المهاجرون الأفارقة يحولون حلمهم من أوروبا إلى المغرب

  • 12/14/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

المهاجرون الأفارقة يحولون حلمهم من أوروبا إلى المغرب يشهد المغرب اليوم تحولا عميقا في علاقته بالمهاجرين، فبعدما كان بلد عبور إلى أوروبا، أصبح اليوم بلد استقبال بسبب الأزمة الاقتصادية التي تضرب القارة الأوروبية من ناحية، وبسبب تشديد المراقبة الأمنية على الحدود من ناحية أخرى. العرب [نُشرفي2016/12/14، العدد: 10485، ص(20)] الإقامة بدل المغامرة الرباط - أعلنت السلطات المغربية، الاثنين، إطلاق المرحلة الثانية من تسوية الوضع القانوني للمهاجرين غير القانونيين مع نهاية هذا العام، بعد تسوية وضع 25 ألف مهاجر في عام 2014. وكان المغرب القريب من أوروبا، قد تحول في العشر سنوات الماضية من بلد عبور المهاجرين خاصة من أفريقيا جنوب الصحراء نحو أوروبا، إلى بلد استقبال واستقرار لهؤلاء المهاجرين لا سيما مع الأزمة المالية الأوروبية. ويقيم الأفارقة خاصة في مناطق الشمال والشمال الشرقي للمغرب ومدن الرباط والدار البيضاء وفاس وأغادير، والمناطق الصحراوية التي يستقر فيها القادمون من جنوب الصحراء بعد نفاد مدخراتهم خلال رحلة الهجرة التي تكون في الغالب عسيرة. وقال جان بول كافالييري ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين “المغرب حقق الأهم في ما يخص قانون الهجرة والمهاجرين وننتظر بفارغ الصبر إصدار قانون اللجوء”. وقال بيان وزارة الداخلية “المغرب الذي طالما رفض الطرق المعتمدة من طرف البعض لمعالجة قضايا الهجرة والتي أثبتت فشلها، يعتز بما يقوم به في مجال استقبال وإدماج المهاجرين ولن يتراجع عن هذا النهج العملي والإنساني”. الموت خلف الأسوار مازال العديد من القادمين من أفريقيا يحلمون بالهجرة إلى أوروبا رغم علمهم بمخاطر الرحلة، ويقيمون في الغابات على الحدود القريبة من مضيق جبل طارق في ظروف سيئة؛ يسكنون في أكواخ ضيقة من الحجارة وأكياس البلاستيك لا يزيد ارتفاع سقفها على نحو المتر، وحلمهم الدخول إلى أوروبا والحصول على حق اللجوء أو الإقامة. النيجيري سيمون إيبكونو الذي يعمل موسيقيا: أنا مغربي وحتى يومنا هذا أعمل بجد لتأسيس شركتي الخاصة في مجال تنظيم الأحداث، حتى أصير مديرا على نفسي وفي غابة غوروغو أعلى الجبل المسمى بالاسم ذاته قرب مدينة الناظور على حدود المغرب الشمالية، يعيش الأفارقة في قسمة حسب الأغلبية العددية والجنسية؛ فهناك معسكر الكاميرونيين ومعسكر الماليين، ومعسكر النيجيريين، ومعسكرات أخرى لكن تعيش كلها ظروفا مزرية دون توفر الشروط الصحية. الكثيرون من المهاجرين عبروا إلى مليلية أكثر من مرة، لكن الشرطة الإسبانية أعادتهم إلى المغرب فورا، ورجعوا إلى أعلى جبل غوروغو مصرين على تحقيق حلمهم الذي يبدأ بالعبور إلى مليلية، ومن ثم إلى باقي أوروبا. ويقول الكاميروني رينو وهو في الثلاثين من العمر، إنه يعيش في غابة غوروغو وإنه مصمم على العبور إلى مليلية، كما فعل ستة من رفاقه الذين أتوا معه من الكاميرون وتعرف عليهم في رحلتهم الطويلة. وبالمقابل، اختصر أفارقة آخرون الطريق واختاروا العمل في المغرب في مهن عشوائية تحفظ لهم كرامتهم وتغنيهم عن عناء رحلة خطيرة وغير مضمونة النتائج، في انتظار الحصول على وثائق الإقامة ليبحثوا بعدها عن شغل يناسب إمكانياتهم وحياة أفضل. ويقول بكاري كيبي الذي قدم من السنيغال، “لم أكن أتخيل يوما أن الأقدار ستنقلني إلى شمال المغرب وعلى بعد كيلومترات قليلة من القارة الأوروبية.. الوصول إلى ما أنا عليه الآن لم يكن سهلا، فالرحلة إلى المغرب فقط كلفتني شهورا من التنقل والاختباء، حيث انطلقت مسيرتي من قريتي الصغيرة مرورا بصحراء مالي وموريتانيا ومنها إلى الحدود المغربية الجنوبية”. وأضاف بكاري “التأقلم في المغرب لم يكن بالسهولة التي يتصورها الجميع، فالمجتمع مازال ينظر إلى المهاجرين على أنهم متسولون ولصوص وقطاع طرق لا يهمهم سوى الرحيل نحو أوروبا. صحيح أنني حاولت أكثر من مرة ركوب زوارق النجاة كما نسميها، إلا أنني ومع مرور الوقت أيقنت أن حلمي بإمكانه أن يغدو واقعا في المغرب”. وبعد حصوله على بطاقة إقامته المغربية، تمكن من الحصول على وظيفة تتمثل في مساعدة المهاجرين الجدد على التأقلم داخل المجتمع المغربي واقتراح أفكار مشاريع صغيرة وبسيطة عليهم، وذلك بفضل إتقانه العربية والفرنسية وبعض اللهجات المحلية الأفريقية. ويقول ديدي سونغ القادم من ساحل العاج “قضيت فترة طويلة متخفيا عن أعين قوات الأمن المغربي.. كنت على وشك الاعتياد على مذاق لحوم القطط في سبيل البقاء حيا داخل الغابات المحيطة بمعبر سبتة الحدودي، لكن الحظ لم يحالفني وجعلني أولي الأدبار نحو المملكة المغربية، التي وفرت لي فرصا لم أكن أحلم بها”. ويضيف سونغ “صار بإمكاني السير في الشوارع دون خوف، وكذلك الاندماج والاستفادة من الخدمات الصحية المجانية، بفضل الإجراءات التي قام بها المغرب من خلال تسوية وضعية العديد من مهاجري جنوب الصحراء”. واستقر داوود الشاب السينغالي في الرباط، قائلا “إن مغامرات أبناء بلده الذين حاولوا تجاوز السياج الشائك الذي تضعه إسبانيا على مدخل مدينتي سبتة ومليلية، وما نتج عنها من موت بعضهم أو إصابة آخرين أثناء محاولة صد هجمات العبور الجماعية، أثارت في نفسي الرعب، فقررت العزوف عن رحلة البحث عن النعيم في أوروبا والبحث عنه في المغرب”. معلقون على أسلاك الموت حلم يتحقق في زقاق أحد الأحياء الشعبية في الرباط يعمل مختار توري القادم من ساحل العاج، بجد ودوام كامل في محله الصغير المتخصص في إصلاح المعدات المنزلية، آملا في ضمان مستقبل آمن في المغرب، رغم الصعوبات التي واجهها قبل حصوله على بطاقة الإقامة منذ سنة. بالنسبة إلى مختار الذي يعيش في المغرب منذ سنوات مستعينا بمهن موسمية أو مؤقتة، بعدما فر من الصراع الذي دار في بلده، “لم تكن الأمور سهلة في البداية بل كانت شبه مستحيلة”. لكن بعد سنوات من الكفاح، استطاع توري الحصول على تصريح بالإقامة القانونية في المغرب، وتحسنت أحواله أكثر بفضل تمويل حصل عليه من “الجمعية المغربية لدعم وتشجيع المقاولات الصغيرة”. هذا التمويل الذي يدخل في إطار تشجيع المشاريع الصغيرة أو “الأنشطة المدرة للدخل” ساعد مختار توري من ناحية على إيجاد سقف منزل يعيش تحته مع أسرته، ومن ناحية ثانية مكنه من استئجار محل صغير حيث أطلق ورشته لإصلاح الأدوات المنزلية. واستطاع توري كسب ثقة الزبائن، حيث يفد عليه يوميا أربعة من سكان الحي الشعبي لإصلاح أدواتهم المنزلية، حتى أنه وظف مهاجرا آخر هو سيلفان المنحدر من موطنه ساحل العاج. وبالنسبة إلى هذا اللاجئ الذي يخوض غمار تجربة الاندماج في بلد غير بلده، تبدو العودة إلى موطنه “أمرا غير مطروح” في الوقت الراهن، فهو كما يقول يرغب في تحويل ورشته الصغيرة إلى شركة. وقامت الرباط نهاية 2013 في إطار التأقلم مع واقع الهجرة الجديد من ناحية، وردا على الانتقادات اللاذعة للمنظمات غير الحكومية بانتهاك حقوق المهاجرين من ناحية ثانية، بإطلاق سياسة جديدة للهجرة لتسوية الوضعية القانونية للآلاف من المهاجرين على أراضيها. وفي الدار البيضاء يترأس سيرج غناكو جمعية للمهاجرين تحمل اسم “القوة الأفريقية لتضامن أبناء الله”، لكنه قبل ذلك كان واحدا من الذين عانوا كثيرا من عمليات الترحيل المتتالية قبل أن يحصل على أوراق الإقامة. إطلاق المرحلة الثانية من تسوية الوضع القانوني للمهاجرين والرجل القادم من ساحل العاج والبالغ من العمر 35 عاما وصل إلى المغرب قبل خمس سنوات كلاجئ. وهو يعتقد أن “المستقبل في المغرب ممكن، سوف أعلم ابني اللغة العربية”، كما يقول وهو جالس في غرفة المعيشة بجانب زوجته ميراي، داخل منزلهما. هذا الشاب ذو المستوى الجامعي الذي يعيش اليوم من أتعاب الدروس التي يعطيها في اللغة الفرنسية، يرى أن الأمور تحسنت كثيرا بالنسبة إليه، مشيرا إلى أنه كان “في البداية، ضحية لقمع متواتر”. وخلال مدة عيشه في وضعية غير قانونية على أراضي المملكة المغربية كما يشرح سيرج غناكو “كان من الصعب جدا الذهاب للعلاج في المستشفى أو تسجيل الأبناء في المدرسة، لكن الأمور تغيرت الآن”. وبالنسبة إلى روبن يينوه أودوي العضو في “مجلس مهاجري جنوب الصحراء في المغرب”، فإن “بطاقة إقامة تتيح لك فقط الحق في الحصول على عمل بشكل قانوني، لكنها لا تعني أنك ستجد عملا”. وبالنسبة إلى هذا الشاب الغاني، فإن الكثيرين مازالوا يفكرون في العبور بحرا نحو أوروبا، في إشارة منه إلى المحاولات الكثيرة والمحفوفة بالمخاطر للوصول إلى الجارة الإسبانية على متن قوارب متهالكة في أغلب الأحيان. وبالرغم من صعوبات الاندماج، يقول النيجيري سيمون إيبكونو الذي يعمل موسيقيا بلهجة مغربية دارجة واضحة “أنا مغربي وحتى يومنا هذا أعمل بجد لتأسيس شركتي الخاصة في مجال تنظيم الأحداث، حتى أصير مديرا على نفسي”. وعلى الرغم من الإجراءات الهائلة التي يتخذها المغرب وأوروبا في سبيل منع المهاجرين من التدفق إلى أروربا وإدماج الذين وصلوا منهم، إلا أن الخبراء يؤكدون أن المشكلة الرئيسية موجودة في الدول الأفريقية حيث يجب حل الصراعات والحروب والمجاعة والمرض وتوفير فرص العمل. :: اقرأ أيضاً

مشاركة :