يؤدي عدم إجراء فحص لرد الفعل تجاه دواء البنسلين إلى خطأ في تصنيف البعض، بحسب دراسة أخيرة. يكثر الطفح الجلدي في الطفولة. تنتشر تلك الكتل الحمراء المليئة بالبثور على بشرة المضيف لأسباب عدة: التهاب الأذن، أو فيروس، أو حتى رد فعل أرجي (حساسية) تجاه مضاد البنسلين الحيوي. ولكن من الصعب تحديد ما إذا كان البنسلين أو المرض هو سبب هذا الطفح. وخوفاً من أي حادث خطير، يصنّف الأطباء بعض الأولاد في خانة مَن يعانون حساسية تجاه البنسلين، إلا أن اختباراً يُجرى على البشر يُثبت أن هذه الحساسية نادرة. تذكر أليسون رامزي، طبيبة متخصصة في الحساسية في برنامج روتشيستر للصحة الإقليمية في نيويورك: «ينتقل هؤلاء الأولاد إلى مرحلة البلوغ وهم يحملون تصنيفاً أرجياً غير مثبت حقاً». يعتقد نحو 10 % من البالغين والأولاد في الولايات المتحدة مثلاً أنهم يعانون حساسية تجاه البنسلين، علماً بأن هذه أكثر أنواع حساسيات الأدوية شيوعاً. لكن 90 % ممن يظنون أنهم يعانون حساسية تجاه البنسلين ليسوا كذلك، وفق تقريرAnnals of Allergy, Asthma & Immunology لعام 2010. تضيف رامزي: «نواجه مشكلة في المغالاة في تشخيص الحساسية تجاه البنسلين». عندما أجرى باحثون من مركز سوثوسترن الطبي في جامعة تكساس في دالاس أخيراً اختباراً جلدياً لـ228 مريضاً مصابين «بحساسية تجاه البنسلين»، اتضح أن 98 % منهم لا يعانون هذه الحساسية. نشر الفريق اكتشافه في اللقاء السنوي للكلية الأميركية للحساسية، والربو، وعلم المناعة في سان فرانسيسكو. توضح رامزي أن هؤلاء لم يعانوا هذه الحساسية أساساً أو تغلبوا عليها بمرور الوقت. بغية تفادي إثارة رد فعل أرجي، يعطي الأطباء غالباً مَن يُعتبرون مصابين بحساسية ضد البنسلين مضاداً حيوياً آخر أوسع نطاقاً. مقارنة بالبنسلين، تكون هذه الأدوية غالباً أكثر كلفة، وأقل فاعلية تجاه أنواع محددة من البكتيريا، ولها عدد أكبر من التأثيرات الجانبية. أما المقلق على الصعيد الاجتماعي فهو أن استخدام مضادات حيوية أكثر شمولية قد يشجّع انتشار مقاومة المضادات الحيوية. إذاً، لا تُعتبر المبالغة في تشخيص الحساسية تجاه البنسلين خالية من المخاطر، وفق رامزي. أجرت رامزي وزملاؤها استطلاعاً للرأي شمل 276 طبيباً، ومساعد طبيب، وممرضاً مجازاً، وصيدلياً في مستشفيين تابعين لبرنامج روتشيستر للصحة الإقليمية. فاكتشفوا تدنياً ملحوظاً في معدلات اختبارات الحساسية. أفاد أكثر من 85 % من المشاركين أنهم لم يستشيروا مطلقاً طبيب حساسية أو جهاز مناعة بشأن الاختبارات الجلدية أو الحساسيات تجاه المضادات الحيوية، أو ربما أقدموا على خطوة مماثلة مرة في السنة. بالإضافة إلى ذلك، لم يعلم أكثر من 40 % أن الحساسية تجاه البنسلين قد تزول بمرور الوقت. قدمت رامزي النتائج التي توصلت إليها في لقاء عن الحساسيات. يمكن لتخصيص الوقت بغية التأكد من الإصابة بحساسية تجاه البنسلين أو نفيها أن يحد من استعمال أنواع أخرى من المضادات الحيوية. في دراسة دالاس، تراجع استعمال الفانكوميسين (مضاد حيوي قوي لا يلجأ إليه الأطباء عادةً إلا كحل أخير) بعد إجراء اختبار الحساسية تجاه البنسلين بنحو 34 %، في حين انخفض استخدام الأزتريونام الباهظ الثمن بنحو %68. تقول رامزي: «هذه نسب مهمة». وتتابع مشددةً على أهمية أن يدرك الناس ضرورة إعادة النظر في الحساسية تجاه البنسلين التي عانوها في الطفولة «لأنها ليست اضطراباً يرافق الإنسان مدى حياته».
مشاركة :