المسؤولون الأوروبيون يواجهون صعوبات في فهم ما سيفعله الرئيس المنتخب دونالد ترامب بالضبط عندما يدخل البيت الأبيض، الشهر المقبل، باستثناء توقع أن يكون تركيزه الرئيسي على الأولويات الداخلية. ففي الشهر الماضي، سئل أكبر مستشاري السياسة الخارجية في إدارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عما ستعنيه رئاسة ترامب لألمانيا، فقدم تقييما متفائلا إلى حد ما. وقال كريستوف هوزجن لجمهور الحاضرين في إحدى المناسبات في برلين، إن حقائق الرئاسة على أرض الواقع ستفرض على ترامب تغيير لهجته. فترامب له جذور ألمانية كما أنه كان في ذلك الوقت يدرس اختيار منتقديه السابقين من أمثال ميت رومني الجمهوري الذي يميل إلى الوسط لشغل مناصب كبرى في حكومته، وذلك في بادرة على أنه سيسعى لاحتواء كل الاتجاهات. وقال هوزجن “هذا مطمئن”. وتدريجيا، بدأت الآمال تتبدد في العواصم الأوروبية في أن ينتقل ترامب إلى تلك المرحلة وينأى بنفسه عن المواقف الخلافية التي سادت حملته الانتخابية، ويشرك مجموعة متنوعة من العناصر الجديدة من خارج دائرته في إدارته. وبدأ قلق جديد يستحوذ على المسؤولين. تشارلز جرانت: إذا قرر ترامب مساندة لوبن فسيكون ذلك تدميرا للعلاقات الثنائية ويقول مسؤولون حكوميون إن قرارات ترامب من تعيين أحد المتشككين في التغير المناخي على رأس وكالة حماية البيئة إلى اشتباكه مع الصين بخصوص تايوان وتعيينه عدة مصرفيين من غولدمان ساكس في مناصب عليا، كل ذلك يشير إلى أنه قد يكون أكثر إخلالا بمصالح أوروبا مما كان مفترضا في البداية. وهكذا بعد الصدمة التي أحدثتها الانتخابات الأميركية وفترة من التدبر الممزوج بالتمنيات في كيف يمكن لترامب أن يتغير، بدأت أوروبا تعد العدة لمواجهات مع واشنطن في عدد من القضايا من روسيا إلى الاتفاق النووي مع إيران إلى التجارة الحرة إلى التغير المناخي بل والتكامل الأوروبي. وقال دبلوماسي أوروبي رفيع زار واشنطن مؤخرا لتقييم الوضع، “يزداد وضوحا يوما بعد يوم أن الأمر لن يكون مجموعة متطورة من السياسات المتسقة بل عكس ذلك”. وأضاف “الأمر يتعلق بالإخلال بالنظام، فلا أحد يعرف أين وكيف سيختار أن يكون مخلا بالنظام، لكننا بدأنا نقتنع بأن هذا هو ترامب وأن ذلك جزء من استراتيجيته”. ومن أسباب الحيرة الأوروبية، أن شغل المناصب في حكومة ترامب أصبح عملية مطولة يتم فيها استعراض مرشحين من أمثال رومني وهم يدخلون مقر الرئيس المنتخب في برج ترامب بنيويورك ويلقون إشادة على تويتر، ثم يكون مصيرهم النبذ أو النسيان بعد أيام ليظهر مرشحون جدد. وتم شغل أهم منصب تهتم به الكثير من العواصم الأجنبية، الثلاثاء، بإعلان تعيين ريكس تيلرسون الرئيس التنفيذي لمجموعة إكسون عملاق صناعة النفط وزيرا للخارجية، ليتغلب بذلك على مرشحين مثل رومني ورئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني. وقد أثار تيلرسون مجموعة من ردود الأفعال، إذ أبدى بعض المسؤولين الأوروبيين قلقهم من العلاقات الوثيقة التي تربطه بروسيا، بينما شعر آخرون بالاطمئنان أن رئيس شركة كبرى يتمتع بخبرة دولية سيصبح مسؤولا عن السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وقال دبلوماسي أوروبي شرقي كبير تتطلع بلاده إلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لحمايتها من طموحات موسكو الإقليمية، “البادي للعين أن هذا ليس أمرا طيبا على الإطلاق”. وأثارت مواقف ترامب من روسيا مخاوف عميقة لدى الدائرة المحيطة بميركل، فقد قادت المستشارة الألمانية الرد القوي من جانب الاتحاد الأوروبي على ضم روسيا إلى شبه جزيرة القرم ودورها في شرق أوكرانيا وسايرت الرئيس باراك أوباما في فرض عقوبات دولية على موسكو. ويسلم المسؤولون الأوروبيون بأن الإجماع الأوروبي قد ينهار إذا ما قرر ترامب التخلي عن العقوبات الأميركية، لتنهار سياسة ميركل بخصوص روسيا. لكن ثمة قلقا متناميا أيضا بشأن الاتفاق النووي بين القوى الغربية وإيران وخاصة بعد تعيين مايكل فلين، وهو قيادي منتقد لإيران، مستشارا للأمن القومي في فريق ترامب. ولأن الصفقة النووية اتفاق دولي يدعمه مجلس الأمن، فسيكون الانسحاب منها من جانب واحد أكثر صعوبة على ترامب، كما أن قوى أخرى قد ترفض الاقتداء بموقفه. والخوف في أوروبا أن يلتزم ترامب بها وفي الوقت نفسه يزيد العقوبات في المجالات غير النووية، الأمر الذي قد يؤدي إلى ردود انتقامية من جانب طهران وهو ما قد يقضى في النهاية على الاتفاق النووي. وتتجاوز قائمة نقاط الخلاف روسيا وإيران بكثير، فمواقف ترامب من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وتخفيف القيود المالية والصين والتجارة والتغير المناخي كلها مصادر قلق لأوروبا. وكان قراره استقبال مكالمة من الرئيسة التايوانية مشككا بذلك في سياسة “الصين الواحدة” التي انتهجتها واشنطن على مدى عقود، مؤشرا مبكرا على أنه سيضرب بالبروتوكول الدبلوماسي عرض الحائط.ويرى البعض إمكانية أن يحدث شقاق أعمق بسبب الانتخابات التي تشهدها هولندا وفرنسا وألمانيا العام المقبل وربما في إيطاليا وبريطانيا، فقد سارع ترامب إلى الإشادة بنتيجة الاستفتاء في بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي في يونيو الماضي. كما أبدى ودا خاصا تجاه نايجل فاراج أحد الشخصيات الرئيسية المؤيدة للانفصال عن الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي أثار تساؤلات حول مسلكه في حملات الدعاية الانتخابية المقبلة مثل انتخابات الرئاسة الفرنسية التي يتوقع أن يكون أداء مارين لوبن زعيمة الجبهة الوطنية المنتمية لأقصى اليمين قويا فيها. وقال تشارلز جرانت مدير مركز الإصلاح الأوروبي “الأوروبيون في حالة صدمة”. وأضاف “إذا قدر أن يؤيد ترامب مارين لوبن مثلما أيد فاراج فسيكون ذلك حدثا ثوريا في العلاقات بين جانبي المحيط الأطلسي”. وقال “إذا أيدت شخصا يريد تدمير اليورو والاتحاد الأوروبي والنظام الليبرالي الغربي وصديقا لروسيا فأنت لا تعيد العلاقات بين جانبي الأطلسي إلى الوراء فحسب بل تدمرها”. :: اقرأ أيضاً إيران تعلن نفسها طرفا حاسما في سوريا أطراف شيعية وسنية تحتكم إلى إيران لترتيب المصالحة في العراق وعي مجتمعي أسير وهم عدد المسلمين المبالغ فيه في أوروبا تجدد دوامة القصف يبدد آمال المدنيين بحلب في الخلاص
مشاركة :