عمان - تتزايد المخاوف في الأردن من تأثر السياحة والاقتصاد بشكل إضافي غداة الهجوم الإرهابي في الكرك الذي أوقع عشرة قتلى بينهم سائحة كندية، في بلد يعاني أصلا من أوضاع اقتصادية صعبة بسبب أوضاع المنطقة. وتضرر قطاع السياحة في الأردن اثر أحداث "الربيع العربي" عام 2011 وسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق واسعة في العراق وسوريا فيما ترزح المملكة تحت عبء استقبال النازحين من سوريا والعراق، حيث تراجع عدد السياح والعائدات منذ ذلك الحين في بلد تجاوز دينه العام 34 مليار دولار. ويقول شاهر حمدان، رئيس جمعية وكلاء السياحة والسفر في الأردن، أن "قطاع السياحة في الأردن يتأثر بأي حدث عالمي أو إقليمي فما بالك عندما يكون حدث إرهابي في الداخل". وأضاف أن "القطاع يعاني أصلا أزمة، نحن في الأردن لدينا وضع أمني جيد مقارنة بالدول المجاورة وبالتالي أي إقلاق لوضع الأمن في الأردن سيؤدي إلى تأثير مباشر على السياحة" مشيرا إلى أن هجوم الكرك وما حصل في قلعتها التاريخية وخلال تواجد مجموعات سياحية ماليزية وكندية "سيؤدي طبعا لتأثير سيء" على قطاع السياحة. وفي المملكة عشرات المواقع السياحية أبرزها مدينة البتراء الأثرية، إحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة، والبحر الميت الذي يعد اخفض بقعة على وجه الأرض ناهيك عن خواصه العلاجية، والمغطس حيث موقع عماد السيد المسيح. وهجوم الكرك (جنوب) الذي استهدف مركزا امنيا ودوريات شرطة أسفر عن عشرة قتلى بينهم سبعة رجال امن وسائحة، قبل مقتل أربعة مسلحين تحصنوا في قلعة الكرك في رابع حدث إرهابي يقع خلال عام 2016. ويعتمد اقتصاد الأردن البالغ عدد سكانه حوالي 9.5 مليون نسمة وتشكل الصحراء نحو 92 بالمئة من مساحة أراضيه، إلى حد كبير على دخله السياحي الذي يشكل نحو 14 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي. وتراجع الدخل السياحي حتى نهاية تشرين أول أكتوبر 2016 ليبلغ 3.1 مليار دولار، فيما كان تجاوز 4 مليارات دولار عام 2015. وتأثر الوضع الاقتصادي أيضا نتيجة انقطاع الغاز المصري وسط ارتفاع أسعار النفط وتدفق اللاجئين من العراق وسوريا ثم إغلاق الحدود مع البلدين الجارين. من جانبه، يقول سميح المعايطة وزير الإعلام الأسبق والكاتب والمحلل السياسي، "نحن في منطقة ملتهبة بالتالي أي حدث من هذا النوع يؤثر حتما على السياحة والاقتصاد". وأكد أن "المسلحين الذين قتلوا في الكرك كانوا يخططون لعمليات إرهابية اكبر، لا سمح الله لو وصلت تلك الخطط لمرحلة التنفيذ لكان التأثير سيكون اكبر على الاقتصاد والسياحة". من جانب آخر، رأى حمدان أن حادث الأحد "افسد على الأردنيين فرحة الاحتفال بأعياد الميلاد المجيد ورأس السنة وهذا أيضا يؤثر على الواقع السياحي". وقرر قائمون على احتفالات أعياد الميلاد في الأردن إلغاء الاحتفالات المقررة في بلدات الفحيص (غرب عمان) ومادبا (جنوب) والحصن باربد (شمال) "تضامنا مع شهداء الوطن". كل شرطي أو سائح بات هدفا من جهته، قال محمد أبو رمان من مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية، "سابقا لم يكن رجل الأمن هدف بالنسبة للتيار (الجهادي) في الأردن وبالتالي لم يكن هناك مواجهات". وأضاف "اليوم أصبح أي شرطي أي سائح هدفا وهنا تكمن المشكلة لأنه مهما كانت قدرة أي جهاز أمني في العالم لا يمكن أن يستطيع حماية كل الأهداف خصوصا أن القائمة واسعة". واعتبر أبو رمان، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، أن "هذا النمط من الإرهاب لا يمكن لأي جهاز أمني في العالم مواجهته دون خسائر فادحة". وأكد أن "هناك نقطة تحول مرعبة في وضع التيار الجهادي في الأردن قبل سنة كنا نتحدث عن تيار في الأردن متعاطف مع الجهاديين بسبب استغلال موضوع استهداف السنة في العراق وسوريا اليوم نتحدث عن خلايا ومجموعات". وأضاف أبو رمان "بات هناك مجموعات من الشباب يشعرون بأنهم جزء من داعش وبالتالي هم جزء من معركة التنظيم مع الأردن في المنطقة". وهجوم الكرك هو الحادث الإرهابي الرابع في الأردن هذا العام. والكرك هي مسقط رأس الطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي اسقط التنظيم طائرته التي كانت تقصف الجهاديين في الرقة شمال سوريا قبل أن يبث في شباط فبراير 2015 تسجيل فيديو على الانترنت يظهر عملية إحراقه حيا في قفص. وأوقع هجوم على مكتب لدائرة المخابرات في البقعة شمال عمان في السادس من حزيران يونيو الماضي خمسة قتلى من رجال المخابرات. وقتل سبعة أشخاص في هجوم بسيارة مفخخة للتنظيم استهدف موقعا عسكريا أردنيا يقدم خدمات للاجئين السوريين أقصى شمال شرق المملكة على الحدود مع سوريا، في 21 حزيران يونيو. وأحبطت أجهزة الأمن في آذار مارس مخططا إرهابيا في محافظة إربد، مرتبط بالتنظيم ضد أهداف مدنية وعسكرية عقب مواجهات بين قوات الأمن ومسلحين أدت إلى مقتل سبعة مسلحين وضابط أمن.
مشاركة :