قطر تنتهج أكثر السياسات الخارجية تناقضا وتضاربا في المنطقة بقلم: محمد الحمامصي

  • 12/17/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الباحث عرفات علي جرغون يرى أن حجم قطر وقدراتها الاستراتيجية سيحولان على المدى الطويل دون قيامها بالدور الذي رغبت فيه. العربمحمد الحمامصي [نُشرفي2016/12/17، العدد: 10488، ص(7)] قطر وتغيُّر السياسة الخارجية.. حلفاء وأعداء لطالما أثار دور السياسية الخارجية القطرية في قضايا المنطقة تساؤلات عدة، حيث برز دورها الإقليمي عقب ثورات ما سمّي بالربيع العربي باحتضانها لرعاة الإسلام السياسي وجماعاتهم المتشددة وما أفرزه تدخلهم في السلطة من فوضى وأزمات جعلت من توجهات وخيارات الخارجية القطرية محل تساؤل واتهام. ويرى الباحث عرفات علي جرغون أن تغير القيادة السياسية في قطر بوصول الأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني إلى سدة الحكم أحدث تغيرا موضوعيا في توجهات السياسة الخارجية القطرية عما كان الوضع عليه أثناء حكم والده خليفة بن حمد آل ثاني، وذلك بفعل امتلاكه رؤية واضحة لما يريد أن يحققه واستعداده لتحمل المخاطر في سبيل أن تكون قطر، وهو على رأسها، طرفا مؤثرا في خلق واقع ومستقبل المنطقة، بدلا من البقاء خارج المعادلة. وأكد في كتابه “قطر وتغيُّر السياسة الخارجية.. حلفاء وأعداء” الصادر عن دار العربي للنشر والذي يتناول فيه السياسة الخارجية القطرية ما بين عامي 1995 و2012، أنه لا يوجد هناك ما يسمى بالسياسة الخارجية القطرية، بل هناك السياسة الخارجية للأمير حمد. وأوضح “مع تولي الأمير حمد بن خليفة آل ثاني الحكم في قطر عام 1995 إثر انقلاب أبيض على أبيه، ظهر الأمير الجديد مصمما على إعادة صياغة السياسة الخارجية لبلاده بشكل يمنحها مكانة خاصة في الإقليم لا تشبه تلك التي كانت عليها من قبل، غير أنه واجه عدم ترحيب من دول مجلس التعاون وبعض الدول العربية بالانقلاب في قطر، وهو ما خلق بيئة إقليمية محيطة بقطر يمكن وصفها بأنها شبه عدائية، ما دفع الأمير الجديد إلى الارتكاز في صياغة سياسته الخارجية على الاحتماء بقوة تسانده على البقاء في الحكم أولا ثم المساعدة في تنفيذ مشروعه الخاص بتعظيم مكانة بلاده ثانيا”. ولجأ الأمير حمد إلى اعتماد سياسات المكانة في تحديد العلاقات الخارجية القطرية وتعظيم قوة ومكانة الدولة على الساحة الإقليمية، وجعل من مهمة التجديد الداخلي لخدمة أهداف السياسة الخارجية على قمة أولوياته، فكان أن أعاد صياغة سياسة جديدة تؤسس لنهج جديد في معالجة القضايا الداخلية والخارجية تتجلى في تبني خيار الانفتاح السياسي، وتعظيم قدرات بلاده الاقتصادية، والدور الذي تلعبه القوة الإعلامية في العلاقات الخارجية لدولة قطر على المستويين الإقليمي والدولي، في ظل العولمة وثورة المعلومات والاتصالات. وبالتوازي مع ذلك تحرك الأمير على المستوى الإقليمي للنفاذ إلى المستوى الدولي. فإقليميا أقام علاقات مع إيران ذات العلاقات المتوترة مع دول مجلس التعاون حتى يحيد خطرها، وفي الوقت نفسه ليستفيد من علاقته بها عبر استخدام أذرعها في المنطقة (حزب الله اللبناني، شيعة العراق، الحوثيين في اليمن) لمساعدتها في تنفيذ أجندتها الإقليمية. ويقول عرفات علي جرغون “نظر الأمير حمد إلى إسرائيل باعتبارها بوابة نفاذه إلى القطب الأوحد في العالم وهو الولايات المتحدة الأميركية، فأقام علاقات معها انطلاقا من حقيقتين؛ الأولى أنه لا يستطيع منفردا منافسة النفوذ السعودي في واشنطن، والثانية أنه يمكن أن يقنع الولايات المتحدة بإمكانية قيامه بدور وكيل أعمالها في منطقة الخليج، مقابل أن تكون قطر تحت مظلة الحماية الأميركية. وهو ما قد تقبل به واشنطن انطلاقا من الأهمية التي تحظى بها منطقة الخليج، نظرا لما تتمتع به من موارد نفطية حيوية للعالم ولاقتصاده، فضلا عن العوامل الجغرافية التي تضيف إليها الكثير من الأهمية الاستراتيجية”. وبرز الدور القطري على المسرح الإقليمي خلال الـ12 سنة الأخيرة، وفي ظل الظروف الدولية الجديدة، وما يشهده النظام الدولي من تطورات وتحولات جعلت المنطقة العربية أكثر سخونة من أي وقت مضى بسبب غزو واحتلال العراق، والتوترات في اليمن بين الحوثيين والحكومة في صنعاء، والخلافات بين الفرقاء اللبنانيين، ومحاولات تقسيم السودان، ثم الثورات العربية وبقاء القضية الفلسطينية على حالها دون حل مع استمرار إسرائيل باللعب على وتر الوقت للقضاء على القضية، لما تتمتع به من ثقل دبلوماسي قوي وفاعل وقيادة متحمسة لجعل قطر رقما مهما على الصعيدين الإقليمي والدولي، رغم انتهاجها واحدة من أكثر السياسات الخارجية في المنطقة التي تجمع بين المتناقضات والمحافظة على شبكة علاقات غاية في التعقيد والتضارب في الوقت نفسه، ما مكنها من اكتساب مكانة إقليمية وعالمية تفوق الوزن السياسي لدولة بحجمها”. ولفت الباحث إلى أن الأمير لجأ إلى دبلوماسية الوساطة مستخدما سلاح المال الذي كان حاضرا دائما على موائد التفاوض من أجل تعزيز سمعة قطر كوسيط محايد بين الأطراف المتنازعة، ما جعل من قطر بمثابة “الصديق للجميع”، وأقنع الولايات المتحدة بأهمية تعزيز دورها في المنطقة وإقامة علاقات تحالف معها، وهو ما أكسب قطر حضورا وثقلا بالمنطقة جعلها كدولة صغيرة تكسر القاعدة وتكون لاعبا مؤثرا في شؤونها. وتوصلت فصول الدراسة إلى نتيجة تكاد تكون وحيدة، مفادها أنه “لا يوجد هناك ما يسمى بالسياسة الخارجية القطرية، بل هناك السياسة الخارجية للأمير حمد”، وفسر جرغون ذلك من خلال عدد من الحقائق، منها إقامة علاقات فيها الكثير من المتناقضات سواء مع إيران أو مع إسرائيل، فبالنسبة إلى الدولة الأولى وعند موازنة الملفات المشتركة بين السياسة الخارجية القطرية والإيرانية يتضح أن الملفات الخلافية بين البلدين أكثر من الملفات التعاونية كما في ملف الأمن في الخليج، وملف الجزر الإماراتية المحتلة، وملف البرنامج النووي الإيراني، وأخيرا ملف الأزمة السورية. وعند تناول حجم العلاقات بين البلدين قياسا بالعلاقات الإيرانية مع دول خليجية أخرى، نجد أنه على الرغم من أن قطر تعد أول دولة خليجية توجه دعوة لرئيس إيراني لحضور قمة لمجلس التعاون الخليجي والتي أقيمت على أراضيها عام 2007، وبالتوازي مع ذلك تكررت زيارات المسؤولين في البلدين ومنها زيارة وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني إلى طهران في العام 2008، ثم زيارة أمير قطر حمد بن خليفة لطهران عامي 2008 و2010 والتي التقى خلالها آية الله علي خامنئي والرئيس محمود أحمدي نجاد، وزيارة وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي للدوحة في 2011. وانتهى جرغون إلى أن حجم قطر وقدراتها الاستراتيجية سيحولان على المدى الطويل دون قيامها بالدور الذي رغبت فيه، رغم إجادتها لاستخدام أدواتها. كاتب مصري :: اقرأ أيضاً مصر والسعودية.. الفرصة مواتية لتجاوز الخلافات سيرة أب صورة وطن: خواطر وذكريات من سيرة أحمد الصالحين الهوني

مشاركة :