بيروت – الوكالات: بدأت خلال الساعات القليلة الماضية عملية إجلاء مقاتلي الفصائل المعارضة والمدنيين من شرق حلب بموجب اتفاق تم التوصل إليه برعاية روسية تركية، مع اقتراب الجيش السوري من حسم المعركة لصالحه بالسيطرة بشكل كامل على المدينة. وبدأ مجلس الأمن الدولي بناء على طلب فرنسا اجتماعا طارئا لبحث الوضع في حلب، بعد ساعات من إبداء الأمم المتحدة خشيتها من تقارير وصفتها بالموثوقة تتهم قوات النظام بالقتل الفوري لعشرات المدنيين، بينهم نساء وأطفال، في المدينة. وأعلن السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين من مقر الأمم المتحدة في نيويورك، التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية لإجلاء المقاتلين المعارضين. وقال في هذا الإطار: «تفيد آخر المعلومات التي وصلتني، بأنه تم التوصل إلى اتفاق على الأرض يقضي بمغادرة المقاتلين المدينة» موضحا أن عملية الإجلاء قد تتم «خلال الساعات القليلة المقبلة». وقال ياسر اليوسف عضو المكتب السياسي في حركة نورالدين: «تم التوصل إلى اتفاق لإخلاء أهالي حلب المدنيين والجرحى والمسلحين بسلاحهم الخفيف من الأحياء المحاصرة في شرق حلب». وبحسب اليوسف، فإن التوصل إلى الاتفاق «جرى برعاية روسية تركية، على أن يبدأ تطبيقه خلال ساعات». وكانت أنقرة أعلنت في وقت سابق أمس أنها ستكثف اتصالاتها مع روسيا من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار في مدينة حلب. ويتضمن الاتفاق وفق اليوسف «إجلاء المدنيين والجرحى خلال الدفعة الأولى بعد ساعات، ومن بعدهم يخرج المقاتلون بسلاحهم الخفيف»، كما ينص على أن «المغادرين سيختارون وجهتهم بين ريف حلب الغربي أو باتجاه محافظة إدلب (شمال غرب)». وأكد القيادي في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة أحمد رمضان للصحفيين عبر الإنترنت التوصل إلى الاتفاق. وقال «هناك اتفاق حول ذلك، ونترقب تطبيق التفاهم بشأن خروج المدنيين أولا». وطالبت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سامنثا باور بنشر «مراقبين دوليين حياديين» في حلب للإشراف على إجلاء المدنيين بـ«أمان تام». وشددت باور في كلمتها أمام مجلس الأمن على أن المدنيين الذين يريدون الخروج من أحياء حلب الشرقية «خائفون، وهم محقون في ذلك، من تعرضهم للقتل على الطريق أو من نقلهم إلى أحد معتقلات الأسد». ويأتي إعلان التوصل إلى هذا الاتفاق مع سيطرة قوات النظام السوري على أكثر من 90 في المئة من الأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة منذ عام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين الطرفين. في هذا الوقت، يتكدس آلاف المدنيين في حي المشهد وأجزاء من أحياء أخرى في شرق حلب لا تزال تتواجد فيها فصائل المعارضة، بعضهم لا مأوى له، ينامون في الشارع. ويعاني الجميع من الخوف والجوع والبرد. وخلال مؤتمر صحفي في جنيف، قال المتحدث باسم مجلس حقوق الإنسان روبرت كولفيل نقلا عن مصادر موثوقة: «الليلة (قبل) الماضية، تلقينا معلومات تقول إن القوات الحكومية قتلت 82 مدنيا على الأقل، بينهم 11 سيدة و13 طفلا، في أحياء بستان القصر والفردوس والكلاسة والصالحين». وأضاف كولفيل: «تم إبلاغنا أن قوات النظام تدخل بيوت المدنيين وتقتل الأفراد الموجودين هناك، بمن فيهم النساء والأطفال»، مشيرًا إلى أن بعض المدنيين «تمكنوا من الفرار»، إلا أنه تم «اعتقال آخرين وقتلهم على الفور، أو توقيفهم». وقال يان إيغلاند الذي يرأس مجموعة العمل حول المساعدة الإنسانية في سوريا: «نحن بطبيعة الحال قلقون للغاية إزاء التقارير حول الفظائع بحق المدنيين والمقاتلين الذين تخلوا عن أسلحتهم»، مضيفا «من المهم أن يعي المقاتلون الذين يربحون هذه المعركة أنهم وداعميهم قيد المساءلة لما يحصل للمدنيين والمقاتلين السابقين». وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» عن «تقارير مقلقة» نقلها أحد الأطباء في مدينة حلب عن أكثر من مائة طفل من دون مرافقين أو عائلاتهم عالقين في مبنى وسط قصف عنيف. وأعرب المدير الإقليمي للمنظمة غيرت كبالاياري عن «قلق شديد إزاء تقارير لم يتم التأكد من صحتها حول إعدامات من دون محاكمة لمدنيين بينهم أطفال». وفي باريس، ندد رئيس الوزراء الفرنسي الجديد برنار كازنوف أمس «بفظاعات لا تحصى وبالمجازر» التي يرتكبها النظام السوري في حلب، مشيرا إلى أنه يمكن أن تشكل «جرائم حرب أو حتى جرائم ضد الإنسانية». وأعلنت لندن بدورها رغبتها في تنحي الرئيس السوري بشار الأسد بعدما تعامل بـ«قسوة وحشية» مع الشعب، وفق ما قالت متحدثة باسم رئاسة الوزراء البريطانية. وعملت قوات النظام السوري والمقاتلون الموالون لها صباح أمس، وفق ما أوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، على «تثبيت مواقعها وتمشيط الأحياء التي تمكنت من السيطرة عليها في الساعات الأخيرة». وتحدث عبدالرحمن عن «عشرات الجثث في شوارع الأحياء الشرقية بسبب القصف المكثف من قبل النظام». وحذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدورها من أنه «مع بلوغ المعركة مستويات غير مسبوقة من التصعيد وانزلاق المنطقة في دوامة من الفوضى، يظل آلاف ممن لا يد لهم في العنف لا يجدون حرفيا بقعة آمنة يلوذون إليها بالفرار».
مشاركة :