نهاية الصحافة اللبنانية تفرز جيشا من العاطلين عن العمل بقلم: شادي علاء الدين

  • 12/14/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

أزمة التمويل السياسي سرعت نهاية الصحافة اللبنانية التي لم تقم أبدا على سوق إعلامية مبنية على شبكة من الاشتراكات بل قامت على اقتصاد التمويل السياسي. العربشادي علاء الدين [نُشرفي2016/12/14، العدد: 10485، ص(18)] نهاية وشيكة بيروت- تعيش الصحافة المكتوبة في لبنان أيامها الأخيرة، فتتسارع الأخبار عن نية صحف لبنانية عريقة في التوقف عن الصدور، حيث أعلنت جريدة السفير أنها ستتوقف عن الصدور نهاية العام الحالي، ويرجح أن تليها النهار وجريدة المستقبل واللواء وغيرها. ويبقى مصير العشرات من الصحافيين العاملين في هذه المؤسسات معلقا، في ظل صعوبة تطويع مهارات الصحافة المكتوبة لتتناسب مع ما تتطلبه المواقع الإلكترونية، أو الكتابة للبرامج التلفزيونية أو غيرهما من الوسائل الإعلامية الحديثة. ويتحدث الصحافي في جريدة النهار إيلي الحاج عن وضع الصحافيين في هذه الظروف قائلا “أعتقد أن مصير الصحافيين في لبنان مجهول بعد الإقفال المتوقع لمعظم الصحف، وخصوصا أن المؤسسات الإعلامية الأخرى كالتلفزيونات لا تريد ولا تستطيع استيعاب هذا العدد الكبير”. ويضيف الحاج “الحال أسوأ بالنسبة إلى الإذاعات حيث أنها تعاني جميعها من شح مالي منذ فترة طويلة، يمكن أن يلجأ بعض الصحافيين إلى إنشاء مواقع إلكترونية، وبعضهم نجح في استجلاب تمويل ما، ولكنك ما إن تدخل إلى أي موقع حتى تعرف مباشرة من هي الجهة السياسية التي يعبر عنها صاحب الموقع وينطق باسمها. هذه الصيغة ليست حلا، وخصوصا أن حاجة المواقع الإلكترونية إلى التمويل يجعلها عرضة لتقلبات مزاج الممولين الذي لا يستقر على حال”. من جهته يرصد الصحافي يوسف بزي الذي كان يعمل في جريدة المستقبل وأقيل من وظيفته، وتحول إلى الكتابة في المواقع الإلكترونية، تحولات مهنة الصحافة في لبنان قائلا “هناك تحولات طالت مهنة الصحافة وأدواتها ووسائطها، وهذا التحول أصاب القراء كذلك؛ فالصحافيون في مجال الصحافة المكتوبة عليهم أن ينسجموا مع الوسائط الحديثة، وإلا سيخرجون من المهنة تماما بعد إقفال الصحف”. ويضيف بزي “أزمة الصحافيين في لبنان تشبه الأزمة التي أصابت العاملين في مجال صيانة عربات الخيل مع اختراع السيارات. البعض منهم عجز عن التأقلم مع التطورات وصار خارج الخدمة، والبعض الآخر تعلم ميكانيك السيارات ونجح في أن يتلاءم مع المستجدات”. ويتابع، “مصير الصحافيين في لبنان يتحدد وفق درجة استجابتهم للتطورات، فإما أن يتعلموا مهنة جديدة تماما وإما أن يبادروا إلى الانسجام مع متطلبات الإعلام الجديد الذي يقوم على معايير كتابة تشبه الستاتوسات الفايسبوكية، أو التغريدات على تويتر”. ويقرأ الحاج واقع تردي الصحافة المكتوبة والمسار الانحداري الذي أدى إلى نهايتها الوشيكة، معتبرا أن “مسار نهاية الصحافة اللبنانية بدأ من اللحظة التي اغتيل فيها رفيق الحريري حيث تسبب هذا الاغتيال بتغيير كبير في آلية ومصير عمل الكثير من الصحافيين وأصحاب المؤسسات. كان رفيق الحريري يدعم بعض المؤسسات، وفي مرحلة ما كان سعد الحريري يصرف كثيرا في سبيل إنجاح مشروع 14 آذار، وهو ما أدى إلى انتعاش الصحافة المكتوبة التابعة لهذا التيار وإلى انتعاش مماثل عند الصحف التابعة لخصومه. هذا الدعم توقف تقريبا بعد الانتخابات النيابية عام 2009”. يوسف بزي: أزمة الصحافيين تشبه أزمة العاملين في صيانة عربات الخيل بعد اختراع السيارات يضاف إلى ذلك أن الكثير من الصحف اللبنانية تعاني من سوء إدارة، ولم تنجح في الحفاظ على إرث الجيل المؤسس، ولم تتحول إلى مؤسسات بل بقيت عبارة عن ملكية عائلية تتناقلها أجيال العائلة. فإذا كان ممكنا الحفاظ على بنية الصحيفة أو الإبقاء على مهنيتها وحضورها لجيل أو لجيلين، فإن المهمة تصبح صعبة مع الجيل الثالث أو الرابع وخصوصا إذا لم تكن الصحيفة قد تحولت إلى مؤسسة تمتلك هيكلية منظمة تضمن لها الاستمرار بغض النظر عن مسألة تعاقب الأجيال. ويشكل الصحافيون الذين خسروا وظائفهم مع التقشف الذي طال معظم الصحف المكتوبة، إضافة إلى العدد الكبير الذي سيفقد وظائفه مع الإقفال المتوقع لمعظم الصحف، جيشا من العاطلين عن العمل، الذين لا قدرة لوسائل الإعلام الموجودة على استيعابهم. لا يشك الحاج في أن الصحافة المكتوبة قد خسرت معركتها مع المواقع الإلكترونية، ويرصد أثر هذه الهزيمة قائلا “مع إغلاق معظم الصحف اللبنانية هناك مهنة تندثر ويتشرد العاملون فيها. فالواقع عكس ما كان يشاع حول قدرة الصحافة المكتوبة على البقاء وربح المواجهة مع المواقع الإلكترونية، إذ الكفة تميل لصالح هذه المواقع التي تندر فيها القيم المهنية، أو القواعد الأخلاقية. والنمط الذي تمثله العديد من المواقع الإلكترونية المنتشرة في لبنان بصدد النمو والازدهار، في حين أن المؤسسات الصحافية العريقة كالنهار والسفير وسواهما لا تبدو قادرة على الصمود”. ويرى أن أزمة التمويل السياسي سرعت نهاية الصحافة اللبنانية التي لم تقم أبدا على “سوق إعلامية مبنية على شبكة من الاشتراكات والاستثمارات التي تشكل سوقا فعلية للصحافة، بل قامت على اقتصاد التمويل السياسي الذي كان في معظمه خليجيا وعربيا. وأدى انحسار التمويل إلى انكشاف حقيقة الصحف اللبنانية التي لا تعتمد على اقتصاد الإعلانات، وهذا ما يفسر سرعة الانهيار. يضاف إلى ذلك أن معظم الصحافيين السياسيين باتوا ملحقين بالسياسيين، وتحولوا إلى نوع من المستشارين. هذا المناخ أسس لطور جديد في ممارسة العمل الصحافي في لبنان، حيث صارت مهمة المؤسسات الصحافية مرتبطة بالبروباغندا”. من جهته يعتبر الحاج أن “كل الصحافة اللبنانية كانت قائمة على الدعم الخارجي، من هنا فإن أزمة هبوط أسعار النفط تسببت في انحسار الدعم الخليجي للصحف اللبنانية، وكذلك تسببت في خروج النظام السوري من لبنان بعد 2005 مما سبب تراجعا في تمويل بعض الصحف، فالسوريون لم يمولوا الصحف بشكل مباشر ولكنهم كانوا يوعزون إلى من يدور في فلكهم بأن يبادر إلى تمويلها، أو الاستثمار في أسهمها، وهذا كان من شأنه أن يمنح الصحف قدرة على الاستمرارية”. :: اقرأ أيضاً جهود المنظمات الدولية تفشل في وقف تزايد اعتقال الصحافيين مغردون ساخرون: عدل الإخوان لا يفرق بين مسجد وكنيسة قيود أوروبية بانتظار واتس آب وسكايب #هاشتاغ اليوم: أكذب مقولة هاشتاغ يعري عيوب المجتمع

مشاركة :