السعادة ملك للجميع وليست حكراً لأحد يتحكم فيها كما يشاء

  • 12/18/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لماذا أصبحنا نبحث عن السعادة ولا نجدها؟ كثيرٌ منا اليوم يعيش في صراع مع الحياة ومع الناس، مصالح متحركة ومع مرور الوقت لا يرى البعض سوى الطالح فقط في كل من يقابلونه، وأصبح -للأسف- فاقداً لمعاني الحياة، كالحب والتسامح والإخلاص وإعانة الآخرين (مثال وليس للجمع). كل ما يفكرون فيه هو المادة، ولا ألومهم؛ لأن الحياة هي التي تجبرهم على ذلك، ولا يدرون أن جزءاً كبيراً من السعادة يمكن أن يكمن في هؤلاء الأشخاص. مع الوقت وتعود التفكير في أن السعادة تكمن في المادة، تموت تدريجياً المعاني الأحلى والأسمى بالحياة ويبدأ الانخراط في الروتين الحياتي الذي أصبح يقتصر على النفاق وكثير من العادات السيئة، فكثير منا يحلم بأن يكون صاحب الملايين والمليارات والشركات والسيارات وأن يقف له الناس احتراماً وتبجيلاً، ولجاهه الفارغ الذي يأتي على حساب أناس آخرين، ولكنه لا يملك السعادة التي يريدها من الدنيا والتي تصور أن يجدها، بعد أن يعيش الحياة يبحث عن المادة وتضيع السنين من عمره في نفاق هذا وخدمة هذا والوشي بهذا، وأن يأخذ من وقت شيء آخر قد يكون هو مصدر سعادته وقناعته طول العمر ولم يسأل نفسه طوال هذه المدة: لِمَ أفعل هذا؟! ولأي شيء أفعل ذاك؟! سيكون الرد "أريد السعادة والجاه وما إلى ذلك من امتيازات دنيوية". ليست ممنوعةً بالطبع، ولكن يجب أن تكون مع حكمة؛ هل فقط لكي يفعل الناس معي مثلما فعلت معم من نفاق وغيره لكي أصل لما أريد، وهو السعادة الزائفة.. كثير منا إذا سُئل: إذا فتحت أمامك خزنة كبيرة بها مال يكفي ليجعلك تملك نصف العالم، فماذا ستفعل به؟! أغلبنا، من دون أن يفكر، سيقول: سأساعد الناس وأصرف على أعمال الخير وأتبرع للجمعيات الخيرية، وكل الأعمال الخيِّرة التي يمكن أن توجد على هذه الكرة الأرضية. ولكن مع الوقت، يتغير كل شيء ولا يفكر إلا في إرضاء غرائزه، التي يمكن أن تكون عبارة عن التحكم في الناس والاستعلاء عليهم وأن يحسسهم بضعفهم ونقصهم لأنهم ليسوا مثله، ومع الوقت تضيع منه كثير من معاني الحياة الأسمى، ينسى أن جلسة واحدة مع أهله، قد تكفي وتغني عن كثير من الأشياء التي تكون فقط مظهراً خارجياً، وتحجب المعنى الأساسي للسعادة وليست هي أساس السعادة. يمكن أن تكون غريباً عن أقرب الناس إليك وأن يكونوا هم غرباء عنك أيضاً، لا يدري أن جلسة واحدة مع أطفاله تساوي الكثير من ما يبحث عنه وهو أمامه ولا يراه. يجب أن نعلم أن السعادة من صنعنا ولا تهبط علينا من السماء، ومن كان ينتظر أن يحصل على كل شيء لكي يكون سعيداً، للأسف لن يحصل على شيء. وأفضل حالات السعادة هي أن تنسجم مع عقلك وروحك وجوارحك، وليست السعادة في ألا تمر بصعابٍ في حياتك أو آلام؛ بل ستجدها في تفاؤل قلبك. السعادة دائماً قد تبدو صغيرة وضئيلة عندما نحملها في أيدينا الصغيرة، ولكن عندما نتعلم كيف نتشارك فيها، سندرك كم هي كبيرة وثمينة: "يقول الأديب الروسي تولستوي: السعادة أقرب ما تكون إلينا، إننا نبحث عن السعادة غالباً وهي قريبة منا، كما نبحث في كثير من الأحيان عن النظارة وهي فوق عيوننا". قناعتي هي أن السعادة ليست في المال الكثير، ولا في الجاه الزائف، ولا في أن ينظر إلى الناس على أني متحكم في مصائر البشر، هي شعور ناتج عن عمل يحبه الإنسان فهي طاقة من الرضا وتقبّل الواقع؛ لأنك إذا تقبّلت الواقع فسيطمئن قلبك، ويستريح بالك، وستشعر بالرضا في كل شيء. يمكن أن تجد السعادة في لحظات من الماضي أو الحاضر، قد تكون هذه السعادة في مواقف قمت بها لنفسك أو قمت بها لغيرك، أو عبارة عن ابتسامة من شخص قمت بمساعدته أو ابتسامة من شخص قمت بالابتسام له من دون أي مقابل، أو جلسة مع أمي التي لم أرها منذ سنين، أو جلسة مع عائلتي التي لم أرها أيضاً منذ زمن. وإن السعادة تكمن في إسعاد الآخرين بأي طريقة من الطرق التي تستطيع فعلها: أعين طفلة صغيرة، أو نظرة فخر من أمك أو زوجتك أو أبيك أو من شخص أَعَنْته على تخطي كربة من كرب هذه الحياة التي أصبحت بائسة، ويمكن أن يحدث هذا فقط بابتسامة من دون مقابل. في النهاية، كن أنت مصدر السعادة لك ولغيرك، ولا تنتظر من أحد أن يكون هو مصدر سعادتك؛ لأنك لا تعرف سوى مفهومك أنت عن السعادة ولا تعرف مفهومها عند من تظنّهم مصدر سعادتك. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :