغلو وزير خارجية الجمهورية التركية، كل على حدة. جرى خلال الاتصالين بحث الوضع الإنساني المتفاقم في مدينة حلب جرّاء القصف الوحشي الذي يشنه النظام والميليشيات التابعة له. كما تم بحث السبل الكفيلة بتكثيف المساعي الدولية لوقف المجازر والانتهاكات السافرة بحق الشعب السوري، وتأمين إخراج المدنيين عبر ممرات إنسانية آمنة، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى مدينة حلب وكافة المدن السورية. من جانبها أعلنت جامعة الدول العربية أنه تقرّر عقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين غداً بمقر الأمانة العامة للجامعة، لبحث الأزمة الإنسانية في مدينة حلب السورية بناء على طلب دولة قطر. وصرّح السفير حسام زكي الأمين العام المساعد للجامعة العربية، بأن هذا الاجتماع جاء بناء على طلب من دولة قطر وتأييد عدد من الدول الأعضاء، وذلك لبحث الوضع المتدهور إنسانياً في مدينة حلب. وأوضح أن الأمانة العامة للجامعة تلقت تأييد كل من: المملكة العربية السعودية ودولة الكويت ومملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة لطلب دولة قطر بعقد الاجتماع. من جهته صرّح سعادة السيد سيف بن مقدم البوعينين سفير دولة قطر لدى جمهورية مصر العربية ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية أمس لوكالة الأنباء القطرية قنا بأن المندوبية الدائمة لدولة قطر قدّمت مذكرة عاجلة إلى الأمانة العامة للجامعة متضمّنة طلب دولة قطر بعقد هذا الاجتماع. وفي هذا السياق وصف الدفاع المدني الحال في الأحياء المحاصرة شرقي مدينة حلب بـ"الجحيم" حيث تعجز فرق الإسعاف عن انتشال الجثث من الشوارع والمصابين من تحت أنقاض المباني المدمرة جراء القصف العنيف من قبل قوات النظام السوري، بينما يتكدّس مئة ألف مدني في مساحة صغيرة متبقية بيد المعارضة السورية المسلحة. وكتب الدفاع المدني في مدينة حلب في تغريدة: إن "كل الشوارع والأبنية المهدّمة مليئة بالجثث"، وأكد متحدّثون باسمه أن المسعفين لا يستطيعون التحرّك لإنقاذ المصابين والعالقين تحت المباني المدمرة. وقال مدير الدفاع المدني في حلب عمار السلمو للجزيرة إن الأمطار التي هطلت على مدينة حلب أمس ساعدت على دفن جثث بعض الضحايا الذين سقطوا في القصف المركز على الأحياء المحاصرة. وأضاف أن عدداً من المدنيين من كبار السن توفوا جرّاء البرد، مشيراً إلى انقطاع الاتصال بعائلات بعد سيطرة قوات النظام والميليشيات المتحالفة معها على عدد من الأحياء الشرقية. وأضاف السلمو أن نحو مئة ألف مدني باتوا محاصرين في مساحة تقارب خمسة كيلومترات مربعة. وأن هذه الأعداد الكبيرة من المدنيين توجد الآن في رقعة صغيرة بطول 3.5 كيلومتر وعرض 2.5 كيلومتر في حيي المشهد وسيف الدولة وقسم من حيي صلاح الدين والإذاعة. وقالت الجزيرة نقلاً عن صحفي في الأحياء المحاصرة: إن المدنيين الفارين من الهجوم المستمر لقوات النظام والميليشيات يتكدّسون في الشوارع، وأضاف أنه لا يستطيع أحد أن يضمن لهم مساكن يأوون إليها مع هذا القصف الذي لا يتوقف. ووصف الحال في المناطق التي لا تزال بيد المعارضة بالكارثي، مشيراً إلى انقطاع المواصلات والوقود وتعطل المشافي، إضافة إلى النقص الحاد في الغذاء والمياه. كما أكدت مصادر محلية للجزيرة أن عشرات العائلات تنتشر في الشوارع بلا غذاء أو ماء. وكانت الأحياء الشرقية تضم نحو 275 ألفاً حتى انطلاق الهجوم الحالي الذي تشنه قوات النظام السوري بدعم من روسيا منتصف الشهر الماضي، وفر عشرات الآلاف منهم نحو الأحياء الغربية، وكذلك نحو الأحياء التي استعادها النظام شمال شرقي المدينة. في السياق نقلت منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة أمس عن طبيب موجود شرقي حلب أن أكثر من مئة طفل من دون عائلاتهم محاصرون في مبنى تحت قصف عنيف. وكانت مصادر متطابقة شرقي حلب أكدت قيام عناصر من قوات النظام والميليشيات العراقية أمس بإعدام أكثر من ثمانين شخصاً معظمهم في أربعة أحياء سيطرت عليها أمس الأول. وأكد متحدّثون باسم الأمم المتحدة التقارير بشأن الإعدامات الجماعية، بينما تتوالى التحذيرات من مجازر أكبر في المدينة.
مشاركة :