في عام 1967، كان الجاسوس الشهير، إبراهيم شاهين، يعيش في مدينة العريش، موظفًا بسيطًا في مديرية العمل، بمحافظة سيناء، وبعد أن احتل الإسرائيليون المدينة، قاموا بإلقاء القبض على شاهين، وبعدها جاء التفكير في كيفية تجنيد شاهين للعمل جاسوسا لإسرائيل في قلب القاهرة، حيث تمت إعادته إلى القاهرة بعد طرده مع عشرات المصريين من العريش بدعوى عدم رغبتهم في الحياة بها وسط الاحتلال. وبالفعل، تم تجنيد شاهين بعد في الموساد، وتدريبه على كيفية إرسال الرسائل الاستخباراتية السرية من قلب القاهرة إلى تل أبيب، ومع الوقت أتقن شاهين العمل واستطاع التمييز بين الأسلحة والمعدات العسكرية المختلفة، وكان ينقلها أولا بأول إلى إسرائيل، حسبْ المعلومات التى وردت في بوابة «الأهرام» الإليكترونية. وبمرور الوقت قرر شاهين التوسع في النشاط، فأشرك معهُ زوجته، انشراح، والتى تعاونت معهُ في التجسس لصالح اسرائيل، والتى كانت تُنظم حفلات بصورة دورية للمجندين في الجيش من أصدقاء أبناءها الثلاثة الأطفال في المدرسة، حسبْ المقال المذكور سابقًا، حيث كانت تحرص انشراح على مصادقة أبناء الضباط لمعرفة مواعيد عمل الآباء ومواقع عملهم، والأهم من هذا الاستعدادات العسكرية التي تتخذها مصر على الجبهة. وفيما بعد، نجح أبناء شاهين وانشراح في الحصول على أخطر معلومة كانت تحتاجها إسرائيل، وهي مواعيد حضور الفريق عبد المنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المصرية إلى الجبهة، وبالفعل تم إرسال مواعيد حضوره إلى إسرائيل التي لم تفوت الفرصة واغتالت القائد العظيم الذي يعود إليه الفضل في تطوير الكثير من أوجه عمل الجيش المصري. وحسبْ الأهرام، اكتشف رجال المخابرات المصرية أمر شاهين سريعا، حيث لاحظوا تردده كثيرا على إيطاليا أو اليونان واختفائهما هناك، حيث كانت هذه الدول بمثابة الرابط الذي يتوجهون بعده إلى إسرائيل. وبالفعل وقع الزوجان في الفخ، وكان قرار المخابرات المصرية هو استمرار العملية وعدم الإيقاع بالزوجين حتى تعرف القاهرة ما الذي تطلبه المخابرات الإسرائيلية بالضبط، وسيطرت المخابرات بعدها على شاهين وعلى كافة تحركاتُه والاتصالات التي يقوم بها. النادي الدولي׃ حوار سمير صبري مع الجاسوسة لحساب إسرائيل كاملاً البرنامج التليفزيوني: النادي الدولي تقديم: سمير صبري ضيفة الحلقة: الجاسوسة/ انشراح علي مرسي موضوع الحلقة: التجسس لحساب إسرائيل ومع بداية عام 1974، سافر شاهين إلى تركيا ومنها إلى اليونان ثم إلى إسرائيل، وهناك حضر اجتماعا سريا مع أحد أبرز قادة الموساد الجدد ممن تم تعيينهم بعد أن أطاحت حرب أكتوبر المجيدة بالقيادات السابقة، وتم الاتفاق في هذا الاجتماع على منح إبراهيم جهاز إرسال جديد، وهو من أحدث أجهزة الإرسال المتطورة. قرر قادة الموساد الجدد، منح شاهين أحد أجهزة الإرسال الجديدة المتطورة، وعلمت مصر القصة، وتم إطلاع الرئيس السادات بكافة جوانب العملية، وكان قرار الرئيس ضرورة الانتظار حتى يحصل الصيد الثمين على جهاز التجسس ويعود به إلى القاهرة، وبالفعل عاد شاهين إلى مصر ومعه جهاز الإرسال الجديد، وكان قرار الرئيس السادات بضرورة الانتظار للحصول على المكون الجديد الذي سافرت إنشراح شاهين زوجة إبراهيم للإتيان به. وفور عودتها إلى القاهرة كان القرار بالقبض عليها وعلى زوجها وأولادها بتهة التجسس والتخابر، كمّا قالت في لقاءٍ مسجل لها مع سمير صبري، في برنامج «النادي الدولي»: «أنا كُنت جايه من روما، وجوزي وأولادي كانوا هنا، وصلت الساعة 5 ونص الصُبح، التاكسي جابني، بصيت لقيت عربية جوزي مش موجودة، اتخضيت قولتلهم باباكم فين، قالولي في مشوار وجاي، بصيت لقيت المخابرات ورجال النيابة العسكرية». كانت تعلم انشراح، أو كمّا أطلق عليها الموساد الإسرائيلي «دينا» أنه سيتم القبض عليها في يوم من الأيام، كمّا ذكرت في «النادي الدولي»، الحلقة التى نشرتها قناة «ماسبيرو زمان»، على موقع الفيديوهات «يوتيوب»: «فتحت الباب، قالولي يلا انزلي معانا، قبلها قولت لأولادي الحمد لله إن حصل كده، أنا كده ارتحت». وداخل الزنزانة، قضت انشراح أيامها الأولى، في انتظار عقوبتها، ثم علمت من مأمور السجن أنه تم الحُكم عليها بالإعدام، كمّا تقول: «لما اتحكم عليا بالإعدام، سلمت أمري لربنا». «بعد ما اتحكم عليا، قدمت التماس بطلب العفو عنّي، انتظرت فترة 17 شهرا»، لم تستسلم انشراح لحُكم الإعدام كما ذكرت، بل قدمت طلب التماس للعفو عنها من قِبل رئاسة الجمهورية، أبدت فيه ندمها واعتذارها عمّا حدث. ورغم تقديمها للالتماس، فقدت انشراح الأمل في الإفراج عنها، وطلبت رؤية أولادها قبل تنفيذ حكم الإعدام، وبالفعل أخبرت السجانة انشراح فيما بعد، بقبول طلبها الخاص برؤية أبنائها، استعدادًا لتنفيذ حُكم الإعدام، حسبما قالت: «مشيت مسافة من الزنزانة، لحد ما وصلت عند ولادي، فكرت إن كُلنا هنموت، محدش هيعيش، وأول ما وصلت للمأمور لقيت المساجين، بيعيطوا لأنهم عرفوا إن هيتنفذ عليا الحكم، قولتلهم كلنا هنموت وكل واحد بياخُد جزاءه». وتضيف: «وقتها المأمور قالي شوفي ولادك، شوفتهم ورجعت، لقيت السجانة بتقولي تعالى شوفي البيه المأمور، روحت لقيته واقف، قالي مبروك جاتلي إشارة بأن التماسك اتقبل، وفجأة اتحول الناس من بُكاء لزغاريط وطبل»، فبعد أن فقدت انشراح، جاءها خبر قبول الالتماس كالصاعقة، كمّا سبق وقالت لبرنامج «النادي الدولي». وعقب خروج انشراح من السجن، اختفت عن الأنظار، فيما ذكرت صحيفة «حداشوت» الإسرائيلية أن الرئيس السادات أصدر عفواً رئاسياً عنها، وتمكنت انشراح من دخول إسرائيل مع أولادها الثلاثة، حيث حصلوا جميعاً على الجنسية الاسرائلية، واعتنقوا الديانة اليهودية، وساتبدلوا اسم شاهين إلى (بن ديفيد) واسم انشراح إلى (دينا بن ديفيد) وعادل إلى (رافي) ونبيل إلى (يوسي) ومحمد إلى (حاييم). وذكرت إحدى الصحف الإسرائيلية أن دينا بن دافيد، بعد وصولها إلى إسرائيل عملت في دورة مياه للسيدات في مدينة حيفا، بينما يعمل ابنها حاييم كحارس ليلي بأحد المصانع، أما الابن الأكبر فلم يحتمل الحياة في إسرائيل وهاجر هو وزوجتة اليهودية إلى كندا حيث يعمل هو وزوجته بمحل لغسل وتنظيف الملابس. وفيما بعد، تحولت قصة انشراح إلى عمل درامي، تم تجسيده في مسلسل «بئر السبع»، حيثُ قامت بدورها إسعاد يونس، إنتاج عام 1994.
مشاركة :