باريس: «الشرق الأوسط» اعتاد الشاعر والفنان العراقي محمد سعيد الصكار (1934 - 2014) أن يعيش ممشوقا مثل حرف الألف. لذلك لم يحتمل أن يلزمه المرض الجلوس والرقاد، فتعب حتى ودع الدنيا في باريس، المدينة التي كانت ملجأه طوال العقود الثلاثة الماضية، موصيا أبناءه بأن ينقل ليدفن في بغداد. رحيله جاء خبرا مؤلما لأصدقائه الكثر الذين كانوا قد التقوا قبل أقل من عشرة أيام للاحتفاء به في معهد العالم العربي في باريس. فهو كان صديقا أنيقا في علاقاته ومحبته، مثلما كان بالغ الأناقة في خطوطه ولوحاته وقصائده. وسيذكر له عشاق الحرف أنه كان رائدا في محاولات تطويع الحرف العربي لتطورات الطباعة الإلكترونية ومجددا في رؤياه الحروفية، وقد ابتكر أربعة خطوط جديدة حملت اسمه، هي البصري والعراقي والنباتي وكوفي الخالص. وهذا الأخير أخذ تسميته من بلدة الخالص، موطن النخيل والبرتقال (شرق بغداد)، القريبة من مسقط رأسه في المقدادية. كان الصكار متعدد المواهب، ممثلا ورساما وخطاطا ومصمما وقاصا ومربيا وشاعرا. وقد صدرت له عدة كتب شعرية وترجمت قصائده إلى لغات أوروبية، كما وضع كتابا لتعليم الخط للناشئة وشذرات في السيرة والحكمة بعنوان «أيام عبد الحق البغدادي». وكان مؤرشفا ممتازا يحتفظ بالمئات من رسائل الأدباء والفنانين وإخوانياتهم. كما عرف عنه أنه صاحب مجلس شائق وبئر لا تنضب للحكايات الأدبية وطرائف الشعراء. طوال نهار أمس، توافد محبو الصكار على المصح الذي أمضى فيه أيامه الأخيرة، وأحاطوا بجثمانه المغطى بالبياض، ويشدون أزر زوجته السيدة عواطف وابنته البكر ريا. وكانت جدران غرفته مغطاة بنسخ من لوحاته وصوره وخطوطه الرشيقة، في انتظار استكمال إجراءات نقله إلى العاصمة العراقية، يرافقه ولده مازن.
مشاركة :