القاهرة (الاتحاد) تتغير الأسماء.. لكن الواقع على حاله.. من محمد إلى زميلته سارة سمير الحاصلة على برونزية الأولمبياد في رفع الأثقال أيضاً.. لا جديد.. التفاصيل ذاتها والإحباط نفسه، والكلام عينه.. فقط «السيناريو هو ما يتغير.. محمد في الفيوم وسارة في الإسماعيلية.. من الغرب إلى الشرق.. الهم واحد. في الطريق إلى سارة تقطع مسافة كبيرة في صحراء، وتتساءل: لا شك أن سارة تقطع كل تلك المسافة يومياً، وأكيد لديها سيارة، أو أن القائمين على اللعبة يوفرون حافلة لنقل الأبطال إلى حيث يتدربون وتعود بهم بعدها إلى منازلهم، وتصعق، عندما تعرف أن سارة تستقل «التوك توك» كثيراً للانتقال من بيتها إلى قاعة التدريب في الإسماعيلية، حيث تحتاج لأكثر من «توصيلة»، منها «التوك توك». سارة رغم روحها المرحة وضحكتها التي تضيء بيتها.. تبدو حزينة، لأن لا شيء تغير بعد الميدالية.. كل ما حصلت عليه كما قالت «طبل وزمر وورق».. شهادات تقدير وإشادات واحتفاليات، لا تغني ولا تسمن من جوع، وهي أيضاً حتى كتابة هذه السطور لم تتسلم شيئاً. احتاجت الرحلة إلى سارة عدة ساعات أيضاً، وسألنا كثيراً عن طريق الوصول إليها، وكان العنوان الأخير للبطلة، قاله لنا أحد البسطاء: «القصاصين.. الهوانيا.. جنب بتاع الكاوتش»، وبالفعل «بعد بتاع الكاوتش» مباشرة، اتخذنا طريقنا إلى قريتها، والتي تتصدرها المقابر، وهناك كتب الأهالي على «مقابرهم»، يهنئون ابنتهم بإنجازها في أولمبياد ريو دي جانيرو.. الموت والفرحة معاً.. هكذا الحياة. في بيت سارة، كان الاستقبال حافلاً، لكن ذلك لا ينفي أحزان الجميع البادية على وجوههم، خاصة الأم، والسبب أن ابنتهم دفعت ثمن الميدالية من مستقبلها، فقد رسبت في الثانوية العامة، ويوم وصولها من ريو، جاء إلى بيتهم ساعي البريد «بوسطجي»، يحمل رسالة، ظنوها تهنئة أو شيكاً، لكنها كانت رسالة من وزارة التربية والتعليم تؤكد أن سارة سمير قد رسبت في الثانوية العامة، لأنها غابت عنها، وكأنهم لا يعلمون أين كانت!. سارة الحاصلة على وسامين في بلدها، من الطبقتين الأولى والثالثة، لا تعرف كم عدد الميداليات التي حققتها، وتعكس قصة حصولها على برونزية ريو، إصرارها وتحديها، فقد عانت كثيراً قبل البطولة، وأصيبت ركبتها مرتين، لكنها عالجتها، وتحاملت على نفسها، وحققت مجداً وتاريخا لنفسها وبلدها. حول مشوارها، وكيف تفوقت وسط مجتمع لم يعتد كثيراً مشاركة البنات في الرياضة، تقول سارة: بالطبع عانيت كثيراً، فأنا من قرية تساءل الناس فيها كثيراً عن جدوى ما أفعله، والذي كان مغايراً لعاداتهم، لكن إصرار والدي رحمه الله والذي كان لاعباً لكرة القدم في نادي القناة، وقاني التساؤلات، وعندما بدأت أحقق الميداليات، تغير الوضع كثيراً، وأدرك الناس أنني أفعل شيئاً من أجلهم. عن تدريباتها، وكيف توفق بينها وبين الدراسة، تقول سارة: ألعب بنادي المدرسة العسكرية في الإسماعيلية، وأستقل «توك توك» من بلدي الهوانيا إلى القصاصين، ومن هناك إلى الإسماعيلية، كما أن أهلي اشتروا لي هنا مكاناً بجوار البيت يضم حجرة للتدريب فيها، وكل ما حصلت عليه من الاتحاد، هو «بارات الحديد» الصدئة التي أتدرب عليها. ... المزيد
مشاركة :