تونس - تظاهر عشرات التونسيين الاربعاء أمام مقر البرلمان للمطالبة بتعديل قانون العقوبات لاسيما المادة المتعلقة بإسقاط العقوبة عن المُغتصب إذا تزوج ضحيته. وأقرت المحكمة الابتدائية بمحافظة الكاف (الشمال الغربي) الثلاثاء تزويج فتاة عمرها 13 عاما من قريب لها عمره 21 عاما بعد أن اغتصبها وحملت منه. وفجر قرار المحكمة احتجاجات منظمات مدنية في أنحاء البلاد قالت إن الفتاة طفلة وضحية لعملية اغتصاب. ورفع المتظاهرون أمام قصر باردو مقر مجلس نواب الشعب (البرلمان) لافتات مناهضة لقرار المحكمة مطالبين بتعديل المادة ذات الصلة في قانون العقوبات. ومن بين الشعارات التي رفعوها على اللافتات ورددوها في هتافاتهم "الاغتصاب جريمة وليس مهر عرس (زواج) و"العقاب ليس العرس.. العقاب هو الحبس" و"المؤبد لمغتصب الأطفال" و"الاغتصاب = السجن" و"الاغتصاب ضد الزواج". وهتف المتظاهرون وأغلبهم من النساء "يسقط الفصل 227 مكرر" و"قانون رجعي" و"راجعوا قانون العار". وصدرت دعوة للتظاهر الثلاثاء ردا على قرار قاض في الكاف (شمال غربي) بالسماح بتزويج فتاة (13 عاما) من قريبها (21 عاما) اثر حملها منه. وأثارت هذه القضية انتقادات شديدة في وسائل الاعلام التونسية ومواقع التواصل الاجتماعي وتنديد منظمات اعتبرت أن الطفلة تم اغتصابها وأن "المعتدي عليها" تمكن من الافلات من الملاحقة بسبب هذا الفصل القانوني. وينص الفصل 227 مكرر من القانون الجزائي التونسي والذي يعود الى 1958 على أن "يعاقب بالسجن مدة ستة أعوام كل من واقع أنثى بدون عنف سنها دون خمسة عشر عاما كاملة. وإذا كان سن المجني عليها فوق الخمسة عشر عاما ودون العشرين سنة كاملة فالعقاب يكون بالسجن مدة خمس أعوام. والمحاولة موجبة للعقاب. وزواج الفاعل بالمجني عليها في الصورتين المذكورتين يوقف التتبعات أو آثار المحاكمة". وقال محامون إن القاضي في هذه القضية استند إلى الفصل 227، وأن مواقعة الأنثى (الطفلة) تم برضاها بما يعني أنه ليس اغتصابا. لكن منتقدي القرار القضائي يجادلون بأن القاضي لم يجتهد في حكمه وأنه لم يأخذ في اعتباره أن الضحية طفلة لم تتعدى الـ13 عاما وأنه يسهل في عمرها التغرير بها أو اغتصابها وترهيبها. ثم ماذا يعني تزويج طفلة في مثل هذا السنّ وأي جدوى من هذا الحكم القضائي، مشيرين إلى أنه يتيح لمرتكبي جرائم الاعتداءات الجنسية الافلات من العقاب بالنظر إلى أن الفصل 227 يتيح اسقاط التتبعات القضائية إذا تزوج الجاني بضحيته. وقالت عائدة (52 عاما) وهي احدى المحتجات "هذا القانون يجب أن يراجع، عار على تونس أن تترك فصلا بهذه الرجعية والظلم ويتيح اغتصاب أطفال. وأؤكد اغتصاب لأنه لا يمكن الحديث عن رضى عندما يتعلق الامر بأطفال". ورفع متظاهرون لافتات كتب عليها "اغتصبها مرة والقانون يسمح له باغتصابها كل ليلة" و"السجن مدى الحياة للمغتصب وليس الزواج". وأوضح متحدث باسم نيابة مدينة الكاف الاربعاء أن النيابة تولت دور الطرف المدني وطلبت إلغاء القرار القضائي بالسماح بزواج الطفلة. وأضاف "ننتظر قرار رئيس المحكمة حتى يمكن للطرف المدني المطالبة بمحاكمة" خصوصا في حال استمرت أسرة الفتاة في تأييد مثل هذا الزواج. وقالت وزارة المرأة والأسرة والطفولة إنها لا تقر مثل تلك الممارسات. وأصرت على أنه يجب النظر لحالة الطفلة الضحية على أنها قاصر ويجب إلغاء الزفاف أو إعادة النظر فيه. كما أعرب مسؤول في وزارة العدل عن عدم اتفاقه مع القرار القضائي. وقال إنهم سيخوضون إجراءات قضائية لإلغاء الزفاف. ومع أن تونس تعتبر رائدة في مجال حقوق المرأة حيث يمنع القانون فيها منذ 1956 تعدد الزوجات ويمنح المرأة حق تطليق زوجها ومساواة في العمل والمجال السياسي، فإنه لا تزال هناك بعض الثغرات التمييزية. ولا يزال قانون لمكافحة العنف ضد المرأة أعد في 2014 ينتظر أن ينظر فيه البرلمان الذي يهيمن عليه حزبا النهضة الاسلامي ونداء تونس العلماني. وبدأ البرلمان التونسي بحث مشروع قانون للحد من العنف ضد المرأة. وعلى الرغم من ذلك لا تزال اللجان المختصة تبحث القضية تعلق نظرها ولا تعطيها الأولوية اللازمة. وتعهد عضو معارض في مجلس نواب الشعب بالعمل على دفع مناقشة مشروع القانون. وقال عمر عمروسية من الجبهة الشعبية "مشروع القانون تقدم منذ مدّة. وهو يتضمن حلا جزئيا على الأقل للعنف الواسع المسلط على المرأة في الأسرة. تحرش جنسي في الإدارة. وفي الشارع. للأسف بلادنا تتقهقر في المستوى هذا". وأوضح أن تأخر مناقشة هذا المشروع ناجم عن ارتباطها بالإدارة داخل البرلمان وبالأغلبية النيابية داخل المجلس. واضاف "سنعمل مع كل الصادقين ومع الأصوات الحرة داخل المجلس وخارجه من أجل التعجيل بتمرير هذا القانون والمصادقة عليه."
مشاركة :