ينتظر الآلاف من المدنيين والمقاتلين وسط برد قارس وظروف مأساوية استئناف عملية اجلائهم السبت من مدينة حلب غداة تعليق اتفاق كان بدأ تطبيقه قبل ثلاثة أيام، إثر اتهام قوات النظام السوري الفصائل المعارضة بخرقه. وقال مراسل لوكالة فرانس برس في آخر جيب تحت سيطرة الفصائل المعارضة في حلب، أن الآلاف من السكان وبينهم عدد كبير من الأطفال أمضوا ليلتهم في حيي العامرية والسكري منتظرين أي اشارات لاستئناف عملية الاجلاء. وأوضح أن كثيرين منهم ناموا في الشوارع أو دخلوا إلى المنازل المهجورة الفارغة من أي مقتنيات وأمضوا ليلتهم نائمين على الأرض في ظل تدني الحرارة إلى ست درجات تحت الصفر. ويعاني السكان من ارهاق وتعب شديدين عدا عن الجوع والعطش، ويقتات معظمهم على التمر ولا يجدون حتى مياهاً ملوثة للشرب. وكان عدد كبير من السكان توجهوا الجمعة إلى حي العامرية للخروج ضمن الحافلات، وعمد كثيرون إلى احراق مقتنيانهم واتلاف ما كان متوفراً في منازلهم من طعام ومؤونة، باعتبار أنهم لن يعودوا، ليفاجأوا إثر ذلك بتعليق تنفيذ الاتفاق. وقدّر المبعوث الدولي الخاص إلى سوريةستافان دي ميستورا الخميس أنه لا يزال نحو 40 ألف مدني عالقين في حلب وما بين 1500 إلى خمسة آلاف مقاتل مع عائلاتهم. ومنذ الخميس، تم اجلاء نحو 8500 شخص بينهم ثلاثة آلاف مقاتل من مناطق سيطرة الفصائل في حلب، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان، بموجب اتفاق تم التوصل إليه برعاية روسية تركية. وكان من المفترض أن تستمر عملية الاجلاء أياماً عدة، إلا أنه جرى تعليقها الجمعة بعدما اتهم الجيش السوري المقاتلين بخرق الاتفاق، وقال مصدر عسكري سوري لفرانس برس أن تعليق عملية الاجلاء جاءت إثر «اطلاق نار، ومحاولة أخذ مخطوفين (معهم من حلب الشرقية) ومحاولة تهريب أسلحة متوسطة في حقائب». وأجبر مقاتلون موالون للنظام قافلة تضم 800 شخصاً صباح الجمعة على العودة أدراجها بعد انطلاقها من نقطة التجمع في حي العامرية. وبحسب المرصد السوري، فإن تعليق الاتفاق جاء أيضاً إثر منع الفصائل خروج الجرحى والحالات المرضية من بلدتي الفوعة وكفريا المواليتين في محافظة ادلب (شمال غرب) المجاورة. وتضمن الاتفاق وفق مصادر قريبة من دمشق إجلاء جرحى ومرضى من بلدتي الفوعة وكفريا اللتين يحاصرهما مقاتلو المعارضة. وقال مراسل الوكالة أنه إثر عودة السكان الذين كانوا على متن القافلة، سادت حالة من الذعر في حي العامرية حيث كان الآلاف ينتظرون دورهم لمغادرة المدينة، لافتاً إلى أن العديد من العائلات أضاعت أطفالها جراء الفوضى التي عمت تزامناً مع تقدم لقوات النظام على أطراف الحي. وتواجه الفصائل المعارضة التي طمحت إلى الإطاحة بنظام الأسد، احتمال الهزيمة الكاملة في سوريةبعد خسارتها حلب، المدينة التي شهدت شوارعها تظاهرات ضخمة في العام 2011 ضد النظام قبل أن تتحول إلى جبهة مقسومة بين شطرين، واحد تحت سيطرة النظام في الغرب وآخر تحت سيطرة المعارضة في الشرق.
مشاركة :