يعتبر الشيخ الشاعر الدكتور راشد بن حمد الشرقي من الشعراء المبدعين الذين يتميزون برقة الأسلوب، وعذوبة العبارة، وجزالة اللفظ، ورغم أن سموه رئيساً لهيئة الفجيرة للثقافة والإعلام ونائب رئيس منطقة الفجيرة للصناعات البترولية (فوز)، إلا أن الشعر يحتل مكانة مرموقة لدى سموه، ورغم قلة نشره لقصائده بحكم انشغاله بمسؤوليات العمل الحكومي إلا أن الشعر ما زال له مكانة في قلبه النابض بالإبداع. التقينا بسموه في مسقط رأسه إمارة الفجيرة، فأكرم وفادتنا كعادته، ووافق على إجراء الحوار رغم مشاغله، حيث ناقشنا سموه في بعض الجوانب الشعرية التي تخصه، فأجابنا بأريحيته المعهودة وتواضعه الجم.. ،، سمو الشيخ أرجو أن تسمح لنا أن نركز في هذا الحوار على جانب الشعر، الذي يمثل أحد جوانب شخصية سموك، لذا أرجو أن تخبرنا عن مكانة الشعر في حياة الشيخ راشد بن حمد الشرقي؟ - الشعر يحتل مكانة مرموقة عند العرب بشكل عام وأهل الخليج بشكل خاص، وقد قيل إنه « ديوان العرب» وللشعر مكانة كبيرة كذلك في نفسي وأنا أعشقه منذ صغري ببحوره وأوزانه وموسيقاه وقوافيه وصوره الجميلة. ،، إلى أي مدى تأثر الشاعر راشد الشرقي بتجربة شعراء الإمارات؟ - أنا من المتابعين للساحة الشعرية الإماراتية، والشاعر ابن بيئته ولا بد أن يتأثر بهذه البيئة، خاصة أن هناك الكثير من الشعراء الإماراتيين الذين أثروا الساحة الشعرية الخليجية والعربية، ولا ننسى أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان كان شاعراً فذاً، وكذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي يعتبر من أبرز الشعراء في وقتنا الحالي، ومن جيلي هناك الشيخ الشاعر حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم (فزاع) وأخوه الشيخ أحمد بن محمد (عزام)، وأنا أتأثر بكل شاعر يقدم كلمة جميلة نابعة من إحساس صادق وعاطفة جياشة. ،، وهل يؤمن سموكم بعامل الوراثة في الشعر؟ - الإبداع على العموم بكل أجناسه موهبة فطرية أودعها الخالق في ذات الإنسان المبدع، والشعر كذلك فهو موهبة وإحساس يولد مع الشخص وبحسب البيئة التي نشأ بها ويزداد توهجاً بالتدريب والممارسة والقراءة الصحيحة، وليس شرطاً أن يورث الشاعر الموهبة لأبنائه. ،، وما سبب تأخر الظهور الإعلامي للشاعر راشد الشرقي رغم الشاعرية الفذة؟ - ما زلت أعتبر نفسي في بداية الطريق ولم أعلن عن نفسي كشاعر بسبب عدم تفرغي، والقصائد التي اكتبها عبارة عن عواطف جياشة ومواقف شخصية أمر بها، خصوصاً في بعض المناسبات. ،، وهل أسهمت الصحافة الإماراتية في هذا الظهور؟ - الصحافة الإماراتية والإعلام الإماراتي بشكل عام لا تألو جهداً في خدمة الشعر والشعراء في الدولة، وهناك اهتمام كبير بالشعر والثقافة عموماً ومن أعلى المستويات، وأنا مدين للصحافة الإماراتية لمساهمتها في نشر قصائدي وتعريف الناس بتجربتي الشعرية. ،، وكيف يرى سموكم مستوى الشعر في الإمارات الآن مقارنة بالعقود الماضية؟ - الشعر في الإمارات استمر بالتألق والتوهج وهو كما أسلفت يحظى بمكانة مرموقة في نفوس الإماراتيين وفي مستوياتهم كافة، وقد حظي الشعراء الإماراتيون بدعم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - رحمه الله -، فقد كان يضم مجلسه أبرز الشعراء وهو الشاعر المتمرس، ولا ننس الدعم الذي يقدمه الشيخ محمد بن زايد وخصوصاً في دعمه ورعايته لبرنامج شاعر المليون. ،، وما أصداء برنامج شاعر المليون لديكم؟ - أسهم برنامج شاعر المليون في رفع مستوى الشعر الشعبي في منطقة الخليج والوطن العربي عموماً، وأتاح المجال للكثير من الشعراء في إيصال صوتهم للجمهور، ربما لم تكن لتتاح لهم هذه الفرصة لولا وجود هذا البرنامج، وأنا أشيد بهذا البرنامج وبالقائمين عليه، وأتمنى أن يستمر ويقوم بدوره في خدمة الحركة الشعرية العربية. ،، وهل لسموكم ملاحظات وتعليقات على هذا البرنامج؟ - لقد خدم هذا البرنامج الموروث الشعبي بشكل عام والشعر بشكل خاص وأتاح الفرصة لجمهور الشعر للتمتع بإبداعات الشعراء وتذوق ما قدموه. ،، وهل كثرة البرامج التي تهتم بمسابقات الشعر لصالح الشاعر والشعر أم العكس؟ - لا شك في أن برامج المسابقات الشعرية رغم كثرتها تخدم الشعراء، و تحفزهم لتقديم أفضل ما لديهم من قصائد وبالتالي تخدم الشعر خاصة مع وجود شعراء ونقاد متمرسين يسهمون في توجيه الشعراء ونقد قصائدهم، وتسهم كذلك في نشر الثقافة للجميع على أن تبتعد عن الجوانب التجارية البحتة وتلتفت للإبداع الحقيقي، وأنا أراها ظاهرة صحية وقد كان لدولة الإمارات وبرنامج شاعر المليون السبق في هذا المجال. ،، هناك أسماء شعرية متميزة في الإمارات من تتوقعون استمرارية نجاحاتهم الشعرية والجماهيرية؟ - كل من يقدم إبداعاً شعرياً سوف يستمر، والكلمة الجميلة تبقى راسخة في النفوس. ،، ما الدور الذي ترونه نحو الشاعر في منطقة الخليج في وقت تحتدم فيه الصراعات السياسية والفكرية من حولنا؟ - إن الشاعر الذي يعي مهامه باعتباره مثقفاً يسهم في تشكيل منظومة الوعي المجتمعي ويمارس دوره المفترض في الإصلاح والتوجيه والنقد، والشعر مرافق للمسيرة الإنسانية منذ فجر التاريخ، وقد أسهم الكثير من الشعراء في بناء الفكر الإنساني، وللشاعر دور مهم في خدمة قضايا وطنه وأمته، فالكلمة أقصر الطرق لقلب الآخر، الذي لا يعرف الكثير عنا سوى السلبيات، وعلى الشعراء أن يسهموا في إيصال صوت الاعتدال الذي تنعم به دول الخليج وعكس صورة طيبة عن مجتمعاتنا الخليجية الطيبة. ،، وهل المعاناة ضرورية لتجلي إبداع الشاعر؟ - الشعر عبارة عن موقف إنساني يحس به الشاعر ويظهر على شكل كلمات تخرج من قلبه، وقد يكون هذا الموقف معاناة أو فرحاً، والشاعر يتأثر كغيره بالمواقف الإنسانية كافة من حزن وفرح وغيره. ،، يقال إن الأغنية أقرب الوسائل لاشتهار الشاعر.. هل يؤمن سموكم بهذه المقولة؟ - نعم، والسبب في ذلك وسائل الإعلام التي اهتمت بالموسيقى والغناء أكثر من الكلمة، والأغنية أقرب في الوصول إلى قلب المستمع، ولكن مع وجود البرامج والفضائيات المتخصصة بالشعر أتاحت المجال لتعريف الناس بالشعراء بعيداً عن الغناء. ،، وكيف ترون مستوى القصيدة المغناة في الخليج العربي؟ - القصيدة المغناة في تطور مستمر في منطقة الخليج العربي، وقد أسهم في ذلك وجود كم من الملحنين المبدعين في منطقتنا، وربما كان له أكبر الأثر في تطور الأغنية الخليجية وانتشارها عربياً، فالكلمة هي أساس الأغنية الناجحة ثم يأتي اللحن والصوت. ،، كيف ترون تجربة المرأة الشاعرة في الوقت الراهن؟ - الإبداع لا علاقة له بالجنس، والشعر سواء كتبه ذكر أم أنثى يقاس بما فيه من أحاسيس ومشاعر ومواقف إنسانية وصور، وهناك الكثير من الشاعرات المبدعات في وقتنا الراهن وهن يحتللن مرتبة متقدمة في الساحة الشعرية العربية. ،، وهل تستحق المرأة في عصرنا الحاضر تجيير كل تلك المشاعر لها من قبل الشعراء؟ - المرأة على مر العصور هي ملهمة الشعراء، أثارت خيالهم وألهبت قريحتهم، ولولا عبلة ما تغنى عنترة بأروع القصائد، ولولا ليلى ما أبدع قيس، والمرأة تشارك الرجل الأفكار والمشاعر والأحاسيس لا بل تشاركه الحياة نفسها، وهي تستحق كل المشاعر التي تكتب لها من الشعراء فهي الأم والأخت والزوجة والحبيبة والنصف الآخر لنا، فكيف لا نجير لها مشاعرنا. ،، هل سنرى عما قريب ديواناً يضم قصائدكم لتلبية مطالب محبيكم؟ - أتمنى ذلك، ولكن بعد أن يحين الوقت المناسب. ،، وما النص الذي ترك أثراً داخل سموكم؟ - كل القصائد تترك لدي أثراً، وكل نص جميل يثير شجوني وعواطفي. ،، وهل هناك دعوات لإحياء أمسيات في المستقبل القريب؟ - أرفض الفكرة في الوقت الحالي، والموعد لم يحن بعد لإحياء أمسيات شعرية. ،، كلمة أخيرة لمجلتكم اليمامة وجماهير الشاعر راشد الشرقي؟ - لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر لمجلة اليمامة والقائمين عليها لإتاحتها المجال لي ولغيري من شعراء الخليج والوطن العربي، متمنياً لها أن تبقى نبراساً للكلمة الصادقة والمسؤولية الإعلامية والالتزام المهني، وتواصل عطاءها في خدمة الحركة الشعرية الخليجية والعربية.
مشاركة :