مأساة حلب تعكس عجز المجتمع الدولي

  • 12/16/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

برلين – يعكس سقوط حلب بأيدي النظام السوري بالموازاة مع المجازر التي ارتكبتها قوات النظام والميليشيات المتحالف معها وداعميها الأساسيين روسيا وإيران، عجحزا دوليا غير مسبوق. ووقف المجتمع الدولي طيلة أشهر من حصار حلب يستجدي هدنة انسانية لإيصال مواد الاغاثة للمحاصرين وتحرك قبلها بشكل مكثف من أجل استئناف مفاوضات سلام ولدت ميّتة اصلا لكنه راهن عليها إلى آخر لحظة ولكت بأي ثمن. سقطت حلب وأنذرت بانقلاب موازين الحرب وأعطت الرئيس السوري بشار الأسد وقواته دفعة معنوية قوية لمواصلة الحرب. وفي الأثناء لم يكن المجتمع الدولي يملك إلا بيانات الادانة والشجب للمجازر التي ترتكب في حلب وهي ادانات تجاهلها الأسد وحلفاءه، مناورين مرارا بوقف لإطلاق النار عادة لا يصمد طويلا. نكسة كبيرة للغرب ويشكل سقوط حلب نكسة كبيرة للعواصم الغربية التي لم تجرؤ، باستثناء التعبير عن ادانتها الأخلاقية على التحرك ضد موسكو في مواجهة مجزرة لم تحرك الرأي العام. ومع بوصفها بأنها "أسوأ مأساة في القرن الواحد والعشرين" أو "حمام الدم" أو "المجزرة" أو "سريبرينتسا الجديدة"، للتنديد بهجوم القوات الحكومية السورية برئاسة بشار الأسد والتي تلقت دعما من روسيا وايران، لم يحرك الغرب ساكنا باستثناء الادانات الاخلاقية، أمام النزاع الذي أوقع أكثر من 310 ألف قتيل منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011. وحتى مع اداناتهم المتكررة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ظل عجز الغرب واضحا للغاية. وكانت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل وصفت مؤخرا الوضع في حلب بأنه "عار" وانتقدت دعم روسيا وايران لـ"نظام الأسد في تحركه الوحشي ضد شعبه"، بينما أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في برلين الثلاثاء أنه "من واجبنا التصرف، انتظرنا كثيرا للقيام بذلك على المستوى السياسي. علينا التصرف على المستوى الانساني"، مذكرا بأنه دعم القيام بتدخل عسكري في عام 2013 بعد مقتل المئات باستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، قبل تخلي الولايات المتحدة عن ذلك في اللحظة الأخيرة. واعتبر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الخميس أن من واجبه التأكيد أن أوروبا "ليست غير مبالية بمعاناة الشعب السوري". وفي الأيام الماضية، كتبت صحف مختلفة في القارة الأوروبية عدة افتتاحيات تدين ذلك. وقالت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية إن حلب هي "مقبرة الشرق الاوسط للأوهام الغربية". ونددت صحيفة دي فيلت الألمانية بالصمت، مشيرة إلى أن "المجتمع الدولي كرر أنه لن يقف متفرجا مرة أخرى أمام سقوط مدنيين عزل ضحايا لاستبداد قادة دمويين. ولكن هذا كان نفاقا. لأن هذا ما يحدث تماما أمام اعيننا في حلب". تضامن خجول وكتب لوران جوفرين في صحيفة ليبراسيون الفرنسية "يمكن للرجال والنساء والاطفال في حلب أن يموتوا، فنحن لن نحرك ساكنا" محملا الرئيس الأميركي باراك اوباما مسؤولية "تراجع المشاعر الانسانية في الكوكب". ولم يكن هناك اي ضغوطات شعبية تذكر على القادة الغربيين. وعلى الرغم من تكرار صور الرعب والمأساة في حلب، ومشاركة عشرات الاف من الاشخاص صورا لأطفال قتلى أو مصابين أو مبتوري الأطراف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لم يكن هناك موجة تضامن واسعة مع المدينة السورية مثل تلك التي انطلقت في التسعينات مع البوسنة والهرسك. ومن لندن إلى وراسو، كانت موجة الاحتجاجات صغيرة للغاية وحتى في ألمانيا حيث يقيم مئات الاف من اللاجئين السوريين، لم يتم تنظيم اي تحرك كبير. وأعربت ميركل مؤخرا عن صدمتها من تظاهر مئات الالاف من الألمانيين للتنديد بمشروع معاهدة التبادل الحر عبر الأطلسي الذي تؤيده، مقابل الصمت على ما يجري في سوريا. وتشير السباحة السورية يسرى مارديني التي شاركت في اولمبياد ريو دي جانيرو الأخير ضمن فريق اللاجئين والتي اثارت قصة هروبها من بلادها الممزقة بالحرب تعاطفا دوليا، أنها تتفق مع ميركل. ولكنها تعترف "عندما أشاهد ما يحدث في سوريا، أذهب للبكاء في غرفتي كل يوم. المشكلة أنه لا يمكنني القيام بأي شيء". ويتهم محمد أبوحجر، وهو لاجئ سوري في برلين، الحكومات الغربية بالتواطؤ مع النظام السوري. ويقول اللاجئ السوري "الحكومات الغربية متورطة لدرجة أنها لم تقم بأي شيء لوقف المجازر. واختارت الجماهير تجاهل أسوأ جريمة في هذا القرن". وفي سراييفو فقط، تجمع آلاف من المتظاهرين للتضامن مع حلب. ويوضح موغو اغونيتش، الذي خبر حصار المدينة البوسنية الذي استمر 43 شهرا وأدى الى مقتل 10 الاف شخص بينهم طفلته ابنة الثماني سنوات "نحن في سراييفو ونفهم ماذا يحدث. لا يمكننا البقاء صامتين".

مشاركة :