أدى التوتر في العلاقات السياسية بين روسيا والولايات المتحدة إلى تراجع ملحوظ في شتى جوانب التعاون الاقتصادي - التجاري بين البلدين على المستويين الرسمي والخاص، وقد أدت تلك الحالة السلبية إلى تراجع الاهتمام المميز من جانب المستثمرين والمواطنين الروس بالعقارات في الولايات المتحدة في عهد إدارة الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما. إلا أن فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية، الذي ترافق مع توقعات إيجابية لآفاق العلاقات الروسية - الأميركية، حمل معه تغيرات إيجابية، بما في ذلك على نشاط الجانب الروسي في سوق العقارات الأميركية. وقد كشفت دراسة أعدها خبراء شركة «نايت فرانك» (Knight Frank) للاستشارات، عن زيادة ملموسة في رغبة مواطنين ومستثمرين روس باقتناء عقارات سكنية فاخرة في نيويورك وميامي، وذلك عقب إعلان فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية. وتقول شركة «Knight Frank»، إن ذلك الطلب من جانب مواطنين روس قد ارتفع بعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية بمعدل 35 في المائة، مقارنة مع الطلب خلال المرحلة ذاتها من العام الماضي 2015. وتجدر الإشارة إلى أن رغبة الروس بامتلاك عقارات فاخرة ومتوسطة في الولايات المتحدة كانت مرتفعة جدا قبل عام 2014، أي قبل أن تدخل العلاقات الروسية - الأميركية مرحلة التوتر، حينها شكلت الطلبات من جانب الروس على امتلاك عقارات في الولايات المتحدة نسبة نحو 15 في المائة من إجمالي طلباتهم على العقارات خارج روسيا. وكانت سوق العقارات الأميركية في تلك المرحلة ضمن الوجهات الخمس الرئيسية المفضلة لدى الروس لامتلاك العقارات، لكن بعد عام 2014 تراجعت تلك الطلبيات بسرعة، لدرجة أنه لم يُسجل في بعض الأشهر أي طلب من جانب الروس لشراء عقارات في الولايات المتحدة. الآن، وبعد فوز ترامب، بدأ الاهتمام الروسي بسوق العقارات في الولايات المتحدة يستعيد مستوياته الإيجابية السابقة، لا سيما امتلاك عقارات فاخرة في نيويورك وميامي. وحسب تقرير «Knight Frank» فإن 90 في المائة من طلبات الروس على العقارات في الولايات المتحدة هي طلبات لشراء عقار بسعر يتراوح بين نصف مليون وحتى خمسة ملايين دولار، وذلك بغرض استخدام العقار مقر إقامة (مسكن) أو لاستثماره في سوق تأجير العقارات. وهناك نسبة مرتفعة من الطلبيات لشراء عقارات عبارة عن شقق سكنية أو شقق (استوديو) بمساحة 40 مترا مربعا، وبأسعار تتراوح من نصف المليون وحتى مليوني دولار. ويظهر 25 في المائة من المشترين الروس اهتماما بالشقق السكنية بمساحة 90 مترا مربعا وفيها غرفتا نوم، وبسعر مليوني دولار، بينما يهتم 25 في المائة آخرون من المشترين الروس بشقق من فئة «بينت هاوس» (penthouse) (السقيفة) بميزانية تقدر بمتوسط أربعة ملايين دولار. ولا يقتصر اهتمام المستثمرين والمواطنين الروس على امتلاك عقارات في الولايات المتحدة، إذ يلاحظ في الوقت ذاته استمرار الاهتمام بسوق العقارات الفاخرة المحلي، أي في روسيا ذاتها. ويقول خبراء من سوق العقارات، إن المواطنين الروس، وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية في البلاد فإنهم ما زالوا يقبلون على شراء العقارات الفاخرة، والأمر الوحيد الذي يلاحظ أنه تغير هو مفهومهم لمعنى «عقار فاخر»، إذ لم يعودوا يولون أهمية للمساحة أو أن يكون في الشقة عدد كبير من غرف النوم، والعقار الفاخر بالنسبة لهم في المرحلة الحالية هو العقار الذي يتميز بموقعه في المدينة، وتوافر جميع الخدمات والبنى التحتية التي تؤمن الرفاهية والراحة للسكان. كما يولي عشاق العقارات الفاخرة في روسيا اهتماما في هذه المرحلة بطبيعة ونوعية المواد المستخدمة في البناء، ونوعية البناء من ناحية جمال ومتانة التصميم الهندسي. وتشير معطيات مؤسسة «بيست - نوفوستروي» إلى أن اهتمام الرجال بالعقارات الفاخرة وشرائها يزيد على الاهتمام لدى النساء بنسبة 20 في المائة. بينما تعود 77 في المائة من عقود شراء عقارات فاخرة في روسيا إلى الفئة العمرية من 30 حتى 50 عامًا. أما الفئة فوق 51 عاما فلا تتجاوز حصتها من عقود العقارات في روسيا أكثر من 7 في المائة. بالمقابل يسيطر «الشباب الذهبي» من الفئة العمرية ما دون 30 عامًا، على 16 في المائة من عقود العقارات الفاخرة باهظة الثمن. ويطلق وصف «الشباب الذهبي» بصورة رئيسية على الشباب، ذكورا وإناثا، أبناء العائلات الثرية، كما يطلق أحيانا على رجال أو سيدات أعمال ناجحين لم يتجاوزوا الثلاثين عاما من العمر.
مشاركة :