دبي:الخليج يشكل عدم استقرار الاقتصاد الكلي، والتطورات السياسية غير المتوقعة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، واستمرار انخفاض سعر النفط بعضاً من العوامل الأساسية التي تؤثر في التوقعات العالمية المعقدة للتجارة لعام 2016 وما بعده. ففيما يُتوقع أن تؤثر هذه المصاعب في تجارة السلع في الإمارات والعالم، سيكون أداء المؤسسات التي تركز على قطاع الخدمات أفضل بكثير، بحسب أحدث بحث أجراه إتش إس بي سي بشأن الخدمات المصرفية التجارية. وجد تقرير إتش إس بي سي Trade Forecast (توقعات التجارة) الذي يصدر مرتين في السنة ويتوقع التدفقات التجارية الثنائية وحركة مجموع الصادرات والواردات بين 180 دولة، أن قطاع الخدمات في الإمارات، لا سيما السفر والسياحة، سيعزز معدل النمو التجاري في البلد خلال هذه الفترة وحتى عام 2030، بفضل تشجيع المبادرات المطروحة مثل رؤية 2021 لتنوع الاقتصاد النسبي في الإمارات. متوقعاً أن يستمر قطاع النفط في كونه المساهم الأكبر في حجم التجارة لكن معدل نموه سيكون أبطأ خلال الفترة التي تشملها التوقعات. الاستثمار في الخدمات من المعروف أن الإمارات كانت من أنجح الدول في المنطقة من حيث الجهود التي بذلتها في مجال التنويع الاقتصادي، ومما دعم هذه الاستراتيجية الناجحة هو الاستثمار في قطاع الخدمات مثل السياحة والخدمات المالية. ففي هذا الإطار، يشير تقرير بنك إتش إس بي سي إلى أن مساهمة قطاع الخدمات في مجموعة الصادرات للدولة ارتفعت نسبتها من 16% عام 2000 إلى 23% عام 2015. واستفادت الأعمال التي تركز بشكل خاص على السياحة والسفر من الاستثمارات التي قامت بها الدولة في قطاع السفر والسياحة؛ إذ شكل هذا القطاع 58% من صادرات الخدمات العام الماضي مقارنة بنسبة 43% عام 2000. كما يتوقع بنك إتش إس بي سي أن ترتفع هذه النسبة وتبلغ 62% بحلول عام 2030. ويُتوقع من إطلاق مبادرات مثل إكسبو 2020 والخطة الشاملة للنقل البري في أبوظبي أن يعزز نمو الخدمات. ويبدو أن تقديرات وزارة الاقتصاد الإماراتية تؤكد نمو السياحة والسفر؛ إذ تشير إلى أن القطاع سيشهد توسعاً سنوياً بنسبة 5.4% خلال العقد المقبل، بحيث تبلغ قيمته 236.8 مليار درهم إماراتي بحلول عام 2026 مقارنة مع 134 ملياراً العام الماضي. قطاع النفط من جهة أخرى، سيبقى قطاع النفط عامل ثقة أساسياً ومصدر تمويل للاستثمارات؛ إذ تساهم المشتقات النفطية بنسبة 40% في النمو المتوقع في صادرات السلع خلال العقد السابق لعام 2030. ونظراً إلى الموقع الجغرافي المركزي للإمارات وسياساتها الاقتصادية المفتوحة، ستكون التوقعات بشأن واردات سلعها مشابهة لصادراتها. يشار إلى أن معدات النقل ستساهم بنسبة 18% في نمو الواردات الكلي بين عامي 2016 و2020 وبنسبة 15% بين عامي 2021 و2030، فيما تساهم الآلات الصناعية بنسبة 12 إلى 13% من النمو خلال هذه الفترة كلها. وتعليقاً على هذه التوجهات، قال أحمد عبد العال، الرئيس الإقليمي لتغطية العملاء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ورئيس الخدمات المصرفية التجارية في بنك إتش إس بي سي الإمارات: لاحظنا أن دول العالم التي تركز على التنوع الاقتصادي هي الأنجح في تجاوز أوضاع السوق الحالية الصعبة. فاستثمار الإمارات في الخدمات والسياحة بالأخص يعكس نهج الحكومة المدروس والمستقبلي. وبفضل التركيز على هذه المجالات والعوامل التي تعزز قطاع الخدمات مثل التطور التكنولوجي، وازدياد إنفاق المستهلكين، وتراجع تكاليف السفر، ستستفيد المؤسسات العاملة في هذا القطاع من الفرص أكثر من الشركات التي تركز أساساً على تجارة البضائع. تنعكس هذه التوجهات عالمياً مع توقع تقلص القيمة الاسمية لصادرات البضائع بنسبة تناهز ال3% هذا العام مقابل ارتفاع بسيط بنسبة 1% في بيع الخدمات العابرة للحدود بحسب التقرير. ونظراً إلى طبيعة الأحداث السياسية والاقتصادية العالمية التي لا يمكن استباقها، تبقى مخاطر التراجع قائمة. ففيما يتوقع إتش إس بي سي بلوغ القيمة المجتمعة للتدفقات التجارية للسلع والخدمات 50 تريليون دولار حتى عام 2030، يرى أيضاً أنها ستتراجع بنسبة 3% بحيث تبلغ 48.8 تريليون دولار أمريكي في حال تحققت هذه المخاطر في هذا السيناريو البديل. قنوات يجب استكشافها أورد تقرير إتش إس بي سي أهم القنوات التجارية بالنسبة إلى الإمارات، وتوقع أن تصبح الهند أهم شريك تجاري في مجال استيراد وتصدير السلع والخدمات بحلول 2030. ففيما يتعلق بصادرات السلع، يُتوقع أن تتفوق الهند على اليابان نظراً إلى الطلب المتنامي على الطاقة نتيجة النمو الاقتصادي والسكاني الكبير. ففي 2015، استحوذت اليابان على 6% من صادرات الإمارات وتبعتها الهند بالنسبة ذاتها تقريباً. ويُتوقع أن تسجل فيتنام النمو الأسرع في الصادرات إلى الإمارات. صادرات الخدمات يُتوقع أن تتفوق الهند على السعودية التي كانت على مر السنين أهم شريك للإمارات في مجال صادرات الخدمات. وسينمو صادرات الخدمات إلى هذه الدولة الآسيوية الجنوبية بنسبة 11% في السنة، على أن تعقبها إندونيسيا بنسبة 10% والصين بنسبة 9%. وقال عبد العال: لقد جمعت بين الهند والإمارات روابط متينة على مر التاريخ وتدرك المؤسسات جيداً الفرص الكامنة في التجارة الثنائية بين البلدين. من جهة أخرى، تشكل فيتنام قناة مثيرة للاهتمام يستكشفها مزيد من الشركات في الإمارات. ويظهر الأمر واضحاً في تقرير Trade Forecastالذي أدرج فيتنام كوجهة التصدير الأسرع نمواً بالنسبة إلى الإمارات، حيث ستزيد الصادرات إليها بنسبة 10% سنوياً بين عامي 2021 و2030. وبالنظر إلى الانتشار الجغرافي في هذه الأسواق وعلى المستوى العالمي، فإن بنك إتش إس بي سي لديه الخبرة والإمكانات لتقديم المشورة للشركات الساعية إلى الاستفادة من هذه الظروف ومساعدتها على تجاوز البيئة الاقتصادية المتقلبة والمعقدة في وقتنا الحالي.
مشاركة :