حرب العراق المقبلة على الفساد

  • 12/19/2016
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

في مظاهرات جرى تنظيمها بساحة التحرير في بغداد للمطالبة بالإصلاح الإداري ومحاربة الفساد في العراق، رُفعت لافتة مكتوب عليها "داعش والفساد وجهان لعملة واحدة"، مما يدل على أن العراقيين أدركوا العلاقة بين الفساد المستشري وضعف الدولة لمكافحة التطرف العنيف. ومع اقتراب الحكومة العراقية من نهاية معركة تحرير الأراضي العراقية من "تنظيم داعش"، فإنه ينبغي عليها وضع إستراتيجية قوية لمواجهة الفساد المتفشي في كل جزء من أجهزة الدولة. وبالطبع، فإن الفساد يقلل من الموارد المتاحة للحكومة، ويحدُّ من قدرتها على تقديم الخدمات التي يطلبها المواطن العراقي ويضُر بشرعيتها في الوقت نفسه، ويتيح مجالا أكبر للجبهات العنيفة المعارضة لكسب التأييد الشعبي. لدى الحكومة العراقية عدد من هيئات مكافحة الفساد، لكن قدرتها على ملاحقة أعمال الفساد تقتصر بشدة على تبعية المصالح السياسية، خصوصا عندما تهدد التحقيقات القيادة العليا في أي وزارة معنية. وحتى عندما تقوم هيئة النزاهة بتجميع قضايا الفساد ورفعها للقضاء، فنادرا ما تحوَّل إلى إدانات قضائية ورفعها إلى محكمة كبرى. ففي عام 2006 كشف تقرير من وزارة الخارجية الأميركية عن برامج مكافحة الفساد في العراق أن 450 قضية أُحيلت إلى المحكمة الجنائية المركزية، أدت إلى اعتقال 80 متهما، وتحويل ست قضايا فقط للبت فيها من محاكم صغرى. يبدو أن العراق لا يحتاج لأي مبادرات جديدة لمكافحة الفساد، بل يحتاج إلى إصلاح أجهزته الحالية لتمكينها من العمل باستقلال حقيقي عن النخبة السياسية. وعلى الرغم من احتمال أن يدعم المجتمع الدولي هذه العملية، فإن العنصر الأكثر أهمية أن تكون هناك إرادة سياسية حقيقية لإصلاح القيادة العراقية. والخبر السار هو أن المواطنين العراقيين يمارسون ضغوطا متزايدة للتأثير على الطبقة السياسية للتصدي للفساد. ولا شك أن الظروف المتغيِّرة في العراق الآن قد تُجبر قريبا السياسيين على أخذ تلك القضايا على محمل الجد. يجب على المجتمع الدولي ومؤسساته المالية، خاصة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، اللذين يساعدان على تمويل الحكومة العراقية، أن يعملا مع المجتمع المدني لتصعيد الضغط على الحكومة العراقية لاتخاذ خطوات واسعة نحو الإصلاح على أن تكون جهود مكافحة الفساد أكثر فاعلية. وهذا أمر مهم خصوصا أن العراق مُقبل على دورة انتخابية جديدة تتطلب بذل الجهود لإبعاد المتهمين بالفساد من الدخول فيها، لأن فساد زعيم سياسي واحد يُمكن أن يهدد شرعية العملية السياسية برمتها. وهناك خطوة واحدة يُمكن للحكومة أن تتخذها وهي أن تطلب من جميع المرشحين المتنافسين في الانتخابات البرلمانية 2018 إعلان دخولهم وأصولهم ومصالحهم المالية، وأن تطلب أيضا من المرشحين الفائزين الاستمرار في كشف هذه المعلومات سنويا خلال فترة وجودهم في السلطة. وإذا أراد المجتمع الدولي أن يُعطي مكافحة الفساد الأولوية بعد هزيمة "داعش" في العراق، فإن عليه مساعدة المجتمع المدني العراقي في مواصلة حملته لإصلاح النظام السياسي في البلاد.

مشاركة :